الإثنين، 10 نوفمبر 2025

12:41 م

باسم عوض الله يكتب: اللصوص لا يسرقون فقط الأموال..!

الإثنين، 10 نوفمبر 2025 11:03 ص

باسم عوض الله

باسم عوض الله

يصول ويجول الإنسان بأركان الحياة، مطاولًا للسماء ومخترقًا للأرض، باحثًا شغوفًا نحو المجهول، وكلًّا يعرف إلى من ينتمي، فهناك من ينتمي إلى السِّمو فيجد ضالته بقلبه وروحه، وهناك من ينتمي إلى الدِّنو فيجد ضالته بجسده.

وكما هو معتاد فكلمة لِص تأتي بمشهد محفور بالأذهان للسارق الهارب على أنابيب الصرف الصحي، أو كما يحدث بتلك الأيام، فالسرقة تتم في وضح النهار، لِيَفِرّ ذلك المجرم حاملًا ما جناه من منزل لم يجني أصحابه شيئًا مقابل فعلته الشنعاء. لكنهم لصوص مبتدئين بعالم الخطايا والإجرام فلم يسرقوا إلا أشياء ماديًّة ملموسًة، وفي حين أن أصحابها بخير ولم يصيبهم أي مكروه، تجدهم يعبرون بمقولة شهيرة: (جت في الفلوس أو في الحديد الحمد والفضل لله إننا بخير).

لكن يا أحبتي الكرام، هناك ما هو أقسى من مشاهد السرقة المعتادة المتكررة، فأبشع صور اللصوصية النكراء حينما ترتدي ثوب القرابة أو الصداقة أو الجيرة أو الزمالة... إلخ، ومن بين العيون المتوهجة والثُّغور الضاحكة، نجد قلوبًا ليست بقلوب بل صناديق نفايات، وأرواحًا ليست بأرواح بل أشباح أموات. إنهم من تعشش بداخلهم براثن الحقد والحسد والكراهية والبغضاء والشر، فأعينهم تطلق سهامًا مسمومة، وألسنتهم ترتسم حولها ابتسامات صفراء، تختفي ورائها جِيَف نواياهم المخرجة لكلمات قاتلة.

إنهم يا أحبتي لصوص الفرحة والبهجة والرزق، إنهم كما يقولون أجدادنا (يسرقوا الكحل من العين)، وهم أحيانًا يصبحون سارقين للحياة؛ فمن لم يأخذ ساترًا منهم وا أسفاه عليه، فستسرق حياته من بين يديه دون أن يدري. إنهم من أخطر الكائنات بل أخطرها بلا منازع، لأن الطُّغاة منهم يقف أمامهم والعياذ بالله الشيطان تلميذًا كي يدرس ويتعلم منهجهم الأسود، فهؤلاء شياطين متخفية بِزِيّ البشرية.

لكن أكثر ما يحزن الفرد منَّا ويترك جروحًا غائرة بالروح لا تندمل؛ أن يصطدم بأحد هؤلاء اللصوص ليجده من أقرب الناس إليه، بل وأحيانًا من دمه، فجرح الغريب يلتئم، إنما جرح القريب لا ينصرم.

لذلك واجب علينا بل فرض أن نأخذ كافة إجراءات الحيطة والحذر، ونُؤمِّن أنفسنا وأحبابنا بكل ما أوتينا من قوة وأدوات. وكلٌّ حسب وضعه فهناك من يوضع حدودًا أمامه، وهناك من تحسب أنفاسك أمامه وكلماتك معه حتى لا يحسبها عليك ويحاسبك عليها، وهناك من كتب على نفسه البُعد والفراق لأنه جُحر للشَّر.

اللهم أَعِنَّا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، اللهم أَعِنَّا على أنفسنا، اللهم ندعوك بأن نصبح مقبولين عند عتباتك المقدسة، اللهم ندعوك بأن نصبح بصحبة المقربين، اللهم ألهمنا الحكمة والبصيرة وأجعل صحبتنا برفقة الصالحين، اللهم إنا نستعيذ بجلالك من كل شر وخطر وأذى يصيب نفوسنا الرقيقة، اللهم لا علم لأحد بنا إلا جلالك فظلل علينا باسمك العليم، اللهم بحق كن فيكون أنزل أمرك على أبواب الرزق كي تنفرج لنا على مصراعيها، اللهم اجعلنا في حضرة أنوارك البهية، واللهم أغثنا بغيثك المبارك يا رب السماوات والأرض.

الرابط المختصر

search