الإثنين، 08 سبتمبر 2025

07:39 ص

الأبعاد الاقتصادية لصفقة استيراد مصر للغاز من إسرائيل.. من المستفيد الأول ومن الخاسر إذا لم تكتمل؟

الأحد، 07 سبتمبر 2025 08:23 م

هشام عياد

الكاتب هشام عياد

الكاتب هشام عياد

ما أُعلن مؤخرًا عن تمديد اتفاقية استيراد مصر للغاز الطبيعي من إسرائيل حتى عام 2040، وبتكلفة مالية قدرها 35 مليار دولار، أثار العديد من التساؤلات حول التداعيات الاقتصادية لهذه الاتفاقية وأثرها على الاقتصاد المصري.

يقول الخبير البترولي مدحت يوسف إن أكبر حقول الغاز الإسرائيلي هو حقل "ليفياثان"، وهو مشروع مشترك بين شركة "نيوميد" الإسرائيلية وشركة "شيفرون" الأمريكية التي تمتلك الحصة الأكبر بنسبة 55%.

هذا الحقل متوقف عن التنمية، أي أن إنتاجيته محدودة نظرًا لغياب منافذ لتصريف الغاز. 

وهنا تضغط الشركة الأمريكية، التي تحملت الجزء الأكبر من الاستثمارات، لاسترداد أموالها، فيما تمثل مصر المنفذ الوحيد لتسويق الغاز خارج إسرائيل بعد فشل الأخيرة في إقامة خط غاز طبيعي يربطها بأوروبا لعدم جدواه الاقتصادية.

تقوم الشركة الأمريكية أيضًا بتشغيل الحقل بتكلفة تبلغ 3.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية من الإنتاج، وترتفع التكلفة حال عدم تنمية الحقول. ومن هنا جاء الضغط من "شيفرون" على الجانب الإسرائيلي لإبرام اتفاق توريد طويل الأجل مع مصر، لعدة أسباب أهمها:

 قدرة مصر على إسالة الغاز عبر محطاتها وتصديره لأوروبا، وفقًا للاتفاق المصري – الأوروبي الموقع عام 2022.

 عدم وجود بديل حقيقي أمام إسرائيل لتصريف الغاز.

 معادلة السعر

 

السعر المتفق عليه لشراء الغاز من الحقل يبلغ 7.4 دولار للمليون وحدة حرارية. يذهب منها 3.5 دولار مصاريف تشغيل، ويتبقى 3.9 دولار يتم اقتسامها بنسبة 55% لشركة "شيفرون"، بينما تحصل "نيوميد" الإسرائيلية على نحو 1.75 دولار فقط.

وبالتالي فإن الصفقة، البالغة 35 مليار دولار، سيذهب منها لإسرائيل ما قيمته 8.2 مليار دولار طوال 15 عامًا، أي ما يعادل نحو 550 مليون دولار سنويًا فقط.

 مقارنة مع واردات أخرى

 

مصر تستورد حاليًا الغاز الطبيعي المسال من قطر والإمارات بسعر يقارب 12 دولارًا للمليون وحدة حرارية (دون احتساب تكلفة النقل البحري وإعادة التغييز، ودون أي تخفيض سعري). 

بينما الصفقة الأمريكية – الإسرائيلية تورد بسعر 7.4 دولار، ما يمنح مصر ميزة سعرية ويعكس قوة موقفها التفاوضي.

كما أن تشغيل محطات الإسالة المصرية بالغاز الأمريكي – الإسرائيلي وإعادة تصديره لأوروبا بالأسعار العالمية يحقق لمصر مكاسب اقتصادية كبيرة، فضلًا عن أن الربط المستقبلي مع الغاز القبرصي المتوقع عام 2027 يؤكد قدرة مصر على الاستمرار في هذا النهج الاقتصادي الناجح. 

أما في حال عدم إبرام الصفقة، فستتحمل الشركات الأجنبية خسائر عدم تنمية الحقول.

 هل تستطيع مصر الاستغناء عن الغاز الإسرائيلي؟

 

الإجابة واضحة: نعم.

فبعد استقدام أربع ناقلات لإعادة التغييز، بالإضافة إلى واحدة مشتركة مع الأردن، باتت قدرات مصر كافية تمامًا لتلبية احتياجاتها خلال الصيف، بل وتزيد عن الطلب المنخفض في فصل الشتاء.

 وهنا يظهر بوضوح من سيكون الخاسر الحقيقي إذا لم تكتمل الصفقة.

 مصر لا تخضع للابتزاز

 

في المقابل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن هذه الضجة تتجلى بشكل خاص في ظل الحرب المستمرة على حركة "حماس" في قطاع غزة، واستيلاء الجيش الإسرائيلي على معبر رفح و"ممر فيلادلفيا" على الحدود مع مصر.

وكشف تقرير لمجلة "إيبوك" الاقتصادية الإسرائيلية أن إسرائيل ترى في هذه الصفقة "تاريخية"، كونها تُعزز مكانتها الإقليمية في وقت تهتز فيه عالميًا بسبب الحرب، واعتراف دول عدة بدولة فلسطينية مستقلة.

 كما اعتبر التقرير أن الاتفاق سيزيد من اعتماد مصر على إسرائيل.

من جانبها، أكدت الحكومة المصرية، عبر متحدثين رسميين بوزارة الطاقة والبترول، وأحد وزراء النفط السابقين، أن الصفقة ليست سياسية بل تجارية بحتة، وأنها تُحقق أرباحًا لمصر من خلال تعويض النقص الحاد في الطاقة، وتوفير إمدادات غاز أقرب جغرافيًا وأقل تكلفة، مع الاستفادة من البنية التحتية القائمة. 

كما اعتبرت القاهرة أن الصفقة تُعزز طموحها في أن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة الغاز.

وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن دولة صغيرة مثل إسرائيل أصبحت قوة هائلة، إذ تمكنت من "هزيمة قوتين عظميين في المنطقة دون إطلاق رصاصة واحدة"، عبر هذه الصفقة. 

وأضافت أن إسرائيل ستزود مصر والأردن بالغاز بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، ما يمنحها نفوذًا استراتيجيًا إقليميًا.

search