الخميس، 08 مايو 2025

06:21 ص

4 عقود من العداء.. الحروب الهندية الباكستانية من التقسيم إلى كارجيل

الأحد، 04 مايو 2025 12:35 م

باسم ياسر

الحروب الهندية الباكستانية

الحروب الهندية الباكستانية

منذ ولادة الهند وباكستان من رحم الاستعمار البريطاني عام 1947، لم يعرف البلدان سلامًا دائمًا.

 توالت الحروب والنزاعات بين الجارين اللدودين، معظمها اندلع على خلفية الصراع التاريخي حول إقليم كشمير، باستثناء الحرب الثالثة التي كانت نتيجة لحرب تحرير بنغلادش. 

الحروب الأربعة الرئيسية التي خاضها الطرفان، إلى جانب الاشتباكات الحدودية والمواجهات السياسية، شكّلت ملامح العلاقة بين أكبر دولتين في جنوب آسيا.

جذور النزاع: التقسيم الدموي وتداعياته

عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومع الانهيار التدريجي للإمبراطورية البريطانية، جاء تقسيم الهند البريطانية إلى دولتين: دومينيون الهند ودومينيون باكستان.

 كان الهدف من هذا التقسيم إنشاء دولة ذات أغلبية مسلمة (باكستان) وأخرى هندوسية (الهند)، لكن الواقع أثبت أنه لم يكن انفصالًا نقيًا كما كان مأمولًا.

أدى العنف الطائفي أثناء التقسيم إلى مذبحة إنسانية، حيث قُتل ما بين 200 ألف إلى مليوني شخص، وتسبب في نزوح جماعي بلغ نحو 14 مليون إنسان، مما جعل المنطقة أرضًا خصبة لنزاعات مستمرة.

 وُضعت الولايات الأميرية أمام خيار الانضمام للهند أو باكستان، وهو ما شكّل بذرة النزاع الأبرز: كشمير.

الحرب الأولى: كشمير تشعل شرارة الدم (1947 – 1948)

بدأت أولى الحروب بين البلدين في أكتوبر 1947، حين تسللت قبائل مسلحة مدعومة من باكستان إلى ولاية جامو وكشمير، وخشي حاكم الولاية، الماهاراجا هاري سينغ، من سقوطها بيد باكستان، فلجأ إلى الهند ووقّع وثيقة الانضمام مقابل دعم عسكري.

تدخل مجلس الأمن الدولي، وأصدر قراره رقم 47 في أبريل 1948، داعيًا إلى وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتحديد مصير الإقليم، وهو ما لم يُنفذ حتى اليوم. 

انتهت الحرب في يناير 1949، وأسفر النزاع عن تقسيم الإقليم بين الطرفين: الهند احتفظت بكشمير وجامو ولاداخ، فيما سيطرت باكستان على ما أصبح يُعرف بـ"كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية".

الحرب الثانية: عملية "جبرالتار" والنكسة الباكستانية (1965)

في أغسطس 1965، أطلقت باكستان عملية "جبرالتار" لتأجيج التمرد ضد الحكم الهندي في كشمير عبر تسلل عناصر إلى داخل الإقليم، وردت الهند بحملة عسكرية واسعة، شهدت واحدة من أكبر معارك الدبابات منذ الحرب العالمية الثانية.

استمرت الحرب 17 يومًا وأسفرت عن آلاف القتلى من الجانبين، قبل أن تتدخل القوى الكبرى وتفض الاشتباك عبر إعلان طشقند، وأنتهت الحرب دون تغير جوهري في حدود السيطرة، لكن الهند خرجت منها متفوقة عسكريًا ونفسيًا.

الحرب الثالثة: ولادة بنجلاديش ونهاية باكستان الشرقية (1971)

هذه الحرب كانت مختلفة، إذ لم تكن كشمير سببها. اندلعت نتيجة الاضطرابات السياسية في باكستان الشرقية (حاليًا بنجلاديش)، حيث سُحق النضال الديمقراطي بقيادة الشيخ مجيب الرحمن بالقوة العسكرية من قبل نظام إسلام آباد، وقُتل عشرات الآلاف، وفرّ نحو 10 ملايين لاجئ إلى الهند، ما دفع الأخيرة للتدخل عسكريًا دعمًا لحركة الاستقلال.

في ديسمبر 1971، شنت باكستان هجومًا استباقيًا، وردت عليه الهند باكتساح بري، خصوصًا في الشرق، حيث استسلم أكثر من 90 ألف جندي باكستاني، وأُعلنت جمهورية بنجلاديش رسميًا، وشكّلت تلك الحرب أسوأ هزيمة عسكرية في تاريخ باكستان.

الحرب الرابعة: كارجيل.. معركة المرتفعات (1999)

رغم توقيع اتفاقية "لاهور" للسلام في فبراير 1999، تسللت قوات باكستانية مدعومة من وحدات النخبة إلى منطقة كارجيل داخل كشمير الهندية في مايو من نفس العام. هدف العملية كان السيطرة على المرتفعات الاستراتيجية، لكنها واجهت ردًا هنديًا عسكريًا ودبلوماسيًا حازمًا.

استعادت القوات الهندية معظم الأراضي خلال شهرين، ورضخت باكستان لضغط دولي بقيادة الولايات المتحدة، وانسحبت. أُعتبرت حرب كارجيل هزيمة قاسية للجيش الباكستاني، خاصة مع رفض الحكومة استقبال جثث الجنود، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا.

سلام هشّ على فوهة بركان

رغم توقيع العديد من الاتفاقيات، أبرزها اتفاقية سيملا (1972)، لا تزال العلاقة بين الهند وباكستان متوترة. التحديات النووية، وتصاعد النزعة القومية، والاشتباكات الحدودية المستمرة في كشمير، تجعل من الصعب الحديث عن سلام دائم.

إقرأ أيضًا:

حرب 1971 بين الهند وباكستان: 13 يومًا غيّرت خريطة جنوب آسيا

تقسيم الهند وباكستان عام 1947.. ميلاد دولتين ونزيف تاريخي مستمر

search