الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025

11:57 م

علاء ثابت مسلم يكتب: قانون نافذ تحوّل إلى معركة قضائية للمعلمين

الإثنين، 01 سبتمبر 2025 10:53 م

علاء ثابت مسلم

علاء ثابت مسلم

حين يُصدر البرلمان قانونًا ويصدق عليه رئيس الجمهورية، فإن المنطق يقتضي أن يصبح نافذًا من لحظة نشره في الجريدة الرسمية، وأن يُطبق على جميع المخاطبين به دون تأخير أو اجتهاد. وهذا ما حدث بالفعل عندما صدر القانون رقم 16 لسنة 2017 في الرابع عشر من مايو من العام نفسه، حيث نص بوضوح على منح العاملين من غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية علاوة خاصة بنسبة عشرة بالمائة من الأجر الأساسي، على أن تُصرف بأثر رجعي اعتبارًا من الأول من يوليو 2016.
كما أن القانون لم يقف عند حد صرف العلاوة فقط، بل ألزم أيضًا بـ تحريك الأجر الأساسي من خلال ضم هذه العلاوة إليه، وهو ما ينعكس على الرواتب والمعاشات وجميع المستحقات اللاحقة. وبذلك بدا الأمر محسومًا من الناحية التشريعية، فالنص صريح، والتاريخ محدد، والحقوق واضحة.
ولكن مع الانتقال من الورق إلى الواقع ظهرت المفارقة؛ فالتنفيذ لم يكن موحدًا كما يفترض أن يكون. بعض العاملين حصلوا على العلاوة مضافة إلى الأساسي مع الفروق والمتجمد، وآخرون حصلوا على الفروق دون المتجمد، بينما ظل فريق ثالث بلا أي استفادة، وكأن النص بالنسبة لهم مجرد إعلان قانوني لا أثر له في المرتب الشهري.
الأغرب أن كثيرًا من المعلمين لم يجدوا وسيلة للحصول على حقهم سوى اللجوء إلى القضاء، رغم أن النصوص في ذاتها ملزمة ولا تحتاج إلى تأكيد. وهنا تكمن السخرية المبطنة: كيف يتحول القانون الواضح إلى مجرد خيار مرتبط بمدى استعداد الموظف لرفع دعوى قضائية؟! ومن الطبيعي أن يكون القانون كافيًا بذاته، لا أن يتحول إلى معركة قانونية فردية بين المواطن والجهة الإدارية.
وإذا تأملنا النصوص ذاتها نجد أن المادة الثالثة من القانون منحت وزير المالية سلطة إصدار القرارات اللازمة للتنفيذ، وهي صياغة هدفها تسهيل التطبيق لا تعطيله. ومع ذلك، جاءت الممارسات على الأرض لتجعل من تحريك الأساسي موضوعًا خاضعًا لاجتهاد كل جهة على حدة، مما أنتج تباينًا غير مقبول في الحقوق بين العاملين.
وبين من حصل على حقه كاملًا بعد معركة قضائية، ومن حصل على جزء منه، ومن لم يحصل على شيء على الإطلاق، ضاع جوهر القانون الذي صُمم ليحقق المساواة. وهكذا وجد المعلم نفسه أمام مشهد غير منطقي: قانون نافذ لكنه غير مطبق بشكل موحد، وحق واضح لكنه معلق على حكم قضائي.
وفي النهاية يظل السؤال قائمًا: إذا كان القانون قد صدر وصُدق عليه ونُشر رسميًا، فلماذا لم تُلزم الجهات التنفيذية نفسها بتطبيقه كما هو؟ إن احترام القانون لا يحتاج إلى معارك فردية، بل يحتاج إلى التزام مؤسسي يضمن أن ما كُتب في الجريدة الرسمية يجد طريقه إلى الواقع دون زيادة أو نقصان.

search