خطبة وزارة الأوقاف غدا الجمعة 24 أكتوبر 2025م ـ 2 جمادى الاولى 1447هـ
الخميس، 23 أكتوبر 2025 10:34 ص
السيد الطنطاوي

وزارة الأوقاف
أعلنت وزارة الأوقاف، عن موضوع خطبة غد الجمعة 24 أكتوبر 2025م الموافق 2 جمادى الاولى 1447هـ تحت عنوان “البيئة هي الرحم الثاني والأم الكبرى”.
وأوضحت وزارة الأوقاف أن الهدف من موضوع الخطبة، هو التوعية بضرورة وأهمية الحفاظ على البيئة وأثر ذلك في بناء الحضارة.
وأضافت أن الخطبة الثانية ستكون بعنوان “العنف ضد الأطفال”، مشيرة إلى أن هدفها بيان أهمية التعامل الطيب مع الأطفال والأسرة التي تعد البيئة الصغيرة التي يعيش فيها الإنسان، ويُعد العنف ضد الأطفال من الظواهر الخطيرة التي تهدد صحة ونمو الأجيال القادمة، وتؤثر بشكل مباشر على مستقبل المجتمع بأسره، وكما يرشد الإسلام أتباعه إلى الحفاظ على مكونات البيئة من حوله، وأن يكون بها بارا رحيما، لا قاسيا عنيفًا، فكذلك يأمره بأن يحافظ على بيئته الصغيرة (أسرته).
الخطبة الأولى
البيئةُ هيَ الرحمُ الثانِي والأمُّ الكُبرَى
الحمدُ للهِ الذي خلقَ فسوّى، والذي قدّرَ فهدَى، والذي أخرجَ المرْعَى فجعلهُ غثاءً أحْوَى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، أبدعَ الكونَ بنظامٍ دقيقٍ، وجعلَ لكلِّ شيءٍ قدرًا ومِقدارًا، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أرسلَهُ رحمةً للعالمينَ، فكانَ خيرَ مَنْ مشى على الأرضِ، وأكثرَهم رِفقًا بمخلوقاتِها، صلّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وصحبِهِ وسلّمَ تسليمًا كثيرًا، وبعدُ،
فالبيئةُ هيَ كتابُ اللهِ المنظورُ الذي زادَهُ اللهُ زينةً وجمالًا، وصُنْعُ اللهِ الذي تتجلّى فيهِ قدرةُ الخالقِ عظمةً وبهاءً، فالحفاظُ عليها ليسَ مجرّدَ شعاراتٍ تُرفعُ، أو فعالياتٍ تُعقدُ، بل هو جزءٌ أصيلٌ من عقيدتِنا، وعبادةٌ نتقرّبُ بها إلى ربِّنا، فالجمالُ النبويُّ في التعاملِ مع البيئةِ ليسَ مجموعةً منَ النصوصِ الواردةِ عنهُ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ، بل دعوةٌ للتفكّرِ في خلقِهِ، والحِفَاظ على صنعتِهِ، لترى في قطرةِ المطرِ حياةً، وفي ورقةِ الشجرِ آيةً، وفي صوتِ الطائرِ تسبيحةً، لتتحوّلَ مساحتُكَ الخاصّةُ إلى واحةٍ خضراءَ، فكنْ رسالةَ الجمالِ النبويِّ للعالمِ؛ لتعمرَ الأرضَ بالحبِّ، وتزيّنَها بالرحمةِ، وتملأَها بالجمالِ، ولتَتَعلّقَ بجمالِ الكونِ من حولِكَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
أيُّها النبيلُ، أمَا تأمّلتَ يومًا في تلكَ العلاقةِ الفريدةِ التي نسجَها الجنابُ المعظَّمُ في التعاملِ مع الأكوانِ؟ ألم يُرسِّخْ حضرتُهُ لمَبْدأ الاستدامةِ الزراعيةِ في مواجهةِ مشكلةِ الاحتباسِ الحراريِّ من خلالِ هذا الحديثِ: «ما مِن مسلمٍ يغرسُ غرسًا، أو يزرعُ زرعًا، فيأكلَ منهُ إنسانٌ، أو طيرٌ، أو بهيمةٌ، إلا كانَ لهُ بهِ صدقةٌ» ليبقى الأجرُ والثوابُ الأبديُّ، فتتحوّلَ الزراعةُ من مجرّدِ نشاطٍ اقتصاديٍّ إلى عبادةٍ متواصلةٍ، فكلُّ ثمرةٍ طيّبةٍ، وكلُّ ظلٍّ ممتدٍّ، وكلُّ نفَسٍ نقيٍّ يخرجُ من الغرسِ، هو رصيدٌ منَ الحسناتِ لا ينقطعُ، وأثرٌ لا ينتهي، فمهمّةُ الإصلاحِ البيئيِّ، وتعميرُ الكونِ لا تعرفُ الكلمةَ الأخيرةَ، فقِمّةُ الإيجابيةِ البيئيةِ والتعلّقِ بجمالِ الأرضِ، تتجسّدُ في هذا البيانِ المحمّديِّ: «إنْ قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةٌ، فإن استطاعَ ألا تقومَ حتى يغرسَها، فليغرسْها».
أيُّها الأكارمُ، إليكم تلكَ القاعدةَ المحمديّةَ: «إماطةُ الأذى عنِ الطريقِ صدقةٌ» التي حوّلتْ عمليةَ تنظيفِ البيئةِ المحيطةِ من مجرّدِ أعمالٍ دنيويةٍ إلى مرتبةٍ عباديّةٍ، في لفتةٍ عميقةٍ، لنظافةِ المظهرِ، ورُقيِّ الجوهرِ، ونشرِ ثقافةِ الجمالِ، ونهيٍ صريحٍ عن كلِّ مشاهدِ القُبحِ والتلوّثِ، ممّا يعكسُ نظرةً حضاريةً تتجاوزُ النظافةَ الشخصيةَ إلى النظافةِ البيئيةِ، ثمّ امتدّتِ الرحمةُ المحمديّةُ لتشملَ الحيوانَ والطيرَ، فنهى عنِ اتخاذِ الكائناتِ الحيّةِ غرضًا للرميِ، وحثَّ على سقيِ كلِّ كبدٍ رطبةٍ، وجعلَ فيها أجرًا، ووفّرَ لها الحمايةَ المُستدامةَ في صورةِ حِمى يُمنعُ فيهِ صيدُ الحيوانِ، وقطعُ الأشجارِ، وقلعُ النباتِ.
أيُّها النبلاءُ، إنَّ إجراءاتِ الجنابِ النبويِّ بمثابةِ ميثاقٍ إنسانيٍّ خالدٍ، يجمعُ بينَ الفضيلةِ الروحيّةِ والمصلحةِ الدنيويّةِ، فهو يضعُ الإنسانَ في موضعِهِ الصحيحِ كخليفةٍ مكلَّفٍ بالعمارةِ والإصلاحِ، لا بالتخريبِ والفسادِ، وفي الإرثِ النبويِّ الحلولُ المبتكرةُ لأزماتِنا البيئيةِ المعاصرةِ؛ حلولٌ لا تقومُ على القوانينِ الرادعةِ فحسبُ، بل على وازعِ الضميرِ الذي يرى في صَوْنِ الأرضِ صونًا للعقيدةِ، وفي رعايةِ الطبيعةِ رعايةً للأمانةِ، وفي كلِّ شجرةٍ مغروسةٍ أملًا مزدهرًا يُضيءُ دروبَ الأجيالِ، قالَ سبحانهُ: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.
أيُّها الكرامُ، إنَّ مسؤوليتَنا تجاهَ بيئتِنا هي مسؤوليةٌ فرديّةٌ وجماعيّةٌ، تبدأُ من كلِّ واحدٍ منّا، في بيتِهِ، وفي عملِهِ، وفي طريقِهِ، فلا تحقرنَّ منَ المعروفِ شيئًا، فإماطةُ الأذى صدقةٌ، وغرسُ شجرةٍ صدقةٌ، علينا أن نكونَ قدوةً حسنةً لغيرِنا، وأن نُربّيَ جيلًا يعي أهميّةَ هذه الأمانةِ، جيلًا يحبُّ الجمالَ ويحافظُ عليهِ، جيلًا يُدركُ أنَّ كلَّ ما في هذا الكونِ يُسبّحُ بحمدِ اللهِ، فلا يليقُ بنا أن نكونَ نحنُ سببًا في إفسادِ هذا التسبيحِ، فلنتحدْ جميعًا، أفرادًا وجماعاتٍ، من أجلِ حمايةِ كوكبِنا، ومن أجلِ مستقبلٍ أفضلَ لأبنائِنا، لنجعلْ من الحفاظِ على البيئةِ ثقافةَ حياةٍ، وسلوكًا يوميًّا، وعبادةً نرجو بها وجهَ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾.
نص الخطبة الثانية
ظاهرةَ العنفِ ضدَّ الأطفالِ هي زلزالٌ أخلاقيٌّ يضربُ أساسَ المجتمعِ
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا رسولِ اللهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن سيّدَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ.
سادتي الكرامُ، إنَّ ظاهرةَ العنفِ ضدَّ الأطفالِ هي زلزالٌ أخلاقيٌّ يضربُ أساسَ المجتمعِ، وإعلانُ قسوةٍ مُذلّةٍ على كائنٍ أعزلَ، لا يملكُ إلّا البراءةَ درعًا، والثقةَ سلاحًا، وعندما يتحوّلُ البيتُ أو المدرسةُ إلى مكانٍ يُمارَسُ فيهِ الإيذاءُ تحتَ سلطةٍ زائفةٍ، يتحوّلُ الطفلُ إلى ظلٍّ يخافُ النورَ، ويهابُ الخطوةَ، وتصبحُ الضحكةُ المكتومةُ صرخةً لا يسمعُها أحدٌ، فالعنفُ سواءٌ كانَ صفعةً عابرةً تتركُ ألمًا كامنًا في الذاكرةِ، أو كلمةً جارحةً تُعلّقُ الطفلَ بين قوسينِ منَ الشعورِ بالدونيّةِ والخوفِ منَ العقابِ، ما هوَ إلّا إفلاسٌ تربويٌّ وخيانةٌ للأمانةِ، هل نسينا توجيهاتِ النبوّةِ حينَ قالَ الحبيبُ المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، واصفًا قمّةَ الإحساسِ والرّحمةِ: «مَن لا يَرحَمْ لا يُرحَمْ».
أيُّها الآباءُ وأيّتُها الأمهاتُ، أنتمُ الغيثُ الأوّلُ الذي يسقي الحنانَ والأمانَ، فكيفَ يجوزُ للغيثِ أن يتحوّلَ إلى سوْطٍ يجلدُ الروحَ؟ أو صوتِ رعدٍ يزلزلُ الثقةَ؟ ألمْ يصِلْ إليكمُ الحنانُ النبويُّ الذي كانَ يغمرُ أطفالَ المدينةِ؟ ألمْ تدرِكوا أنَّ الطفولةَ تتوقّفُ عنها الأحكامُ الشرعيّةُ؟ إنَّ الطفولةَ هي النسقُ الروحيُّ الذي يتشكّلُ في بيئةِ العطفِ والأمانِ، لكنها مُهدَّدةٌ اليومَ بالعنفِ الإلكترونيِّ الذي يقتحمُ عُشَّ البراءةِ، حاملًا معهُ مشاهدَ عنفٍ إلكترونيّةً تُزيِّنُ القتلَ وتُطبِّعُ العدوانَ، ممّا يُؤدِّي إلى تبلُّدِ الإحساسِ لدى الطّفلِ، ودفعِهِ لمُحاكاةِ السلوكِ العدوانيِّ في واقعِهِ، تابعوا أطفالَكم، وامنعوا عنهم مشاهدَ العنفِ، واستجيبوا لهذا النداءِ الإلهيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.
رسالةٌ إلى المجتمعِ المدرسيِّ، أنتمُ الإطارُ الكبيرُ الذي يضمُّ الأطفالَ بالرحمةِ والعطفِ، فالمدرسةُ يجبُ أن تكونَ امتدادًا لدفءِ البيتِ لا مسرحًا لتمزيقِ الكرامةِ، فكلُّ نظرةِ سخريةٍ، وكلُّ إهمالٍ، وكلُّ إشارةِ استعلاءٍ تجاهَ طفلٍ لا يجدُ من يُدافعُ عنهُ، هي رصاصةٌ في صدرِ المستقبلِ، تعالوا جميعًا لندعَ الطفولةَ تزهِر في سلامٍ، تتنَفّس هواءَ الودِّ، وتستنشِق عبيرَ الحياةِ في أمنٍ وأمانٍ.
حفظَ اللهُ مصرَ من كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.
الأوقاف تصدر دليل زاد الأئمة لخطبة الجمعة القادمة 24 أكتوبر 2025م ـ 2 جمادى الاولى 1447هـ
الأزهر الشريف يفتتح أروقة تعليمية جديدة لذوي الهمم بالمحافظات
وفد من الشئون الخارجية الدنماركية يبحث مع الأزهر ترسيخ قيم التعايش وقبول الآخر
بروتوكول تعاون بين جامعتي الأزهر والقاهرة لتنفيذ الخطط المستقبليَّة لأجندة مصر 2030
بحث سبل التعاون بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية الماليزية
تخصيص عدد من الوحدات كمقرات لدار الإفتاء المصرية بالمدن الجديدة
مفتي الجمهورية يوضح حكم الشرع في تحديد جنس الجنين
دكتور شوقي علام يبين حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للمتوفى
دكتور شوقي علام: أسبابٍ موضوعية لعدم مساواة المرأة والرجل في كل شيء
مفتي الجمهورية يبين حكم صلاة المرأة بالنقاب
الدكتور شوقي علام يبين حكم الحسد وعلاجه
دار الإفتاء: الزواج مقدم على الحج للشباب في حالة واحدة
فاتتني بعض التكبيرات مع الإمام في صلاة الجنازة.. دكتور شوقي علام يوضح الحكم
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الخميس 23 أكتوبر
23 أكتوبر 2025 08:00 ص
مطار مرسى علم يستقبل 17 رحلة طيران دولية اليوم
23 أكتوبر 2025 05:01 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأربعاء 22 أكتوبر
22 أكتوبر 2025 05:00 ص
استقرار سعر اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025
22 أكتوبر 2025 02:20 ص
سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في البنوك المصرية
22 أكتوبر 2025 02:11 ص
سعر الدولار اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 استقرار ملحوظ في جميع البنوك المصرية
22 أكتوبر 2025 02:03 ص
الأكثر قراءة
-
مينا غالي يكتب: محاكمة محمد صلاح
-
توقعات الأبراج ليوم السبت 25 أكتوبر 2025 يوم الحسم العاطفي والطاقة المتجددة
-
خطبة وزارة الأوقاف غدا الجمعة 24 أكتوبر 2025م ـ 2 جمادى الاولى 1447هـ
-
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الخميس 23 أكتوبر
-
توقعات برج الحمل لعام 2026 عام القرارات الجريئة والانتصارات الشخصية
-
بنك ناصر الاجتماعي يشارك في مؤتمر "الناس والبنوك"
-
وزيرة التضامن تتابع أعمال منظومة إصدار التراخيص المؤقتة للحضانات غير المرخصة
-
القافلة التنموية الشاملة قدمت خدماتها لـ 4514 مواطنًا وأجرت 57 عملية جراحية
-
مدبولي: الدولة حريصة على دعم منظومة التعليم العالي والبحث العلمي
-
دكتور علي جمعة يوضح حكم الوضوء بعد أكل لحم الإبل
أكثر الكلمات انتشاراً