وفاء أنور تكتب: العمر.. حكاية وذكرى.. درس وأثر
الخميس، 28 أغسطس 2025 04:15 م

وفاء أنور
يمر العمر من بين أيادينا سريعًا، يختصر طريقه الطويل بخطواته المتتالية، تفر أيامه من بين أيادينا كما يفر الماء بيسر من بين أصابعنا، ومهما توقعنا له من زيادة، فإنه سيقل حتمًا وإن بلغ حجمه أضعاف حجم فيضان نهر، سيفلت بكل ببراعة، يتمدد بمنتهى التأني والصبر، يجتاز حدود الأزمان، ينساب ببطء، يمعن في تغييبنا عن حقيقته، ويعبر من دون أن ترك لأثر.
دنيانا تمسك بأيدينا، تصحبنا معها كالأطفال إلى مضمار الجري، تعد لنا ساحات اللعب واللهو، تسبقنا لكي تفرش الأرض بزخارفها، بفتنتها فيضل البعض، يراها بعين هواه عظيمة، يمنحها قدرًا فوق القدر، تمنينا بعطاء منها يشبه عسلًا ممزوجًا بالمر، وكلما ظننا أننا اقتربنا من فهم معناها وحقيقتها، عدنا بظهورنا، فلعبتها تعيدنا نحو الخلف، نتغيب، فنتأخر عن خط النهاية والفوز.
تضحك منا وعلينا، تتعالى ضحكاتها تارة، وتارة أخرى تهمس بكلمات شتى، تؤذينا بسرد قصص لأحلام ضاعت، خطط سقطت منا، فتعدينا من بعدها مهزومين، نحذر السير، نتلفت كلما تحركنا، نخشى عرقلة، نخاف من سرعة غير محسوبة بدقة تعيدنا للمربع صفر.
القمر اكتمل في تلك اللحظة والتو، علينا أن ننتظر اكتماله ليعود بدرًا، لكن هذا مشروطًا بمرور الوقت، مهما اجتهدنا في استدعائه، سينظم حركته زمن لا يمكننا هزيمته، نظل نحملق ونراقب، نستعجل قدرًا مكتوبًا، فيمر الوقت دون أن نلحق به.
يمر العمر كالطيف، كالسهم الجامح، كرياح هبت من دون إنذار لتبعثر حكايات البشر، تتعجل بإرسال رسائلها التحذيرية، توجههم لضرورة فهم المشهد على حقيقته وبأكمله، تهمس في أذان الكل وتعلمهم بأن الدنيا زائلة مهما حاولوا، لكن البعض يؤثر التجاهل، فيسقط بفعل أمل كاذب، وينتصر من اعتنق الصبر.
كم من أحداث مرت بنا، كم من طرق سلكناها كعابري سبيل، طرق قاسية أبت جدران سجونها الصلبة أن تلين، فتهون علينا الأمر بعض الشيء، لم تبادر بمنحنا فرصة للشعور بالرضا عن أنفسنا، تزرع في داخلنا مقاومة منسوجة من خيوط الأمل.
دنيانا تدور وتضحك ساخرة، تعدو بنا كمسافر أنهكه السفر، أوجعته حكايات الغربة حين استمع إليها، آلمته ساعات وحدة أغرقته بين هموم البشر، حتى تمنى القطار الذي حملهم جميعًا أن يصبح حيًا له مشاعر وله قلب، يقتسم معهم أوجاعهم ومآسيهم، كأنه قد صنع من حرير، لا من حديد أو حجر.
تأخذنا زخارف الدنيا، تبهرنا بجمالها وبسحرها، تدعونا للغوص بأعماق أحلامها المشوشة، البالية والزائفة، تخفت أنوارها فجأة، فنفيق من غفلتنا، تتعطر من جديد، تتزين وتتجمل، تبيع الوهم بأعلى ثمن، تضللنا، تلهو بنا، والعاقل منا من يتدارك الأمر، من يعتنق الصبر، من يعلم أن العمر رحلة مهما طالت.. لها أول ولها أخر.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
جلد صبار التين الشوكي.. ابتكار مكسيكي وفرصة ذهبية لمصر والعالم العربي
28 أغسطس 2025 03:34 م
دراسة لجامعة ستانفورد: الذكاء الاصطناعي يضعف فرص الشباب الوظيفية في الولايات المتحدة
28 أغسطس 2025 01:42 م
7 شركات أميركية تتجاوز قيمة اقتصاد أوروبا وقلق من "فقاعة الذكاء الاصطناعي"
28 أغسطس 2025 01:34 م
رغم أرباحها القياسية.. أسهم "إنفيديا" تهبط بعد إعلان نتائج الربع الثاني
28 أغسطس 2025 01:25 م
سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 28 أغسطس 2025
28 أغسطس 2025 12:45 م
سعر الدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 28 أغسطس 2025
28 أغسطس 2025 12:43 م
الأكثر قراءة
-
وفاء أنور تكتب: العمر.. حكاية وذكرى.. درس وأثر
-
خطبة وزارة الأوقاف غدا الجمعة 29 أغسطس 2025م ـ 6 ربيع الأول 1447هـ
-
وزير التعليم يعتمد نتيجة الدور الثاني للثانوية العامة بنسبة نجاح 90.6% للنظام الحديث
-
بدء تصحيح امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية 2024/ 2025م
-
أنغام توجه رسالة لجمهورها من مصر: دعواتكم سبب رئيسي في رجوعي للحياة
أكثر الكلمات انتشاراً