محمد حامد يكتب: سينما المخابرات.. كيف خلدت أبطال الظل
الإثنين، 12 مايو 2025 08:29 م

محمد حامد
تحتل أفلام المخابرات مكانة خاصة فى تاريخ السينما المصرية. فهى ليست مجرد أفلام تحكى عن صراعات خفية وبطولات من نوع نادر، بل نوع من الدراما الوطنية التى تخاطب الوجدان، وتعظم الإحساس بالفخر والإنتماء.
ورغم أن عالم المخابرات الحقيقى مغلق ومحاط بالسرية، فإن الشاشة الفضية استطاعت أن تفتحه قليلاً لنا، ومنحتنا صورة أقرب لرجال تعمل فى الظل فى صمت لحماية الوطن.
بدأت السينما المصرية مبكراً فى إنتاج أفلام الجاسوسية والمخابرات. ففى عام (1960) أنتج وكتب وأخرج الفنان (حسين صدقى) فيلم "وطنى وحبى" والذى قام ببطولته أيضاً ومعه الفنانة اللبنانية قمر وعمر الحريرى وصلاح منصور وهالة شوكت. ويحكى الفيلم عن الضابط وحيد الذى يسافر إلى دمشق فى مهمة سرية، وهناك يلتقى بهالة التى تعمل بالصحافة وتنشأ بينهما قصة حب. تعرض عليه إحدى المنظمات المشبوهه العمل لحسابها للحصول عن معلومات حول الجيش المصرى مقابل مبلغ كبير من المال، فيجاريهم وحيد ويتظاهر بقبول المهمة، ويسافر إلى القاهرة لإبلاغ السلطات، وتلحق به هالة، وتكتشف علاقته بالعصابة وتظن أنه يعمل فى مؤامرة ضد بلاده وأنه خائن وتبلغ عنه السلطات المصرية ولكنها تعرف الحقيقة فى آخر الفيلم ويتم القبض على أفراد شبكة التجسس الدولية.
وشهد عام (1964) إنتاج فيلم "الجاسوس" من إنتاج وتأليف وبطولة فريد شوقى وقد شاركه فى كتابة الفيلم بدر نوفل وعبدالحى أديب ومحمد أبويوسف. شارك شوقى بطولة الفيلم الفنان عادل أدهم وصلاح نظمى وعزت العلايلى والممثلة الدنماركية (آن سميرنر). يحكى الفيلم قصة الضابط البحرى (عصام – فريد شوقى) من المخابرات المصرية والذى استطاع أن يكشف شبكة تجسس لحساب إسرائيل زعيمها ماركو الذى كان يعمل خبيراً بحرياً سابقاً فى إسرائيل، ومن خلال إدارته لمصنع تحف بخان الخليلى وبمساعدة المغنية سارة استطاعا تجنيد بعض الشباب العاملين فى الجيش المصرى واستخدامهم فى التجسس على تسليح الجيش.
من الأفلام التى تناولت الجاسوسية أيضا ولكنها غير مشهورة، فيلم "أريد حباً وحناناً" (1978) للمخرج نجدى حافظ وبطولة ميرڤت أمين وفريد شوقى وعادل أدهم ونبيل نورالدين. ويحكى الفيلم عن (منى) المخطوبة للمهندس حسين ولكنها تتردد في قرار زواجها اثر عودة حبها الأول سمير من الخارج. تكتشف منى أن سمير يعمل جاسوساً لصالح إسرائيل، فتقرر المساعدة فى القبض على شبكة التجسس التي يقودها سمير.
وبمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر من نفس العام (1978) تقدم السينما المصرية فيلماً سيظل علامة فى تاريخ أفلام المخابرات وهو فيلم "الصعود للهاوية" للمخرج الكبير كمال الشيخ ومن تأليف الكاتب المتخصص فى كتابة أفلام المخابرات صالح مرسى صاحب مسلسل رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحة وفخ الجواسيس. شارك فى كتابة هذا الفيلم ماهر عبد الحميد وهو أحد رجال المخابرات المصرية وصاحب أول قصة جاسوسية تُنشر في كتاب بعنوان (قصتى مع الجاسوس). الفيلم بطولة الفنانة مديحة كامل ومحمود يس وعماد حمدى ويدور حول الفتاة المصرية "عبلة" التى يتم تجنيدها من قبل المخابرات الإسرائيلية فى فترة حرب الإستنزاف لتتجسس على مصر ولكن يتم كشفها فى باريس، لتستلمها المخابرات المصرية وتطير بها إلى مصر، حيث أُحيلت إلى المحاكمة وتم إعدامها. يُذكر أن قصة الفيلم حقيقية عن الجاسوسة هبة سليم. تميز الفيلم بجرأة الطرح والتشويق العالى، وأثبت أن أفلام المخابرات قادرة على تحقيق نجاح جماهيرى واسع، وليست لمجرد التوثيق.
فى عام (1985) قدمت السينما المصرية أحد أهم أفلام المخابرات وهو فيلم "إعدام ميت" للمخرج على عبدالخالق ومن تأليف إبراهيم مسعود وبطولة محمود عبدالعزيز (الجاسوس منصور - الضابط عز) وفريد شوقى ويحيى الفخرانى وبوسى وليلى علوى والفنان الكبير إبراهيم الشامى. وتدور أحداث الفيلم 1972 حيث ألقت المخابرات المصرية القبض على منصور الشاب الذى يعمل جاسوس لصالح إسرائيل ويُحكم عليه بالإعدام، وتقوم المخابرات المصرية بإرسال ضابط مصرى يشبه منصور ليطمئن إلى إشاعة وجود قنبلة نووية لدى إسرائيل بعد تدريب منصور له. وبعد اجتياز الضابط عزالدين لمهمته بنجاح يكتشف والد منصور حقيقته فيبلغ أبو جودة ضابط المخابرات الإسرائيلية بالحقيقة. يطلب والد منصور من المخابرات الإسرائيلية إحضار ابنه وفعلاً تتفق المخابرات المصرية مع المخابرات الإسرائيلية على مبادلة 3 طيارين إسرائيليين ومعهم منصور مقابل تسليمهم عزالدين، ويذهب الشيخ مساعد والد منصور إلى مكان تبادل الأسرى وهناك يقتل ابنه تطهيراً له من خيانة الوطن.
بعد هذا الفيلم بعامين وتحديداً عاما (1987)، يقدم نفس المخرج ونفس المؤلف فيلم مخابراتى هام جداً أيضاً وهو فيلم "بئر الخيانة" للنجم نور الشريف ومعه عزت العلايلى وعبدالعزيز مخيون ودلال عبدالعزيز. الفيلم مستوحى من ملفات المخابرات المصرية وتدور أحداثه حول جابر الذى يعمل فى الميناء ويعيش حياته من سرقة البضائع ويتم القبض عليه وترحيله للجيش، فيقرر الهروب من الجيش وبعدها إلى إيطاليا، وذات يوم يدخل السفارة الإسرائيلية دون علم بحثًا عن عمل يسترزق منه، وهنا تجنده المخابرات الإسرائيلية وتبدأ منذ ذلك الحين قصته مع الجاسوسية حتى تستطيع المخابرات المصرية القبض عليه وترحيله إلى مصر فى تابوت ليُحكم عليه بالإعدام ويقوم هو بالانتحار قبل تنفيذ حكم الإعدام.
قدمت السينما المصرية أيضا فى عاما (1992) فيلم "فخ الجواسيس" للمخرج أشرف فهمى وبطولة هالة صدقى ومحمود عبدالعزيز وخالد محمود وأحمد خليل. يحكى الفيلم عن فتاة مصرية تُدعى داليا والتى تتورط فى التجسس لصالح الموساد، حتى تكتشف المخابرات المصرية أمرها، ويقود الضابط محيى عملية معقدة لكشفها ومحاصرتها. بعد خطة محكمة تتضمن خداع نفسى وإيهامها بمقتل شقيقها فى إحدى الغارات الإسرائيلية على أحد المواقع التى أبلغت إسرائيل بها، تنهار وتعترف بخيانتها، ثم تتحول إلى أداة للإيقاع بأحد أخطر الجواسيس الإسرائيليين (أبوهارون) وتنتهى القصة بنجاح العملية واستخدام داليا كفخ لجواسيس الموساد.
قامت نادية الجندى ببطولة عدة أفلام يُمكن أن يندرج تحت بند أفلام الجاسوسية والمخابرات مثل فيلم "مهمة فى تل أبيب" (1992) للمخرج نادر جلال من تأليف بشير الديك وبطولة كمال الشناوى وسعيد عبدالغنى ويوسف فوزى ومعهم محمد مختار (زوجها فى ذلك الوقت ومنتج الفيلم). الفيلم يحكى عن (آمال) التى تعيش فى باريس وتعمل جاسوسة لحساب إسرائيل لكنها تندم وتقرر أن تعمل مع المخابرات المصرية كعميلة مزدوجة. تكلفها المخابرات المصرية بمهمة فى إسرائيل وتنجح فيها ولكن تستطيع المخابرات الإسرائيلية كشفها وتلقى أنواعاً من العذاب الوحشى حتى يتمكن رجال المخابرات المصرية من تهريبها من المستشفى وإرجاعها إلى مصر بسلام.
فى عام (1994) كتب لها بشير الديك فيلم آخر هو "الجاسوسة حكمت فهمى" للمخرج حسام الدين مصطفى وشارك نادية الجندى فى البطولة فاروق الفيشاوى وحسين فهمى ويحكى الفيلم قصة الراقصة حكمت فهمى التى قامت بالتجسس لصالح الألمان ضد الإنجليز خلال الحرب العالمية الثانية متصوره أن ذلك سوف يساعد على تخليص مصر من الإحتلال البريطانى.
أيضاً قامت نادية الجندى ببطولة فيلم "48 ساعة فى إسرائيل" (1998) للمخرج نادر جلال وشاركها فى البطولة فاروق الفيشاوى أيضاً ومعه محمد مختار والفنان القدير السيد راضى ومحمد رياض. ويحكى الفيلم قصة (أمل) التى قامت بتربية أخيها الصغير (نصر) بعد وفاة أهلها فى إحدى غارات إسرائيل على مدينة بورسعيد الباسلة أثناء النكسة. عندما يكبر (نصر)، يلتحق بالمخابرات المصرية ويسافر فى مهمة إلى اليونان، لكنه يختفى هناك وتقرر (أمل) السفر إلى اليونان للبحث عن أخيها. يقوم الموساد (المخابرات الإسرائيلية) باختطاف (أمل) ويبدأون فى تعذيبها ولكن يتوصل رجال المخابرات المصرية لمكانها ويتم إنقاذها وتبدأ معركة العبور والنصر فى أكتوبر 1973.
فى عام (1999) استمرت نادية الجندى فى تقديم أفلام الجاسوسية حيث قامت ببطولة فيلم "أمن دولة" للمخرج نادر جلال أيضاً من تأليف مصطفى محرم وشاركها فى البطولة محمود حميدة وياسر جلال وكالعادة زوجها وقتذاك المنتج محمد مختار. وفى الفيلم تقوم (سميحة) بعملية خطيرة فى سويسرا من تخطيط المخابرات المصرية وهى أن تحل محل زوجة زعيم أحد المنظمات الإرهابية نظراً للشبه الشديد بينهما وتنجح فى مهمتها ولكن كالعادة أيضاً يتم كشفها وتعذيبها لتقوم المخابرات المصرية بإنقاذها فى آخر الفيلم.
وللأسف الشديد، وكما سردنا ورأينا، فإن معظم الأفلام التى قدمتها نادية الجندى فى هذا السياق كان يغلب عليها الطابع التجارى وليس الوطنى.
شهد عام (1999) أيضا إنتاج فيلم "الكافير" للمخرج على عبدالخالق والكاتب إبراهيم مسعود صُناع فيلم "إعدام ميت" ولكن للأسف شتان الفارق بين الفيلمين. لم يُصادف فيلم "الكافيير" أى نجاح جماهيرى أو نقدى بالرغم من وجود مخرج كبير ومؤلف مخضرم وفنان كبير مثل عزت العلايلى فى الفيلم. الفيلم كان بطولة المذيع طارق علام الذى كان أحد أهم نقاط ضعف الفيلم من وجهة نظرى مع احترامنا الكامل لكونه مذيعاً ناجحاً فى ذلك الوقت. يحكى الفيلم الذى أعتقد أن معظم القراء لما يشاهدوه عن (أكرم) مهندس الطيران الذى تستعين به المخابرات المصرية لدراسة ومعرفة أسرار طائرة "الكافير". يقنع اللواء (محيى) المهندس (أكرم) أنه سوف يذهب إلى فرنسا لإصلاح طائرة كونكورد، ولكن بدلًا من ذلك يجد أكرم نفسه فى مطار تل أبيب، ويحاول أكرم إقناعهم في المطار أنه وصل خطأ من روما إلا أن المخابرات الإسرائيلية تحاول تجنيده بعد تعذيبه بقسوة. يقوم أكرم بسرقة الطائرة "الكافير" فى نهاية الفيلم وتدميرها ثم يقفز بالمظلة وتنقذه القوات المصرية.
فى عام (2009) قدم المخرج شريف عرفة أحد روائعه السينمائية فى فيلم "ولاد العم" بطولة كريم عبدالعزيز ومنى زكى وشريف منير. تتركز قصة الفيلم حول الصراع العربى الإسرائيلى وقيام الجانبين بزرع جواسيس للحصول على معلومات ليست فقط عسكرية ولكن فى كل مناحى الحياة. ويطلق الفيلم صرخة تحذير من وجود جواسيس يعيشون بيننا دون أن ندرى وينتشرون فى بعض الأماكن الغير عسكرية ولكن يعملون على جمع المعلومات وهدم الأوطان.
فى النهاية نستطيع أن نقول أن سينما المخابرات ركزت على الجانب النفسى فى حياة الجاسوس، وعلى معضلة الاختيار بين المال أو الوطن، مع تقديم ضابط المخابرات المصرى كرمز للهدوء والذكاء والانضباط. هذه الأفلام ليست فقط عن صراع الخير والشر، بل عن تفاصيل خفية تصنع التاريخ فى صمت. إنها سينما عن أبطال قد لا نعرف أسماءهم، لكن نشعر بفضلهم فى كل لحظة أمان نعيشها. أفلام تمنحنا فرصة لكى نعيش بطولاتهم، ولو على الشاشة الفضية فقط.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
انخفاض ملحوظ في أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 17 مايو
17 مايو 2025 07:00 ص
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 16 مايو 2025
16 مايو 2025 04:06 م
استقرار أسعار الذهب اليوم الجمعة.. وعيار 21 يسجل 4565 جنيهًا
16 مايو 2025 04:02 م
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الجمعة 16 مايو 2025
16 مايو 2025 07:00 ص
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأربعاء 14 مايو 2025
14 مايو 2025 09:22 ص
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الثلاثاء 12 مايو 2025
13 مايو 2025 08:00 ص
الأكثر قراءة
أكثر الكلمات انتشاراً