محمد مطش يكتب: عقوق الأبناء وتهديد استقرار المجتمع
الخميس، 22 مايو 2025 12:46 م

محمد مطش
تعد قضية عقوق الأبناء من أخطر القضايا التي قد تطرأ في العلاقات الأسرية على مر العصور، ولكن ان صح القول انها أصبحت كارثة حقيقة في زمننا هذا، وهو يعكس فجوة عاطفية واجتماعية بين الآباء وأبنائهم. عقوق الأبناء ليس مقتصرًا على التمرد أو رفض الظروف، بل يشمل أبعادًا عديدة تبدأ من التسمية، وتستمر مع انفصال الوالدين، وتؤثر على صحة الأبناء النفسية والاجتماعية بشكل سلبي وغير صحي.
فكلمة عقوق في اللغة العربية تشير إلى الابتعاد عن البر والتقوى وحسن المعاملة، وتعني في السياق الاجتماعي والشرعي، أن يتصرف الاباء بطريقة تضرّ بمشاعر ابنائهم، أو تسيء إليهم بشكل أو بآخر. يتخذ العقوق صورًا متعددة؛ فقد يظهر في شكل عدم الاحترام، أو التمرد، أو الإهمال، أو حتى الإساءة العاطفية والجسدية. في السياق الأوسع، يمكن أن يبدأ العقوق من أول لحظة في حياة الطفل، وتحديدا عند اختيار الوالدين لاسمه.
وتعد أولى مراحل العقوق قد تكون عندما يتم اختيار اسم المولود، فإذا كان الاسم يحمل معاني سلبية أو غير محببة، قد يؤثر ذلك على الطفل طوال حياته، ويمكن أن يشعر الطفل بعدم القيمة أو الكره لذاته إذا كان اسمه يعكس معاناة أو ضغوطًا. قد يظن البعض أن هذه مجرد تفاصيل بسيطة، ولكن اختيار اسم الطفل يعد أول رسالة غير مباشرة، يمكن أن تؤثر على شخصيته وسلوكه في المستقبل، وعلى مدار حياته بالكامل
إن انفصال الأب عن الأم ليس مجرد فراق مادي بين الزوجين، بل هو فراق نفسي وعاطفي على الأبناء، الذين يتأثرون بشكل عميق بهذا الحدث، هذا الانفصال قد يفتح المجال للعديد من الخلافات والعداوات بين الوالدين، الأمر الذي يؤدي إلى عقوق الأبناء بطرق غير مباشرة. ويعتبر أحد أسوأ تأثيرات هذا الانفصال، هو تدخل العناد من جانب أحد الوالدين أو كليهما في تربية الأبناء، مما يضع الأبناء في حالة من التوتر النفسي، ويجعلهم في موقف محايد لا يستطيعون فيه التفاعل بشكل إيجابي مع كلا الوالدين، خوفا من إرضاء طرف على الاخر. وفي بعض الحالات يستخدم أحد الوالدين أسلوب التحريض ضد الآخر، مما يزيد من حدة التوتر لدى الأطفال، ويؤدي إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذا يعتبر نوعًا من العقوق غير المباشر. ومن هذه النقطة يبدا الأب أو الأم في معاقبة الأبناء بشكل غير مباشر بسبب الخلافات والعداوات بينهما.
وللعقوق اثار سلبية كبيرة على الأبناء، ومن هم في عمر الزهور، لان العقوق لا يقتصر فقط على الأذى العاطفي أو الاجتماعي، بل له تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة النفسية والبدنية للأبناء، والأبحاث النفسية أكدت أن الأطفال الذين يتعرضون لإهمال أو إساءة من آبائهم، يعانون من مشكلات كبيرة في بناء شخصيتهم، حيث يعانون من قلة الثقة بالنفس، والاكتئاب، والقلق الاجتماعي وعدم القدرة على مواجهة المجتمع وكثير من الأمور التي لا تحصر ولا تعد، في التأثير السلبي على الابناء. حيث وجد انه من الناحية الصحية، يعاني هؤلاء الأطفال من زيادة احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل القلق، والاكتئاب، والصدمات النفسية، كما أن العقوق يؤثر على تطور العلاقات الاجتماعية لديهم، حيث يعانون من صعوبة في بناء علاقات صحية مع الآخرين، نتيجة ضعف مهارات التواصل والثقة.
ومع تطور هذه القضية، بات لرجال الاجتماع والاخصائيين النفسيين دور كبير وفعال في المدارس والجامعات والمعاهد والأندية، وكل من له اتصال مباشر وغير مباشر بالتنشئة، حيث أصبح علماء الاجتماع والمتخصصون في مجال التربية، يقومون بدور مهم في مساعدة الأبناء الذين تعرضوا للعقوق من جانب آبائهم، من خلال تقديم الاستشارات النفسية والاجتماعية، كما يمكن لرجال الاجتماع العمل على بناء الثقة بالنفس لدى الأطفال والشباب الذين تأثروا سلبًا بسبب التهميش أو الإساءة من الوالدين.
وتبدأ هذه العملية من قبل رجال الاجتماع، بالاستماع لهؤلاء الأبناء وفهم مشاعرهم وأسبابهم في رفضهم للأب أو الأم، ومن ثم بناء أساليب تربوية جديدة قائمة على التواصل والاحترام المتبادل. يمكن لتوجيه الأبناء نحو التفكير الإيجابي وتعزيز مشاعر الحب والرحمة مما يساعد في تقليل حدة العقوق والتمرد. وفي حالة الانفصال الأسري، يلزم العمل على إيجاد حلول تساعد الأبناء على الحفاظ على علاقات متوازنة مع كلا الوالدين، حتى في ظل الظروف الصعبة.
إن العقوق ليس مجرد تصرف عابر، بل هو ظاهرة يمكن أن تتسبب في نتائج كارثية على الأبناء وعلى المجتمع بشكل عام. إن الأبناء الذين ينشئون في بيئات لا يتم فيها احترامهم أو معاملتهم بحب، يعانون في المستقبل من ضعف في قدراتهم الاجتماعية والنفسية. وإن النتيجة الحتمية لهذا العقوق ستكون مأساوية، حيث سيتراكم الألم النفسي في قلوب الأبناء ليؤثر على سلوكهم ومجتمعهم المحيط بهم. كما أن آثار العقوق لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تمتد لتؤثر على المجتمع بأسره، حيث ينشأ جيل غير قادر على بناء علاقات إيجابية، وبالتالي تتحطم الأواصر الاجتماعية التي تقوم عليها المجتمعات.
كما إن دور الآباء في بناء شخصية الأبناء، من أهم الأدوار التي يقومون بها في حياتهم. لذا يجب على الآباء أن يحرصوا على عدم ممارسة العقوق بأشكاله المختلفة، سواء عن طريق التوبيخ أو الإهانة أو التهميش، كما يجب على الآباء أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائهم في سلوكهم، وتعاملهم، وكلامهم. لان استخدام أساليب التربية الإيجابية، مثل الحوار المثمر والتوجيه والنصح الإيجابي، والعمل على تعزيز القيم الإنسانية والاجتماعية، سيؤدي إلى بناء شخصية الأبناء بشكل سليم ومتوازن، ويحفظ كرامتهم ويشعرهم بالاحترام والحب. لذا فإن الاهتمام بتربية الأبناء وفق أسس صحيحة، بعيدًا عن العقوق والإهانة، يضمن لهم حياة أفضل، ويسهم في تحسين المجتمع بأسره بالصورة المثلى.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الخميس 22 مايو
22 مايو 2025 06:30 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الخميس 22 مايو
22 مايو 2025 06:30 ص
الإمارات: ارتفاع قيمة الصادرات الصناعية إلى 197 مليار درهم في عام 2024
20 مايو 2025 09:30 ص
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025
20 مايو 2025 07:30 ص
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الاثنين 19 مايو 2025
19 مايو 2025 07:00 ص
الدولار يواصل التراجع في البنوك المصرية وسط ترقب لقرار الفائدة ومراجعة صندوق النقد
18 مايو 2025 04:42 م
الأكثر قراءة
-
محمد مطش يكتب: عقوق الأبناء وتهديد استقرار المجتمع
-
الكاف يكشف عن التصميم الجديد لكأس دوري أبطال إفريقيا
-
إحالة معلم للمحاكمة التأديبية بتهمة التحرش بتلميذة في كفر صقر
-
خلص عليها بعصا خشبية.. مقتل ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية في سوهاج
-
رئيس النجم الساحلي لـ "المصري الآن": الأهلي وافق مبدئيًا على خوض لقاء ودي معنا
أكثر الكلمات انتشاراً