الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025

02:35 م

باحثة تطالب بإصدار فتاوى دقيقة تراعي المقاصد الشرعية والمعطيات الطبية الحديثة

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 11:43 ص

السيد الطنطاوي

خلال الندوة

خلال الندوة

أكدت الدكتورة ولاء عنتر عبد الفتاح محمد، مدرس الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في جامعة الأزهر بالقاهرة، أن التطور المتسارع في المجال الطبي، أثر على الفتوى الشرعية، مشيرة إلى أن هذا التطور أفرز نوازل ومستجدات تمس صحة الإنسان وحياته؛ ما يفرض على المتخصصين بيان الحكم الشرعي لهذه القضايا، وإصدار فتاوى دقيقة، تراعي المقاصد الشرعية، وتستوعب المعطيات الطبية الحديثة.

وقد عرضت الدكتورة ولاء عنتر عبد الفتاح محمد، بحثًا تناولت فيه أثر التطور المتسارع في المجال الطبي على الفتوى الشرعية، مبينة أن دراستها جاءت في إطار فقهي مقارن، بهدف إلقاء الضوء على العلاقة بين الفتوى والصحة، من خلال عرض مفاهيم البحث وأهمية الفتوى في القضايا الصحية، وبيان تأثير المعطيات الطبية الحديثة على الفتوى، مع تقديم نموذج تطبيقي يوضح أثر تطور الطب على تغيير الفتوى.

واختتمت البحث بعرض النتائج والتوصيات، مؤكدة أن التكامل بين الفقه والطب يحقق مصالح الفرد والمجتمع، ويعزز دور الفتوى في مواكبة النوازل الطبية المعاصرة.

جاء ذلك، ضمن فعاليات الندوة الدولية الثانية التي تنظمها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وخلال الجلسة العلمية الثانية تحت عنوان: "الفتوى ودورها في ضوء المعطيات الطبية والمعرفية الرقمية.. رؤية مقاصدية"، برئاسة سماحة الشيخ أحمد النور الحلو مفتي تشاد، وبمشاركة الدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر معقبًا، حيث شهدت الجلسة عرض عدد من الأوراق البحثية التي تناولت علاقة الفتوى بقضايا الواقع الإنساني، ولا سيما المستجدات الطبية والمعرفية المعاصرة.

 

حفظ الإنسان يصنع حضارة قوامها الرحمة والعقل والعدل

وعرض الدكتور محمد بشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وعضو الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بحثا أكد خلاله أن الفتوى في زمن التحول الطبي الحديث تواجه اختبارًا مزدوجًا يتمثل في اختبار المنهج واختبار القيم، فهي مطالبة بأن تظل وفية لمقاصد الشريعة في حفظ الإنسان، وفي الوقت ذاته تكون قادرة على استيعاب الكشوف العلمية الجديدة دون الوقوع في أَسْر المنطق الوضعي أو الذرائعية الأخلاقية التي تجرد الإنسان من سمو غايته.

وبيَّن أن الطب المعاصر، وهو يعيد تعريف مفاهيم الميلاد والموت والهوية الجينية، يضع المفتي أمام واقع تتجاوز فيه الأسئلة الحدود المألوفة للقياس الفقهي، ليصبح تحقيق المناط متعلقًا ببنية الخلق ذاتها وأصل الجينوم البشري وأثر التداخل بين الطبيعة والصناعة في تشكيل الكيان الإنساني.

وأوضح د. بشاري أن الإشكالية الجوهرية للبحث تتمثل في كيفية تفاعل المنهج الأصولي المقاصدي مع هذا الواقع الجديد الذي تتداخل فيه المختبرات مع النصوص، والعلم التجريبي مع مقاصد الوحي، دون أن يفقد الفقه استقلاله المعياري أو انضباطه القيمي، مؤكدًا أن تأسيس منهج اجتهادي جديد يعيد للفقه الإسلامي قدرته على فهم العالم وتوجيهه، ويؤكد أن الفتوى الطبية يجب أن تظل صوتًا للإنسان في مواجهة الانزلاق التقني، بما يحفظ النفس والكرامة، وينتهي إلى أن الْتقاء العلم والشرع على مقصد حفظ الإنسان يصنع حضارة قوامها الرحمة والعقل والعدل.

التحديات التي تفرضها الخصوصية الجينية على الفتوى المعاصرة

كما قدَّمت الدكتورة نشوى أنور محمد رضوان، مدرس الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ جامعة الأزهر، بحثًا تناول التحديات التي تفرضها الخصوصية الجينية على الفتوى المعاصرة، حيث استهدف البحث التكييف الفقهي المقارن لبيانات الحمض النووي (DNA) وتحديد أحكام حُرمتها.

وتناول البحث ماهية المعلومة الجينية في الفقه المقارن، وما إذا كانت تُعد سرًّا أو أمانة أو حقًّا شخصيًّا، مع تأصيل حرمتها في ضوء قواعد حفظ العورات وتحريم التجسس.

وبيَّنت الباحثة أن الدراسة وضعت ضوابط شرعية للفتوى تحمي الفرد من التمييز الوراثي، وتحدد أحكام المسؤولية والضمان المترتبة على الإفشاء غير المشروع، معتمدة على المنهج التحليلي المقارن لاستقراء فروع المذاهب الفقهية وتطبيقها على المعطيات الطبية الحديثة.

وخلص البحث إلى أن المعطيات الجينية تعد سرًّا شرعيًّا ذا حرمة معنوية لا يجوز انتهاكها إلا بإذن مستنير ومقيد، وأن الفتوى المعاصرة مطالبة بإلزام المؤسسات بضمان هذه الحرمة، بما يحقق مقاصد الشريعة في حفظ النفس والكرامة الإنسانية.

حفظ النفس الإنسانية وصونها يعدُّ من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية

وتناول الدكتور الحسيني حسن حماد، المدرس بقسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية بأسيوط – جامعة الأزهر، دَور الفتوى في الحفاظ على النفس في مواجهة النوازل الصحية، متَّخذًا من وباء فيروس كورونا COVID-19  نموذجًا تطبيقيًّا.

وأكد د. الحسيني أن حفظ النفس الإنسانية وصونها يعدُّ من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، التي ارتقت بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مرتبة الواجبات، فأوجبت اتخاذ جميع الوسائل التي تحافظ على حياة الإنسان وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر.

وأوضح أن من مظاهر صون الشريعة للنفس حمايتها في مواجهة النوازل الصحية وما يصاحبها من أضرار وهلاك، وفرض الإجراءات الاحترازية، حتى وإن استدعى الأمر تعطيل بعض العبادات والمعاملات، مشيرًا إلى أن المؤسسات المعنية بالفتوى كان لها الأثر الأكبر في مواجهة تلك النوازل، واستعرض الدور الذي قامت به المؤسسات الإفتائية في مصر، وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، خلال جائحة كورونا، من حيث التوعية بطبيعة الوباء وسبل الوقاية، وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والمعاملات، والحث على الأخذ بالأسباب الطبية والوقائية وأخذ اللقاحات المعتمدة، بما يبرز الفتوى بوصفها صمام أمان لحفظ النفس، ودليلًا على مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان.

اقرأ أيضا:

انطلاق فعاليات ندوة الفتوى وقضايا الواقع الإنساني

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 19 ديسمبر 2025م ـ 28 جمادى الآخرة 1447هـ

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 ديسمبر 2025م ـ 28 جمادى الآخرة 1447هـ

وكيل الأزهر: الفتوى من أهم الآليات الشرعية في ترسيخ قيم السلم المجتمعي

وكيل رابطة العالم الإسلامي: الفتوى تسهم في حماية الإنسان وتصون كرامته

قاضي قضاة فلسطين: محاولات انتزاع المسجد الأقصى والمقدسات لن تنجح

وزير الأوقاف: الفقيهَ الحق ينفذ ببصيرتِه إلى أحوال الناس وواقعهم ومعايشهم

مفتي الجمهورية: الفتوى صناعة علمية راسخة تقوم على أصالة الدليل ومستجدات العصر

مفتي الجمهورية يستقبل ضيوف ندوة الفتوى وقضايا الواقع الإنساني

شهر رجب يهل بعد 5 أيام

الرابط المختصر

search