الأربعاء، 30 أبريل 2025

06:17 م

محمد مطش يكتب: صياح الروح.. رحلة نحو الإنسانية

الأربعاء، 05 فبراير 2025 10:02 ص

محمد مطش

الكاتب محمد مطش

الكاتب محمد مطش

أيام معدودات ويهل علينا شهر رمضان الكريم والذي اختاره الله "عَزَّ وجَلّ" ليكون بمثابة اختبار للإرادة الإنسانية، ومقدرة الفرد على السيطرة على النوازع المختلفة، فهو يُعد فرصة عظيمة لمن أدركه وقام بحقه وحفظ حُرماته؛ لينال الثواب وتكون خطوة لمحو الذنوب.


ومن هذا المنطلق وجدت نفسي اكتب الكلمات التالية للتعبير عن روحانيات الشهر الكريم وفضله المبارك، فالصيام هو الامتناع عن الطعام والشراب والرغبات لساعات محدودة حتى يشعر الغنى بالفقر ايمانًا بأهمية التضامن ولكي يكون الفرد أكثر إدراكًا لحاجة الفقير من مشرب ومأكل ومسكن؛ فتكثر الحسنات ويتبادل الناس فيما بينهم الخير والرزق وتسود روح المحبة والتسامح في هذا الشهر الكريم.


وإذا كان قد منعنا الله عز وجل عن ما هو حلال، فما بالكم بما هو محرم، إن هناك ضرورة ملحة لعفة النفس عن الأذى والأضرار والبعد عن الرذائل والمنكرات التي تفسد الصيام، فصفاء النفس والبعد عن الكراهية والغيبة والنميمة أهم بكثير من الامتناع عن الأمور المادية، فكم من صائم يقوم بالسباب وقذف المحصنات وذكر أعراض الناس.

 وكم من صائم لا يتق الله في معاملاته ويأخذ من الشهر الفضيل حجة للامتناع عن العمل والتقصير في أمور حياته اليومية، وكم من صائم يقوم بالتزوير والرشوة والقيام بأعمال لا يقبلها العقل ولا القلب على حد سواء، فصيام المسلم هدفه التقرب من الله والقيام بالأعمال الصالحة ونشر روح التسامح والمصالحة مع الآخر.


في الشهر الفضيل تكثر أعمال الخير فيقف القادر بجوار المحروم، والمالك مع من لا يستطيع، فيتكاتف الأفراد الصالحين لمساعدة ذوي الأمراض الخطيرة ومن يحتاجون يد العون للمأوى والعلاج وتوفير الطعام المناسب لهم.


شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ۚ فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، فعلى كل مسلم بالغ عاقل ضرورة اتباع أوامر وتعاليم وقيم الشهر الفضيل، وغرس ثقافة المحبة والكرم والجود بين أفراد عائلته لنشر ثقافة التضامن والشعور بالغير حتى يعم الوئام والسلام بين أفراد المجتمع الواحد بكل أطيافه وفئاته المختلفة.


شهر الصوم يدعونا دائما إلى التجمع ولم شمل الأسر على مائدة واحدة ليس للغيبة والنميمة والخوض في أعراض البشر، ولكن حتى ترتبط الأسرة ببعضها ويسود الوئام والمحبة بين أفرادها ويكونوا جميعًا قادرين على مساعدة البعض إن احتاج الأمر لذلك وكذلك لقيام الصلاة والحس على المعروف والبعد عن المنكر.


إن الصيام في شهر رمضان ليس مجرد عبادة روحية فقط، بل هو فرصة عظيمة لتحقيق النفع الإنساني على كافة الأصعدة، من خلال الامتناع عن كل ما هو مكروه.

 نعيد ترتيب أولوياتنا ونوجه اهتمامنا نحو القيم الحميدة والسلوكيات الإيجابية.

 هذا الشهر الكريم يتيح لنا الوقت للتفكر والتأمل، ويعزز من قدرتنا على التغلب على الانتكاسات النفسية والاجتماعية.


لقد أظهرنا، من خلال هذه الممارسات، أن الالتزام بالأخلاق الحميدة والابتعاد عن السلوكيات السلبية يرفع شأن أعمالنا إلى أعلى المستويات، مما يجعلها مقبولة عند الله، وأن الاهتمام بكل ما هو صالح وتوجيه جهودنا نحو تحسين أنفسنا ومجتمعاتنا يجعلنا نعيش رمضان بروحٍ نقية، خالية من الأحقاد والمشاكل.

فلنعمل جميعًا على استثمار هذا الشهر المبارك كفرصة جديدة لإعادة بناء أنفسنا، ونسعى لفعل الخيرات، ونغمر قلوبنا بالمحبة والتسامح.
اتمنى من الله أن يبلغ جميع الشعوب العربية والإسلامية رمضان وهم على عزيمة وهمة رجل واحد لبناء أمة إسلامية قوية وراسخة تكون مصدرًا للفخر والاعتزاز، وأن يبعد عنا شرور الانقسامات والتفرق والتشتيت. 

فصيام الروح والارتقاء بالذات لا تفارق صيام الجسد بالامتناع عن الطعام والشراب. واللهم تقبل منا ومنكم صالح الأعمال بإذن الله.

search