الإثنين، 07 يوليو 2025

02:21 م

ثلوج في عز الصيف وحرائق مدمّرة في جنوب تركيا

السبت، 05 يوليو 2025 01:48 م

محمد عماد

ثلوج وحرائق جنوب تركيا في عز الصيف

ثلوج وحرائق جنوب تركيا في عز الصيف

 تساقطت الثلوج بشكل كثيف فوق شمال شرق تركيا يوم الجمعة، بينما كانت مناطق أخرى من البلاد تكافح بشراسة لاحتواء موجة عنيفة من حرائق الغابات في مشهد غير مسبوق يعكس حدة التحولات المناخية التي يشهدها العالم.

 الحدث المزدوج، بين برد قارس وحرائق مستعرة، سلّط الضوء مجددًا على تداعيات التغير المناخي المتسارع، والذي يقول العلماء إنه بات ينتج أنماطًا جوية أكثر تطرفًا من أي وقت مضى.

ففي الوقت الذي كانت درجات الحرارة تلامس الأربعين مئوية في مقاطعات غرب وجنوب تركيا، غطت الثلوج المرتفعات الشمالية الشرقية من البلاد، بما في ذلك محافظات ريزي، طرابزون، بايبورت وأرضروم، وهي مناطق تطل على البحر الأسود وتشتهر بمناخها الرطب والمعتدل نسبيًا، لكنها لم تعرف تساقط الثلوج في أشهر الصيف منذ عقود.

"ثلج في يوليو؟ لم أر ذلك من قبل"

الصحفي التركي غنتشاه كرفضلي أوغلو، المقيم في مدينة ريزي، عبّر عن دهشته خلال اتصال مع وكالة "فرانس برس"، قائلًا: "عمري 65 عامًا، ولم أشهد طوال حياتي تساقطًا للثلوج في شهر يوليو، إنها سابقة بالنسبة لجيلنا". وأضاف أن "الثلج تساقط لعدة ساعات متواصلة، خاصة في مناطق مرتفعة مثل أرتوين القريبة من الحدود الجورجية، وبلغت سماكته أكثر من 10 سنتيمترات في بعض المناطق".

صور التقطتها وكالة "دوغان" المحلية أظهرت منازل حجرية مغطاة بطبقة كثيفة من الثلوج، في مشهد أقرب إلى فصل الشتاء منه إلى ذروة الصيف. وبحسب وسائل إعلام تركية، غطى التساقط الثلجي شريطًا جبليًا بطول 10 كيلومترات في شمال شرق البلاد، مع تسجيل درجات حرارة غير معهودة في هذا التوقيت من العام.

تحليل مناخي: ظواهر متطرفة بتوقيع الإنسان

خبراء المناخ يؤكدون أن ما يحدث ليس مجرد صدفة نادرة، بل جزء من نمط متكرر سببه الاحترار العالمي الناجم عن النشاط البشري. فوفقًا لهيئة الأرصاد الجوية التركية، فإن موجات الطقس القاسي – سواء كانت حرائق مدمّرة أو تساقطًا غير موسمي للثلوج – تعكس اضطرابًا في التوازن الجوي التقليدي، نتيجة لانبعاثات الغازات الدفيئة وتغير أنماط الرياح العالمية.

ويحذر العلماء من أن هذه الظواهر ستصبح أكثر تواترًا وحدة في العقود المقبلة، ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لخفض الانبعاثات والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة.

في المقابل: حرائق تلتهم الجنوب

بينما كانت الثلوج تهطل شمالًا، اشتعل الجنوب التركي بحرائق واسعة النطاق. ووفقًا لما أعلنه وزير الغابات التركي، إبراهيم يوماكلي، فقد اندلعت ما لا يقل عن 10 حرائق كبيرة الجمعة، أبرزها في مقاطعة إزمير، حيث أودت النيران بحياة شخصين حتى الآن، وسط توقعات بارتفاع درجات الحرارة إلى 40 مئوية في الأيام القادمة.

وأشار الوزير إلى أن "النيران التي أججتها الرياح العاتية لا تزال تشكّل تهديدًا مباشرًا في مناطق موغلا وهاتاي، حيث يخوض رجال الإطفاء صراعًا عنيفًا للسيطرة عليها"، مؤكدًا أن الأسبوع الماضي وحده شهد 624 حريقًا، بعضها اندلع نتيجة تماس كهربائي، وأخرى بسبب إهمال بشري.

وزير الداخلية علي يرليكايا أعلن في مؤتمر صحفي اعتقال 44 شخصًا واحتجاز 10 آخرين للاشتباه في تسببهم المباشر في إشعال الحرائق، معظمهم من المزارعين أو العمال الذين يستخدمون آلات تطلق شرارات في مناطق شديدة الجفاف.

أزمة تتطلب تكنولوجيا جديدة واستجابة سريعة

تداعيات هذه الظواهر دفعت السلطات التركية لإعادة تقييم استراتيجيات الاستجابة للكوارث المناخية، مع تعزيز دور التكنولوجيا في التنبؤ المبكر وإدارة الأزمات. الحكومة بدأت منذ مطلع العام بتوسيع استخدام الطائرات المسيّرة لمراقبة الغابات، بالإضافة إلى تطبيقات إنذار مبكر تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد التغيرات في درجة الحرارة والرطوبة.

للمزيد من تقارير وملفات و أخبار العالم علي المصري الآن 

search