السبت، 04 أكتوبر 2025

05:34 م

علاء ثابت مسلم يكتب: الحد الأدنى للأجور.. الميزانية المفقودة والأيدي المغلولة

السبت، 04 أكتوبر 2025 03:30 م

علاء ثابت مسلم

علاء ثابت مسلم

في عالم يسير بوتيرة متسارعة نحو التطور الاقتصادي، نجد أن بعض المؤسسات لا تزال ترفع شعار "الميزانية لا تسمح" حين يتعلق الأمر بتطبيق الحد الأدنى للأجور. وكأن هناك سراً في خزائنها لا يمكن للعين البشرية أن تراه، أو ربما هي ميزة في الإدارة المالية التي تجعل الأرقام تتناثر بلا حسيب ولا رقيب. هل أصبحنا نعيش في عالم غريب حيث المال متوفر لشراء كل شيء ما عدا حقوق العمال؟!.

المشكلة ليست في الميزانية كما يدعي البعض، بل في الخيارات التي تُتخذ بعيدًا عن مصلحة العامل. كيف لمديرٍ يتقاضى راتباً فلكياً ويشعر أنه "مش قادر" على رفع أجور من يعملون في أدنى السلالم الاقتصادية؟ لماذا لا تتحرك الميزانية إلا عندما يتعلق الأمر بالـ"مكافآت الفاخرة" لعدد من الأشخاص الذين لا يساهمون في الاقتصاد مثلما يفعل العمال؟

توجهات الشركات تبدو وكأنها تضع قوانين خاصة للإنفاق، ففي الوقت الذي تخصص فيه ملايين لشراء أجهزة فاخرة أو تنظيم حفلات ترفيهية، نجد أن الزيادة في أجور الموظفين تُعتبر "ترفًا" يُضاف إلى قائمة الممنوعات. بل إن بعض المؤسسات تبرر عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور بأن "الميزانية لا تسمح"، في حين أن التقارير المالية تُظهر أرباحاً ضخمة لم يتم الاستثمار فيها لتحسين ظروف العمل.

وبينما يواصل أرباب العمل التذرع بالميزانية، يعاني الموظفون من قلة الدخل في ظل تكاليف الحياة المرتفعة. في الواقع، يبدو أن هذه "الميزانية العاجزة" تنطبق فقط عندما يتعلق الأمر بحقوق العامل، ولكن عند البحث في بنود أخرى مثل "التسويق" و"الاستثمار" و"التكنولوجيا" فالموازنات تتحول فجأة إلى جداول ذهبية لا تنتهي. هل يمكننا حقاً أن نصدق أن زيادة بسيطة في راتب عامل يمكن أن تزعزع كيان المؤسسة، بينما الهدايا الباهظة للمديرين التنفيذيين لا تؤثر في هذه "الميزانية المحدودة"؟

يبدو أن الحل واضح للجميع، ما عدا أولئك الذين يجلسون على قمة الهرم: المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تقتضي توزيع عادل للثروات، وليس الاقتصاد على حساب البسطاء. إن غياب الحد الأدنى للأجور، ليس مجرد مشكلة مالية بل هو أزمة اجتماعية، تساهم في تعميق الفجوة بين طبقات المجتمع.

في النهاية، تبقى الميزانية حجة واهية، يرفعها بعض المديرين من أجل تبرير تجاهل حقوق العمال. قد تكون العقول المدبرة قادرة على ضبط الأرقام، لكن هل ستكون قادرة على تبرير تجاهلها لأبسط حقوق الإنسان؟!

الرابط المختصر

search