الأحد، 15 يونيو 2025

06:05 ص

البروفيسور غانم كشواني يكتب: أنواع الهندسات.. من إقليدس إلى ريمان وبونكارِيه

السبت، 14 يونيو 2025 05:13 م

البروفيسور غانم كشواني

البروفيسور غانم كشواني

عندما نسمع كلمة “هندسة”، فإن كثيرا منّا يتخيل المثلثات، الزوايا، والمسطرة في حصة الرياضيات. لكن الحقيقة أن الهندسة عالم أوسع بكثير، فهناك أنواع من الهندسات طوّرها العلماء لفهم طبيعة الفضاء والزمن، وحتى شكل الكون. هذه الأنواع تختلف في طريقة تعاملها مع الانحناء، الخطوط، والمسافات، وكل وحدة منها فتحت بابا لفهم جديد للعالم.

١. الهندسة الإقليدية: الأساس اللي بدأنا منه

الهندسة اللي تعلّمناها في المدرسة – المسطحة والواضحة – هي الهندسة الإقليدية، اللي وضع أساسها إقليدس من أكثر من ألفي سنة. فيها قوانين مثل: "من نقطة خارج خط، في خط واحد بس يوازيه". هذا النوع مثالي لتصميم المباني، والخرائط، وكل شيء يعتمد على المساحات المستوية.

٢. الهندسات اللاإقليدية: لما الفضاء يصير غريب

في القرن ١٩، بعض الرياضيين بدأوا يتساءلون: هل فعلاً ما نقدر نرسم إلا خط واحد موازي؟ وهنا بدأت رحلة جديدة.

الهندسة الزائدية: فيها نقدر نرسم عددا لا نهائيا من الخطوط الموازية لنقطة خارج خط. الفضاء هنا يكون "مقعّر"، مثل سرج الحصان. هذا النوع يستخدم في نظرية النسبية وبعض الحسابات المعقدة.

الهندسة الإهليلجية: على العكس تمامًا، فيها ما في خطوط متوازية أبدًا. مجموع زوايا المثلث أكثر من 180 درجة، والسطح يكون مثل سطح الكرة.

٣. هندسة ريمان: لما الزمكان ينحني

بيرنهارد ريمان طوّر الهندسة الإهليلجية أكثر، وطلّع منها شيء غيّر طريقة فهمنا للكون. باستخدام هندسته، قدر أينشتاين يشرح كيف الجاذبية ما هي قوة، بل نتيجة لانحناء الزمكان حول الكتلة. وهذا المفهوم صار حجر الأساس في النسبية العامة. اليوم، هندسة ريمان موجودة في الفلك، والرياضيات المتقدمة، وحتى في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.

٤. هندسة بونكارِيه: فتح بصري لفهم الفضاء الغريب

العالم الفرنسي هنري بونكارِيه ساعدنا نشوف الهندسة الزائدية بعيوننا، من خلال نماذج بصرية زي "قرص بونكارِيه" و"نموذج النصف المستوي". هالنماذج تستخدم لفهم الطوبولوجيا، وهو علم يدرس كيف تتغير الأشكال من دون ما تتأثر بنيتها الأساسية. أعماله كانت بداية لفهم البنى الهندسية المعقدة اللي نشوفها في كثير من تطبيقات اليوم.

الخلاصة: الهندسة أكثر من رسم، هي طريقة لفهم الكون

الهندسة بدأت كطريقة لتنظيم المساحات، لكنها تحوّلت إلى أداة لفهم أعقد ما في الكون. من إقليدس إلى ريمان وبونكارِيه، تطورت الهندسة من علم مسطّح إلى لغة تتكلم عن الانحناء، الزمن، وحتى طبيعة الواقع نفسه. ولهذا السبب، كل نوع من الهندسة مو مجرد فرع رياضي بل مفتاح لرؤية أعمق للحياة.

search