الجمعة، 14 نوفمبر 2025

05:32 م

باسم عوض الله يكتب: سيدنا يُوسُف عليه السَّلام: سلامٌ على من ظُلم وجَبر الله خاطره

الجمعة، 14 نوفمبر 2025 03:49 م

الشاعر باسم عوض الله

الشاعر باسم عوض الله

وتهلّ عليّ نسمات الكريم ونفحات أيقونة التسامح الحبيب الغالي سيدي وسيد أسياد مصر المحروسة سيدنا يوسف عليه السلام والمحبة والكرم، لأجد نفسي أطوف بكوكبه البرَّاق حتى أردت به العِناق، فأمام ضياء الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم كما قال عنه سيد البشر والكون أجمع سيدنا وتاج رؤوسنا سيدنا محمد عليه أرق وأحق الصلاة وأرقى وأنقى السلام، لا نستطيع إلا أن ننغمس فيها وننصهر بها. 

إنَّ جُلّ ما يستوقفني بقصة سيدنا يوسف عليه السلام هو الظُّلم والعياذ بالله -لا أرانا الله ظلمًا بأنفسنا ولا بأحبابنا-، فقال النبيُّ ﷺ عنه: (اتَّقوا الظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقوا الشُّحَّ فإنَّ الشُّحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءَهم واستحلُّوا محارمَهم). وما أدرانا ما الظلم الكؤود الذي ذاقه الشريف العفيف سيدنا يوسف عليه السلام، فإنه ظلم يكاد يفتك بأي إنسان تخلى عن يقينه وإيمانه بالله، إلا أنه حفر أثرًا فاق به آثار أجدادنا المصريون العظماء، أثرًا من عِظام الشِّيم.

إني أرى من قصة سيدنا يوسف عليه السلام ناقوسًا مُنذِرًا لكل من تُسَوِّل له نفسه بأن يظلم نفسه أو يظلم أي مخلوق على وجه الخليقة، فإن الظلم دائرة بدايتها من الظالم ونهايتها أيضًا عند نفس الظالم بالتمام والكمال، فكما زرع سيحصد عاجلًا أم آجلًا. 

إن الظلم يا أحبتي لا يقتصر فقط على القضايا المتعارف عليها، والتي نسمع أصداءها من أروقة المحاكم؛ لكن الظلم من الممكن أن يكون في بخلك لكلمة حب ورفق لشخص في أمس الحاجة إلى من يرأف بحاله. الظلم يوجد في تزييف الأمانة ولو في كلمة، لأننا إن اختزلنا كلمة أو أضفنا تعبيرًا ما، فإننا سنجعل المستمع يذهب لطريق مخالفًا لما يجب أن يكون فيه. أيضًا من صور الظلم البشعة ظلم الآباء والأمهات لأبنائهم وظلم الأبناء لوالديهم، والتقصير في حق النفس ظلم، والتقصير في حق الله أشد ظلمًا من الإنسان لنفسه... إلخ من صور الظلم المتعددة. 

والمهم جدا ذكره أن الظلم في بدايته تكمن به فرص عِدَّة لأن يعود الظالم عن ظلمه، بأن يعيد الحقوق لأصحابها وأن يجبر من كسر خاطره... إلخ من شتى صور رفع الظلم، وذلك قبل أن يتحول الظلم إلى هوَّة من الطغيان والسَّواد الأعظم على صاحبه وعلى من يسانده. 

وتحضرني آية الله ﷻ الكريمة المباركة بسورة القيامة {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ"٢"}، والتي تُظْهِر لنا جليًّا بظاهرها وباطنها قَدْر وقَدَر كل من يلوم نفسه ويحاسبها بالصغائر قبل الكبائر، فإن باتت عادة أن نحاسب أنفسنا بشكل مستمر سنسمو بأنفسنا ونرتقي بأنفسنا ونتَّقي شر أنفسنا.

الرابط المختصر

search