الإثنين، 19 مايو 2025

06:14 م

بعد 56 عامًا.. كواليس وأسرار جديدة عن فيلم «بئر الحرمان» لسعاد حسني

الجمعة، 16 مايو 2025 06:53 م

آيه بدر

سعاد حسني

سعاد حسني

بعد مرور أكثر من نصف قرن على عرضه الأول، لا يزال فيلم «بئر الحرمان» الذي قدمته الفنانة الراحلة سعاد حسني عام 1969، يشكل علامة فارقة في تاريخ السينما العربية، لما حمله من جرأة في التناول وعمق في الطرح النفسي والاجتماعي. 

أخرج الفيلم كمال الشيخ عن قصة الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، يُعد من أوائل الأعمال التي ناقشت قضايا الاضطرابات النفسية من منظور إنساني بعيدا عن الصور النمطية الشائعة في تلك الفترة.

تدور أحداث الفيلم حول شخصية «ناهد»، وهي فتاة تنتمي إلى عائلة محافظة، تعيش حياة مزدوجة دون وعي منها. في الصباح، تظهر كالسيدة المثالية التي تحظى باحترام العائلة والمجتمع، بينما تنقلب الصورة تماما في المساء، إذ تتحول إلى امرأة تبحث عن لذة مؤقتة، دون أن تدرك سبب اندفاعها نحو هذا السلوك. 

هذه الحالة ليست تمرداً أخلاقياً، بل نتيجة لاضطراب نفسي ناتج عن صدمة عائلية عميقة، إذ كانت ناهد ضحية لأسرة ممزقة بالأزمات، فالأم تكتشف خيانة الأب، والأب يرد بالخيانة أيضاً، مما يدفع كلا الطرفين لاستخدام ابنتهما كوسيلة انتقام، لتصبح الطفلة ضحية صراع لا ذنب لها فيه.

الإعلامي عمرو الليثي، كشف في تصريحات حديثة عن كواليس خاصة من تصوير الفيلم، مشيراً إلى أن الفنانة سعاد حسني تحدثت ذات مرة عن مدى ارتباطها العاطفي بشخصية ناهد، وكيف أن العمل استطاع أن يطرح مسألة «الانفصام» النفسي أو ما يعرف الآن بـ«اضطراب الهوية التفارقي» بطريقة واقعية وإنسانية، دون مبالغة درامية أو تشويه للحالة المرضية.

سعاد أكدت أن الفيلم لم يقدم المرض النفسي كنوع من الجنون المرعب، بل كأزمة إنسانية معقدة تمر بها فتاة تعاني من حرمان عاطفي واجتماعي في ظل أسرة مختلة. 

كما أوضحت أن المخرج كمال الشيخ أبدع في توظيف عناصر الصورة من إضاءة وظلال وموسيقى تصويرية، لإبراز حالة التوتر والقلق التي تعيشها البطلة. كانت هذه العناصر الفنية كفيلة بجعل المُشاهد يعيش التجربة النفسية بكل تفاصيلها.

وأضاف الليثي أن أهمية الفيلم تتجاوز البعد النفسي، إذ يُعد أيضاً قراءة نقدية جريئة للمجتمع المصري في ستينيات القرن الماضي. الفيلم كشف النقاب عن القمع الأسري الذي تعانيه المرأة، وكيف يمكن أن يؤدي الكبت المتراكم إلى انفجار داخلي يجعل الإنسان يتقمص شخصيتين؛ واحدة نهارية تتسم بالاتزان، وأخرى ليلية تعكس ما يختبئ في الأعماق من رغبات وقهر دفين.

ولفت إلى أن فيلم «بئر الحرمان» يعتبر ترجمة سينمائية لنظريات عالم النفس الشهير سيغموند فرويد، لا سيما ما يتعلق بتحليل الطفولة وتأثيرها على تشكيل الهوية. وقد يرى البعض أن حالة ناهد تمثل تطرفًا دراميًا، لكنها في الواقع ليست بعيدة عن تجارب حقيقية عاشتها وتعيشها الكثير من النساء في مجتمعات محافظة، حيث تتصادم القيم الأسرية مع الاحتياجات النفسية والجسدية، فتولد هذه الازدواجية التي يعرضها الفيلم ببراعة لافتة.

ورغم مرور عقود على صدور الفيلم، فإن «بئر الحرمان» لا يزال حاضراً في الذاكرة السينمائية العربية، ويُدرس كمثال على استخدام الفن كأداة لكشف المسكوت عنه في المجتمع، وتسليط الضوء على القضايا النفسية والاجتماعية بطريقة فنية وإنسانية عميقة.

إقرأ المزيد:

سالي عبدالسلام ترد على منتقدي صلاتها بالمكياج والمانيكير

تامر حسني يطرح "المقص" من فيلمه الجديد "ريستارت"

search