الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

06:21 م

باسم عوض الله يكتب: قمة شرم الشيخ للسلام: مصر مهد الحضارات ومنبع السلام

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 02:12 م

باسم عوض الله

باسم عوض الله

وتستمر صفحات التاريخ تحكي مآثر وطني مصر الأبيَّة البهيَّة، وتسطر صفحات جديدة ببصمات غائرة، كي تروي لنا إرادة الله سبحانه وتعالى في خلقه فإذا أراد شيئًا قال له "كن فيكون". فإرادة الله غالبة رغم أنف كل متكبر ومتعجرف مغرور خدعته أفكاره المسمومة، وإن حدث ومازال يحدث من نماذج فاسدة داخل مصر لا تمت بصلة لجذورها الطيبة وأصولها العريقة ـ فالاختلاف حكمة الله في خلقه ـ، تبقى بركة رب العرش العظيم تقدس وتبارك تراب مصر الطاهر العظيم وشعبها المبجل عظيم الشأن.

اليوم ونحن نواجه مصاعب وتحديات المعيشة سويًّا يوما بعد يوم، صابرين منتظرين الفرج وملؤنا اليقين، نجلس نشاهد تغير المشهد جذريًّا وكأنها قطع المكعبات المبعثرة منذ عشرات السنين المختفية تحت أتربة الأزمنة الغابرة، وقد أتت رياح الهمَّة والعزيمة والجَلد والصبر والحكمة والمنطق والشرف والذمة... إلخ من صفات الإنسان الرباني، كي تجمِّعها وتتجلى بسماء المجد فوق رؤوس الخلائق شاهدة ومُسلِّمة لاختراق المصريين حدود المدى، فقد صنعوا أيقونة جديدة ستوضع بجانب أيقونات الأجداد المجيدة ذات عنوان "مصر منذ الأزل وإلى الأبد". 

اليوم نشاهد والعالم يشاهد معنا التهام مصر للأضواء بكل الساحات -كعادتها وإن تركت بصيص من الضياء لأشقائها تبقى الشمس مشرقة منها ولها-؛ بدء من الساحات السياسية والعسكرية انتقالًا إلى الاقتصادية والتجارية وصولا إلى السياحية والاجتماعية... إلخ من كافة مناحي الحياة، وأرى وأسمع الآن كافة الجمل والكلمات التي انطلقت كالأسهم من أذهانكم أحبائي والمتمثلة في: كيف؟ هل تمزح معنا؟ ومن أين لك تلك الشعارات الرنانة؟ نحن نذوق مرار العيش وغلاء المعيشة الحارق ومصاعب لا حصر لها! هل تعيش معنا أم تتحدث من كوكب آخر؟! 

يا أحبتي وأصدقائي وزملائي، أنا جاركم بنفس الكوكب وأعيش ما تعيشونه وأتناول من نفس إنائكم، لكن تغير الحال ليس في الحال وبقائه من المحال، فنحن مصر ومصر نحن، بأمر الله قادرون أن نقتات جمرًا ونُسقى أجيجًا، لحين الوصول إلى مبتغانا. 

وللعلم فنحن شعب حباه الله عز وجل بِجوهر العجب؛ فالارتقاء فينا حتى السِّمو وبعض منَّا للأسف الانحطاط فيه حتى الدِّنو، نحن الألوان كلها بحلوها ومرها، فالقَدَر قد نُقِش في صخور الجنة المباركة وزوايا العرش العظيم بآيات من نور وسندس بوحي الله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} سورة يوسف (الآية ٩٩)، {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} سورة يونس (الآية ٨٧)، وآيات أخرى مباركة بالقرآن الكريم. إنها مصر يا سادة إنها بلا منازع أم الدنيا وأبيها وعائلة الدنيا أجمع. 

مصر الأمس واليوم اخترقت قلوب وأرواح الأشرار الفاسدين الخبثاء الملعونين بسهم هتك عروشهم المهترئة، فتبوأت عرش القيادة والتوجيه فزاحمت كبرى الدول بالقرار الصائب والتأني والحزم والإصرار على كل قرار وهدف، حتى وصلت أنها كما كانت وبإذن الله تعالى مازالت وستبقى تحت مظلة الرحمن أرض الكنانة والسلام، فتلاقى الخصوم على أرضها ونثرت بالوجوه مسك السلام. وأشرقت شمس مصر الوضاءة البهية على القضية الفلسطينية بصباح جديد وعهد جديد ووعد مديد بالطمأنينة والسكينة، وسيحل أخيرًا الليل الفلسطيني مرة أخرى بسكون يحمل بطيَّاته الأمل والحياة. وذلك كله بقيادة عظيم الشأن وعالي المقام فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وبصحبته أعزاء ونبلاء مصر المخلصين الصادقين الشرفاء والبواسل الفدائيين، ومن منبري هذا أقول لفخامتكم حضرة رئيس المحروسة: دمت لمصر ولنا وللعالم أجمع، ودامت معك سواعد مصر رجالًا ونساءً، تحيا مصر.

وكما فسر مولانا العظيم الجليل العارف بالله سيدي زين السَّمَّاك رضي الله عنه وأرضاه الآية الكريمة: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} سورة يونس (الآية ٢٥): "على كل هذه العقول وتلك القلوب أن تتلقى دعوة كريمة من الخالق العظيم يدعوهم إلى دار السلام، والسلام اسم من أسماء الله الحسنى، فدار السلام تدعو إلى السلام مع النفس الإنسانية، والسلام مع الإنسان، والسلام مع الحياة، وعلى الإنسان أن يعمل في إطار هذا الفهم ليدخل إلى دار السلام، فيحاسب نفسه أولًا، ويعمل على إصلاحها، وألا يجري وراءها، لأن هذه النفس قد تكون كالجواد الذي لا يحافظ على راكبه، فإذا فقد السيطرة على جواده يذهب به الجواد إلى أي مكان ليس في الحسبان.

فالإنسان موكول لكي يحافظ على نفسه، ويجعلها نفسًا مطمئنة صالحة، بالتمسك بما جاء من آيات الله والحكمة في المواقع القرآنية الكثيرة، فهي وديعة من الله سبحانه وتعالى، فليعمل جاهداً لتكون هذه النفس نفسًا شفافة طيبة، لا تحمل الحقد ولا تسب الآخرين أو تعتدي عليهم، كي يسعد الإنسان بنفس راضية مطمئنة تعيش بين يدي الله سبحانه وتعالى، فهو الذي وهبها من ملكه البصر والسمع والإحساس والنطق والحركة والعمل، وعلى الإنسان أن يعامل النفس باحتراس واكتراث، حتى يحافظ عليها كي تكون نقية من كل سوء، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة في التربية فإن هذه التربية ستنعكس على المحيطين به في التعامل، وهذا الذي استطاع أن يخالف النفس الشريرة إنما يكون من أولياء الله الصالحين، وهنا يكون الإنسان في دار السلام".

الرابط المختصر

search