محمد حامد يكتب: يوسف بك وهبى.. عميد المسرح الذى أسس لسينما مصرية خالدة
الثلاثاء، 06 مايو 2025 01:44 م

محمد حامد
في قلب النهضة الفنية المصرية، يلمع اسم يوسف بك وهبى كأحد الأعمدة الأساسية التي أسست للفن المصرى كما نعرفه اليوم. فلم يكن يوسف وهبى مجرد ممثل أو مخرج أو منتج أو مؤلف، بل كان مشروعًا فنيًا متكاملاً يعكس تطور المجتمع فى مصر والعالم العربى.
ولد يوسف وهبى في 17 يوليو 1898 بمدينة الفيوم، لعائلة غنية وذات شأن. والده "عبد الله باشا وهبى" كان مفتشًا للرى بالفيوم، وكان من الطبيعي أن يُنتظر من الابن أن يسلك طريق عائلته الثرية، لكن يوسف اختار طريقاً آخر، هو طريق الفن، وواجه في سبيله كثيراً من المعارضة من والده الذى ألحق يوسف بالمدرسة الزراعية فى محاولة منه لإصلاحه وتهذيبه.
لم يستجب يوسف وهبى وهرب إلى إيطاليا ليتعلم المسرح، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا، تاركاً له ولأخوته ثروة كبيرة. وهبى الذى عاد إلى مصر مشحونًا بأفكار المسرح الأوروبى وأساليبه، كانت رؤيته واضحة لتحديث المسرح المصرى وقتذاك، فقام بتأسيس فرقة رمسيس عام 1923، وهى التي حملت على عاتقها تقديم المسرح الجاد، التراچيدى والواقعى، في وقت كان يغلب فيه المسرح الكوميدى وأبطاله نجيب الريحانى (مسرح الريحانى)، وعلى الكسار (مسرح الماجستيك).
اقتحم يوسف وهبى عالم السينما بقوة، فكتب وأخرج وشارك بالتمثيل فى العديد من الأفلام التى صنعت تاريخ السينما المصرية، وكان من أوائل من قدّموا السينما كوسيلة للفكر والنقد الاجتماعى، لا مجرد وسيلة تسلية.
بدأ يوسف وهبى مشواره فى السينما، بفيلم "أولاد ذوات" (1932) من إخراج صديقه المقرب المخرج محمد كريم، وهو أول فيلم مصرى ناطق. ثم انطلق وهبى بعد ذلك فى عالم السينما فقام ببطولة وإخراج وتأليف العديد من أفلام السينما التى تعتبر علامات فى تاريخ الفن السابع. وخلال هذه الرحلة قدم يوسف وهبى العديد من الفنانين والمخرجين لأول مرة على الشاشة الفضية، مثل أمينة رزق، ومحمود المليجى، وفريد شوقى، وأنور وجدى، ونور الهدى، وفاخر فاخر، ومحمد فوزى، وغيرهم الكثيرين.
قدم وهبى العديد من الأفلام البارزة فى تاريخ السينما المصرية، تم اختيار 6 أفلام منها فى قائمة أفضل 100 فيلم مصري، بمناسبة مئوية السينما المصرية، وهى أفلام "غرام وانتقام" (1944) من تأليفه وإخراجه وبطولته مع المطربة أسمهان. عند مشاهدة الملك فاروق لأول عرض للفيلم بسينما ريفولى بالقاهرة، أُعجب به وقرر منح يوسف وهبى رتبة البكوية. الخمس أفلام الأخرى هى "غزل البنات" (1949) إخراج أنور وجدى، و"حياة أو موت" (1954) للمخرج كمال الشيخ، و"القاهرة 30" (1966) للمخرج صلاح أبوسيف، و"ميرامار" (1969) للمخرج كمال الشيخ، و"الاختيار" (1971) للمخرج العالمى يوسف شاهين.
قام يوسف وهبى ببطولة وتأليف وإخراج فيلم من أجرأ الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، وهو فيلم "سفير جهنم" (1945)، الذى قام فيه بدور الشيطان الذى يحاول استقطاب أسرة كاملة لطريقه. ويروى الفيلم كيف يضعف أفراد الأسرة أمام إغراءات الشيطان ليقودهم إلى طريق جهنم. ثم يستيقظ أفراد الأسرة من النوم فيكتشفون أنهم جميعاً رأوا نفس الحلم المرعب، فيقسمون بعدم الشكوى من أحوالهم مجدداً لأنَّ حالهم أفضل ممَّا رأوه فى الحلم.
لا نستطيع الحديث عن أفلام يوسف وهبى دون الإشارة إلى فيلم "بيومى أفندى" (1949)، والذى قام بتأليفه وإخراجه وبطولته وشارك فى البطولة ميمى شكيب وكمال حسين وفاتن حمامة وفاخر فاخر وسراج منير وإيفون ماضى، ويتحدث فيه عن قضية ابن الخطيئة ونظرة المجتمع له.
ورغم أن يوسف وهبى هو عميد المسرح العربى وملك التراچيديا والذى قام بأدوار هامة فى أفلام مثل "كرسى الإعتراف" و"ابن الحداد" و"الفنان العظيم" و"الطريق المستقيم" و"أولاد الفقراء" و"أولاد الشوارع" و"ساعة التنفيذ" و"رجل لا ينام"، إلا أنه أبهر الجميع عندما قَدَّم فى السينما أدوراً كوميدية لا تُنسى. فمن ينسى دوره العبقرى فى فيلم "إشاعة حب" (1960) للمخرج فطين عبدالوهاب، وهو يقدم شخصية عبد القادر النشاشجى زير النساء الماكر الذى يخدع زوجته بطريقة فكاهية، ثم يحاول تغيير شخصية ابن أخيه حسين (عمر الشريف)، لكى يزوجه من ابنته (سعاد حسنى)، ليقدم فاصلاً من الكوميديا النظيفة الراقية، بطريقة لا تصيب المشاهد بالملل حتى لو شاهد الفيلم مئات المرات. وهو نفس الدور تقريبا الذى قدمه بعد ذلك فى فيلم "اعترافات زوج" (1964) مع نفس المخرج، بطولة فؤاد المهندس وشويكار ومارى منيب ولكن بأسلوب مختلف قليلاً.
قدم يوسف وهبى أيضاً الكوميديا فى فيلم "شنبو فى المصيدة" (1968) للمخرج حسام الدين مصطفى، وظلت كلمته التى رددها فى الفيلم (إنسان أنوى) فى ذهن كل من شاهد الفيلم الذى قام ببطولته فؤاد المهندس وشويكار أيضاً.
كتب يوسف وهبى مذكراته بعنوان "عشت ألف عام"، والتى سجل فيها أهم محطات حياته مؤرخاً لفترة هامة فى تاريخ الفن المصرى.
تزوج يوسف بك وهبى ثلاث مرات. زوجته الأولى كانت ممثلة إيطالية تُدعى "إلينا لوندا"، عاش معها 3 سنوات ثم انفصلا بسبب الغيرة. ثم تزوج من السيدة "عائشة هانم فهمى" وكانت تحبه بجنون ووقفت معه أثناء أزماته المالية المتكررة بسبب الفن ودعمته كثيراً، خاصة أنها كانت من عائلة ثرية جداً، ولكن غيرتها الشديدة عليه أيضاً أنهت هذا الزواج فى المحاكم. زوجته الأخيرة كانت السيدة "سعيدة منصور" وهى كانت تعتبر بمثابة الابنة لزوجته السابقة "عائشة فهمى" وحاولت "سعيدة" كثيراً (بشهادته) الإصلاح بينه وبين زوجته دون جدوى، ثم نشأت علاقة حب بينهما انتهت بالزواج، وظلت شريكة حياته حتى وفاته عام 1982.
اليوم، وبعد عقود من رحيله، لا تزال أعمال يوسف بك وهبى تُدرّس وتُعرض، وتُلهم الكثير من صناع الفن فى مصر والوطن العربى. ليس فقط لأنه كان فناناً بارعاً، بل لأنه كان رائداً، سابقاً لعصره، آمن بأن الفن رسالة ومسئولية، فأعطى الفن حياته وماله فأعطاه الفن الخلود فى قلوب عشاق الفن ومنتسبيه.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025
06 مايو 2025 07:00 ص
سعر الدولار الأمريكي اليوم الاثنين 5 مايو 2025
05 مايو 2025 12:54 م
سعر الجنيه الاسترليني اليوم الاثنين 5 مايو 2025
05 مايو 2025 12:18 م
سعر الدرهم الإماراتي اليوم الاثنين 5 مايو 2025
05 مايو 2025 12:15 م
سعر الريال السعودي اليوم الاثنين 5 مايو 2025
05 مايو 2025 12:12 م
استقرار سعر اليورو اليوم الاثنين 5 مايو 2025
05 مايو 2025 12:10 م
الأكثر قراءة
-
محمد حامد يكتب: يوسف بك وهبى.. عميد المسرح الذى أسس لسينما مصرية خالدة
-
وفد من "مجموعة فيينا" في ضيافة دار الإفتاء المصرية
-
بحث سُبل تعزيز التعاون بين دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف القطرية
-
المركز الثقافى النمساوى يستضيف معرضا للحرف اليدوية التقليدية المصرية
-
الثقافة تطلق مشروع “أهلًا وسهلًا بالطلبة” لدخول المسارح والمتاحف بتخفيض 50%
أكثر الكلمات انتشاراً