الخميس، 14 أغسطس 2025

04:17 م

نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف غدا 15 أغسطس 2025م ـ 21 صفر 1447هـ

الخميس، 14 أغسطس 2025 11:41 ص

السيد الطنطاوي

خطبة الجمعة "أرشيفية"

خطبة الجمعة "أرشيفية"

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة غدا الجمعة 15 أغسطس 2025م، الموافق 21 صفر 1447هـ، بعنوان “إعلاء قيمة السعي والعمل”، مشيرة إلى أن الهدف المراد توصيله لجمهور المصبين، هو التوعية بقيمة العمل ووجوب السعي لبناء الذات والأمم.

وقالت وزارة الأوقاف، إن موضوع الخطبة الثانية، يتحدث خلاله الأئمة عن أهمية التكاتف الاجتماعي، وبيان أن الإسلام هو دين التعاطف والمواساة، والمودة والمحبة، والترابط بين الأغنياء والفقراء، وهو دين التكافل الاجتماعي.

ودعت الأوقاف جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير.

وينشر “المصري الآن” نص خطبة الجمعة لوزارة بتاريخ 21 صفر 1447هـ – 15 أغسطس 2025م.

نص الخطبة الأولى

إعلاءُ قيمةِ السعيِ والعملِ

الحمدُ للهِ الذي أمرَ بالسعيِ والعملِ، وجعلَهُ طريقًا للعزِّ والأملِ، ونهى عنِ البطالةِ والكسلِ، وأمرَ بالتوكّلِ المقرونِ بالأخذِ بالأسبابِ، فقالَ في مُحكمِ الكتابِ: {فَامشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، وأشهدُ ألّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، خيرُ من سعى، وأكرمُ منِ اكتسبَ، وأعفُّ منْ طلبَ، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه، وعلى آلِه وصحبِه أُولي العزمِ والهممِ، أمّا بعدُ:

فإنَّ الإسلامَ دينُ الجدِّ والاجتهادِ، لا دينُ الكسلِ والركودِ، هو دينُ السعيِ المبرورِ، لا التّواكّلِ المذمومِ والمردودِ، فليسَ العملُ في شرعِ اللهِ مجردَ سعيٍ دنيويٍّ، بل هو عبادةٌ يبتغي بها العبدُ وجهَ اللهِ، ووسيلةٌ للعفةِ والكفافِ، وسبيلٌ للكرامةِ والشرفِ، قال تعالى: {وَقُلِ ٱعمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلمُؤْمِنُونَ}.

عبادَ الله تأمَّلوا، لقد سوّى النبيُّ ﷺ بينَ السعيِ على العيالِ وبينَ الجهادِ في سُبُلِ المعالِي، فقد مرَّ رجلٌ على النبيّ ﷺ، فرأى الصحابةُ جلدَهُ ونشاطَهُ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، لو كانَ هذا في سبيلِ الله؟ فقالَ ﷺ: «إنْ كانَ خرجَ يسْعَى على ولدِهِ صِغارًا فهُوَ في سبيلِ اللهِ، وإنْ كَانَ خرجَ يسْعى على أبويْه شيخيْن كبيريْن فهوَ في سبيلِ اللهِ، وإنْ كانَ يسعَى على نفسِهِ يعفُّها فهوَ في سبيلِ اللهِ».

أيُّها المسلمون، علّموا أولادَكُم أنَّ العملَ بابٌ من أبوابِ العزَّة، وركنٌ من أركانِ الكرامةِ، ووسيلةٌ لبناءِ الذاتِ، وتحقيقِ الاستقلالِ عن الخَلقِ والارتباطِ بالخالقِ وحدَهُ، فقد ربَّى النبيُّ ﷺ أصحابَهُ على ذلك، فعن أنسٍ رضي اللهُ عنهُ أنّ رجلًا جاءَ يسألهُ، فأرشدَهُ إلى بيعِ ما يملكُ؛ ليبدأَ الكسبَ، وقال له: «اشترِ طعامًا لأهلِكَ، وقدومًا فاحتطِبْ، ولا أراكَ خمسة عشرَ يومًا»، ففعلَ، وجنى عشرةَ دراهمَ، واشترى بثمنِها طعامًا وثوبًا، فقال له النبيُّ ﷺ: «هذا خيرٌ لكَ من أن تجيءَ يومَ القيامةِ والمسألةُ في وجهِك نُكتةٌ، لا تصلحُ إلا لذي فقرٍ مدقعٍ، أو غرمٍ مفظع، أو دمٍ موجعٍ»، تأملوا أيُّها الكرامُ هذا التوجيهَ النبويَّ العظيمَ، كيفَ يجعلُ العملَ الحرَّ الكريمَ أفضلَ من ذلِّ السؤالِ؛ ليغرسَ في النفوسِ معنى التوكلِ الصادقِ الذي لا ينفي بذلَ الجهد، ولا يُسقطُ عن المرءِ التكليفَ بالسعيِ.

أيها المكرَّم، إن المسلمَ مأمورٌ أن يأخذَ بالأسبابِ، ويجتهدَ في تحصيلِ المعاشِ بالحلالِ، وأن يُحسنَ النيةَ في كلِّ عملٍ، فيتحول سعيُهُ إلى عبادةٍ، ويصيرُ كسبُهُ في موازينِ الحسناتِ، وفي ذلك هذا البيانُ النبويُّ البديعُ ﷺ: «ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِهِ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليه السلامُ كانَ يأكلُ من عملِ يدِهِ».

فيا من تطلبونَ المجدَ وتبتغونَ الكرامةَ: اعلموا أنَّ الرزقَ لا يُنالُ بالأماني، ولا تُنالُ الرفعةُ بالتمنّي، ولكن بالسعيِ والبذلِ، والعملِ والمثابرةِ، فقد قالَ سبحانَهُ: {وَأَن لَّيسَ لِلإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعيَهُۥ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجزَىٰهُ ٱلجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ}.

ويا أبناءَ مصرَ جِدُّوا؛ فإنَّ نهضةَ الأممِ لا تكونُ بالأحلامِ، بل بالأعمالِ، ولا تقومُ بالأماني، بل بالتضحيةِ والبذلِ والإتقانِ، والوطنُ لا يرتقي إلا إذا قدَّر أبناؤُهُ قيمةَ العملِ، واحترموا الحِرَفَ والمِهَنَ، وشجعوا شبابَهُم على الإنتاجِ والابتكارِ، وزرعوا فيهم أنَّ اليدَ العاملةَ أحبُّ إلى اللهِ من اليدِ المتسوّلةِ، وأنَّ الساعيَ في كسبِ رزقِه بعزٍّ خيرٌ من المتكئِ على الأعذارِ والتبريرِ!

أنسيتُمْ أيُّها الكرامُ أنَّ حضارةَ الإسلامِ المجيدةَ قامتْ على أكتافِ العُلماءِ والعمّالِ، والفلاحينَ والصناعِ، والتجارِ والمفكرينَ، فأشرقتْ في السماءِ، وامتدَّتْ في الأرضِ، وما كانَ ذلكَ إلا لأنهم جمعوا بينَ الدينِ والدُّنيا، بينَ العبادةِ والعملِ، بينَ العلمِ والإنتاجِ.

نص الخطبة الثانية

التكاتفَ والتعاونَ في أوقاتِ الأزماتِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنا محمدٍ ﷺ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، وبعدُ:

فيا أيُّها المؤمنون: إنَّ التكاتفَ والتعاونَ في أوقاتِ الأزماتِ، وتقديمَ العونِ لكلِّ ملهوفٍ ومحتاجٍ فريضةٌ شرعيةٌ، وسنةٌ نبويةٌ، وعنوانُ أمةٍ راقيةٍ قويةٍ، فالتكافلُ ليس فضيلةً فرديةً فحسب، بل هو مدادُ تماسكِ المجتمعاتِ وعنوانُ وحدةِ الأمةِ، تأمّلوا قولَ اللهِ جلَّ جلالُه: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلبِرِّ وَٱلتَّقوَىٰ}، وقولَهُ سبحانه: {وَٱعتَصِمُواْ بِحَبلِ اللهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُواْ}، وتدبّروا هذا البيانَ النبويَّ الشريفَ «المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلمهُ ولا يسلمُه، ومن كانَ في حاجةِ أخيهِ، كانَ اللهُ في حاجتِه، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً، فرَّج اللهُ عنه كربةً من كربِ يومِ القيامة».

فلنتكاتفْ أيُّها الكرامُ على الخيرِ، ولنتراحمْ فيما بينَنا، ولنحسنِ الظنَّ بالناسِ، ولنقابلِ الخلافاتِ بالرفقِ والمودةِ، ولنفتحْ قلوبَنا قبلَ أيدينا؛ فبالتكافلِ تحيا القلوبُ، وتُطفأ نارُ الفتنِ والحروب، وبالتعاونِ تشتدُّ أركانُ الأمةِ وتعلو الدروبُ، وإنَّ أعظمَ ما نزرعُه في نفوسِ أبنائنا أنَّ العملَ ليس مذلةً بل كرامةٌ، وأنَّ التعاونَ ليس ضعفًا بل قوةٌ وسلامةٌ، وأنَّ الأمةَ التي تتقنُ السعيَ والتكاتفَ لا تُقهرُ، ولا تُكسرُ، ولا تُهزمُ مهما اشتدَّتِ الخطوبُ وتوالتِ النوائبُ.

اللهمّ ارْزُقْنا السعيَ المباركَ والعملَ الصالحَ والتعاونَ النافعَ

واجعلْنَا ممَّن يسْعَى في رِضاك ويتعاونُ على مرضَاتِكَ

اقرأ أيضا:

مؤتمر الإفتاء العالمي يؤكد على وجوب تعلم الذكاء الاصطناعي

علماء ومفتون ووزراء من 30 دولة يزورون شيخ الأزهر

الازهر يطور "منصة الفتوى الذكية" Fatwa AI للمؤسسات الدينية بالعالم

مستشار الاتحاد الأوربي: الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يخرج عن السيطرة من تلقاء نفسه

"مواراتينوس" يدعو لتعزيز كفاءة مؤسسات الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي

منح جائزة الإمام القرافي للتميّز الإفتائي لعام 2025 لمفتي تشاد

وكيل الأزهر: الفتوى صناعة وليس كل من تصدر شاشىة أو وسيلة اعلامية يعد مفتيا

دكتور نظير عياد يحذر من "هلوسة الذكاء الاصطناعي" في مجال الفتوى

وزير الأوقاف: الرشد هو الغاية من الدين وشرائعه وأحكامه في زمن الذكاء الاصطناعي

search