الإثنين، 30 يونيو 2025

03:10 ص

علاء الدين رجب يكتب: تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على الدماغ

الأحد، 29 يونيو 2025 06:59 م

المهندس علاء الدين رجب

م/ علاء الدين رجب – خبير التحول الرقمي والتطبيقات الصناعية للذكاء الاصطناعي

م/ علاء الدين رجب – خبير التحول الرقمي والتطبيقات الصناعية للذكاء الاصطناعي

أجرى باحثون في مختبر MIT Media Lab دراسة مقارنة بعنوان: "دماغك مع ChatGPT: التراكم المعرفي عند استخدام مساعد ذكاء اصطناعي في مهمة كتابة مقال."
تتبعت الدراسة 54 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا، على مدى أربع جلسات امتدت لأربعة أشهر، حيث تم تسجيل نشاط الدماغ باستخدام جهاز تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG). وقد قُسِّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة المعتمدة على الدماغ فقط (دون استخدام أي أدوات).

المجموعة المدعومة بمحرك البحث Google.

المجموعة المدعومة بـ ChatGPT.

النتائج الرئيسية:

النشاط العصبي:

أظهرت مجموعة "الدماغ فقط" أعلى مستويات الترابط العصبي وأوسعها، خصوصًا في المناطق المرتبطة بالإبداع، واللغة، والذاكرة العاملة.

مستخدمو محركات البحث أبدوا تفاعلًا متوسطًا.

أما مستخدمو نماذج اللغة الكبيرة (LLM) مثل ChatGPT، فقد أظهروا نشاطًا دماغيًا أضعف بشكل ملحوظ.

الذاكرة والإحساس بالملكية:

واجه مستخدمو ChatGPT صعوبة في تذكّر محتوى مقالاتهم، وأفادوا بشعور أقل بامتلاك أعمالهم.

في المقابل، أظهر المشاركون في مجموعة "الدماغ فقط" قدرة شبه كاملة على التذكّر، وشعورًا قويًا بملكية المحتوى.

السلوك مع مرور الوقت:

بمرور الجلسات، تحوّل مستخدمو ChatGPT تدريجيًا من استخدامه كأداة لتنظيم الأفكار إلى نسخ المحتوى ولصقه مباشرة، مما يشير إلى كسل معرفي متزايد.

أصبحت مقالاتهم أكثر نمطية ورتابة، وتفتقر إلى الإبداع.

الأداء المقارن:

على جميع المستويات – العصبية، واللغوية، والتقييمية – أدّى مستخدمو الذكاء الاصطناعي أداءً أقل من مجموعة "الدماغ فقط".

أما من استعانوا بـ Google، فقد كان أداؤهم متوسطًا بين المجموعتين.

تبادل الأدوار في الجلسة الرابعة:

من ChatGPT إلى الدماغ: أولئك الذين استخدموا ChatGPT في السابق وكتبوا لاحقًا بدون مساعد، أظهروا استمرارًا في انخفاض نشاط الدماغ، مما يدل على "تقزّم معرفي" مستمر.

من الدماغ إلى ChatGPT: أما الذين بدأوا دون أدوات ثم استخدموا ChatGPT لاحقًا، فقد حافظوا على مستوى جيد من التفاعل العقلي، مما يشير إلى أن الاستخدام المتوازن للأدوات الذكية يمكن أن يكون مفيدًا.

السياق الأوسع والآثار المحتملة:

خطر الترديد بدون نقد: الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يعزز القبول السلبي للمخرجات دون تقييم نقدي، وقد يُكرّس الانحيازات الخوارزمية.

القلق التعليمي: يحذر المربّون وعلماء النفس من أن ChatGPT ربما يسرّع التراجع المعرفي المرتبط أصلًا بظهور الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل تراجع التفكير العميق، وقصر مدى الانتباه.

فماذا ينبغي أن نفعل؟

الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتسريع العمل، لكنه لا يُغني عن التفكير. ومثلما لا يمكن للآلة الحاسبة أن تُغني عن فهم الرياضيات، أو لنظام تحديد المواقع أن يُغني عن إدراك الاتجاهات، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تحل محل القدرة البشرية على الإبداع والنقد والتحليل.

في اللحظة التي نتوقف فيها عن التفكير النقدي، والإبداع، والتفاعل مع أفكارنا، فإننا نُخاطر بإضعاف القدرات ذاتها التي جعلتنا أذكياء منذ البداية.

ينبغي أن يكون لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بنية واضحة. نستخدمها لتعزيز التفكير، لا للهروب منه. فالهدف هو بناء مستقبل يعمل فيه كل من الإنسان والآلة معًا، لصنع حياة أكثر ذكاءً، وأغنى بالمعرفة، وأكثر إشباعًا للذات الإنسانية.

search