استعمال الأدوية التي تمنع نزول الحيض لصوم رمضان.. الإفتاء توضح الحكم
الجمعة، 14 فبراير 2025 05:10 م
السيد الطنطاوي
دار الإفتاء
أوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا للمرأة من تناول الدواء لقطع حيضها مؤقتًا لإدراك عبادة مؤقتة؛ كصوم رمضان، بشرط أمن الضرر، على أن يكون ذلك تحت إشراف طبيب ثقة متخصص.
واتفق ومركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية مع رأي دار الإفتاء المصرية، فأشار إلا أنه لامانع شرعًا من استعمال الأدوية الطبية التي تمنع نزول الحيض، إذا كان ذلك بعد استشارة الطبيب، ولا يترتب عليه ضررٌ بصحة المرأة.

وتسأل إحدى السيدات عن حكم استعمال المرأة للأدوية، التي تعمل على إيقاف نزول دم الحيض مؤقتًا، حتى تتمكن من أداء صوم رمضان؟
فقال مركز الفتوى الالكترونية: الحَمْدُ لله، والصَّلاة والسَّلام عَلى سَيِّدنا ومَولَانا رَسُولِ الله، وعَلَىٰ آله وصَحْبِه ومَن والَاه. وبعد؛ فلا مانع شرعًا من استعمال الأدوية الطبية التي تمنع نزول الحيض إذا كان ذلك بعد استشارة الطبيب، ولا يترتب عليه ضررٌ بصحة المرأة، ومع ذلك فالحيض طبيعة كتبها الله على بنات آدم، وخفف لأجله التكاليف الشرعية، والخضوع لمراد الله بترك الأمر يجري على ما قدَّره من حيضٍ ووجوبِ الإفطار بسببه أولى.. والله تعالى أعلم. وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.
وتقول دار الإفتاء المصرية، إن الحيض: هو دم جِبِلَّةٍ يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات مخصوصة -راجع: "أسنى المطالب" (1/ 99، ط. دار الكتاب الإسلامي)-، ويستمر نزول الدم بصورة دورية للنساء كل شهر تقريبًا طوال زمن الخصوبة، وهو ما بعد سن البلوغ إلى سن اليأس، ويدرك النساء بداية نوبته ونهايتها بعلامات وأمارات محسوسة، تبدأ بتدفق الدم إلى منطقة الرحم وتتابع نزوله شيئًا فشيئًا مصحوبًا باستشعار الألم والضعف واضطراب المزاج العام، وتنتهي بانقطاع الدم واعتدال المزاج.
وتختلف مدة هذه الدورة من امرأة لأخرى، فلكل امرأة عادتها المنتظمة غالبًا في الوقت الذي ينتابها فيه الحيض، وفي عدد الأيام التي يمكثها.
وروى ابن ماجه -واللفظ له- وأحمد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسَلَّمَ، لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ سَرِفَ، حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ».
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخارى" (1/ 411، ط. مكتبة الرشد، الرياض): [هذا الحديث يدل على أن الحيض مكتوب على بنات آدم فَمَنْ بعدَهن من البنات؛ كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من أصل خلقتهن الذي فيه صلاحهن، قال الله في زكريا صلى الله عليه وسلم: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ [الأنبياء: 90]. قال أهل التأويل: يعني رد الله إليها حيضها لتحمل، وهو من حكمة الباري الذي جعله سببًا للنسل، ألا ترى أن المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل، هذه عادة لا تنخرم] اهـ.
وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النساء بنقصان الدين، وهذا النقصان من حيث الأحكام الشرعية المتعلقة بهن، ولم يأت هذا الوصف على سبيل الذم، وإنما على سبيل التنبيه لهن، وحثهن على الاجتهاد والإكثار من فعل الخيرات وترك المنكرات تعويضًا لهذا النقصان، وفَسَّر عليه الصلاة والسلام نقصان الدين: بأن المرأة تترك الصلاة والصوم في أيام حيضها على وجه الإلزام الشرعي، بخلاف الرجل لا يعتريه بطبيعة خلقته ما يقتضي منعه عن الصلاة والصيام؛ ففي الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ»، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ» قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِك مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» رواه الشيخان.
ولكن لأن فريضة الصوم عبادة موسمية لا تتكرر إلا شهرًا واحدًا في العام كانت الحائض مأمورة بقضاء الأيام التي حاضتها في شهر رمضان المبارك، وليست الصلاة كذلك؛ لتكرارها خمس مرات في اليوم مما اقتضى التيسير على الحائض في إسقاط قضائها عنها؛ فَعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقَالَتْ: "أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟" قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: "كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ" رواه الشيخان.
أما تعاطي المرأة ما يسبب إيقاف الحيض بشكل مؤقت؛ طلبًا لتحصيل أداء تلك العبادة الموسمية فالأصل فيه الجواز، وقد نص على هذا من الفقهاء: السادة الحنابلة؛ قال صاحب "المغني" (1/ 221، ط. دار إحياء التراث العربي): [فصل: روي عن أحمد رحمه الله أنه قال: لا بأس أن تشرب المرأة دواءً يقطع عنها الحيض، إذا كان دواءً معروفًا] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "الروض المربع" (ص: 604، ط. مؤسسة الرسالة): [(ويباح) للمرأة (إلقاء النطفة قبل أربعين يومًا بدواء مباح)، وكذا شربه لحصول حيض لأقرب رمضان لتفطره ولقطعه، لا فعل ما يقطع حيضها بها من غير علمها] اهـ.
ولكن هذا الجواز مقيد بأمن الضرر؛ قال العلامة ابن مفلح في "المبدع" (1/ 258، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: لا بأس بشرب دواء مباح لقطع الحيض إذا أمن ضرره، نص عليه] اهـ.
وعلى هذا يحمل ما ورد عن الإمام مالك من كراهة ذلك؛ حيث سئل عن المرأة تخاف تعجيل الحيض فيوصف لها شراب تشربه لتأخير الحيض، فقال: ليس ذلك بصواب وكرهه. قال العلامة ابن رشد: إنما كرهه مخافة أن تدخل على نفسها ضررًا بذلك في جسمها. انظر: "مواهب الجليل" للعلامة الحطاب (1/ 366، ط. دار الفكر).
وفي "البيان والتحصيل" للعلامة ابن رشد المالكي (18/ 616، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال ابن كنانة: يكره ما بلغني أن النساء يصنعنه ليتعجلن به الطهر من الحيض من شرب الشجر والتعالج بها وبغيرها... فعَقَّب العلامة ابن رشد وقال: المعنى في كراهية ذلك لها: ما يخشى أن تدخل على نفسها في ذلك من الضرر بجسمها بشرب الدواء الذي قد يضر بها، وبالله التوفيق] اهـ.
فمتى ما تناولت المرأة ما يمنع نزول دم الحيض فهي على طهر ما دام قد انقطع عنها نزول الدم، ولا يثبت لها أحكام الحائض؛ لأنها تترتب على وجود الحيض والحيض نزول الدم وخروجه من محله المعهود.
قال العلامة الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 168، ومعه "حاشية الدسوقي"، ط. دار إحياء الكتب العربية): [وأما سماع ابن القاسم: فقال شيخنا: إنما هو فيمن استعملت الدواء لرفعه عن وقته المعتاد فيحكم لها بالطهر، وأما كلام ابن كنانة: فإنما هو فيمن عادتها ثمانية أيام مثلًا فاستعملت الدواء بعد ثلاثة مثلًا لرفعه بقية المدة، فيحكم لها بالطهر] اهـ.
وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (3/ 349، ط. دار الكتب العلمية): [لو شربت دواء قطع الحيض أو باعد بينه: كان ذلك طهرًا] اهـ.
وأضافت الإفتاء في خلاصة القول، أنه لا مانع شرعًا للمرأة من تناول الدواء لقطع حيضها مؤقتًا لإدراك عبادة مؤقتة؛ كصوم رمضان، بشرط أمن الضرر، على أن يكون ذلك تحت إشراف طبيب ثقة متخصص، وإذا ارتفع الدم عنها فإنها تُعدّ طاهرة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تحليل: كيف تشكّل السياسات والتقييمات حركة التداول في الأسواق العالمية قبل نهاية العام؟
16 ديسمبر 2025 04:14 م
علاقة سعر الذهب بالدولار: تاريخ من التنافس والارتباط العكسي وتحولات الأسواق العالمية
16 ديسمبر 2025 03:11 م
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر
16 ديسمبر 2025 09:36 ص
تحليل: التراجع المدفوع بتداولات الذكاء الاصطناعي يطلق موجة الشراء عند انخفاض السعر
15 ديسمبر 2025 05:06 م
أسعار جرام الذهب في السودان اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:07 م
أسعار جرام الذهب في الأردن اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:03 م
الأكثر قراءة
-
بث مباشر مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم إفريقيا 2025
-
موعد والقنوات الناقلة لمباراة برشلونة وجوادالاخارا في كأس ملك إسبانيا
-
جدول مباريات اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة
-
الأمانة العامة لدُور الإفتاء في العالم تطلق ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية
-
حفل افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير بالأوبرا ينطلق اليوم
-
حصاد منتخب مصر تحت قيادة حسام حسن قبل بطولة أمم إفريقيا 2025
-
منتخب مصر يتقدم بهدف نظيف في الشوط الأول أمام نيجيريا
-
نجلاء بدر: طلبت الطلاق بعد تعرضي لضغوط نفسية رهيبة عقب فشلي في الإنجاب
-
دار المعارف تحتفي باليوم العالمي للغة العربية بخصومات على الكتب
-
نجلاء بدر تعلن تكفلها بأيتام لأول مرة: معرفهمش وعمري ما زرتهم
أكثر الكلمات انتشاراً