الثلاثاء، 02 ديسمبر 2025

03:16 ص

كل ما تريد أن تعرفه عن صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs)

الثلاثاء، 02 ديسمبر 2025 02:12 ص

باسم ياسر

سبائك ذهبية

سبائك ذهبية

مع الارتفاعات القياسية التي سجلها الذهب خلال عام 2025، ومع اقتراب سعر الأونصة من حاجز غير مسبوق تجاوز 4000 دولار، اتجهت أنظار ملايين المستثمرين حول العالم إلى أدوات مالية بديلة يمكن من خلالها الاستفادة من صعود الأسعار دون تحمل أعباء حيازة الذهب الفعلي. 

وفي مقدمة هذه الأدوات تتصدر صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs) التي أصبحت منافساً قوياً للسبائك والعملات الذهبية، بل وبديلاً رئيسياً لها في كثير من الأسواق.

هذه الصناديق وفرت للمستثمرين إمكانية التعرض لسوق الذهب بسهولة، وبدرجة عالية من السيولة، ومن دون الحاجة إلى الاحتفاظ بالمعدن الأصفر في المنازل أو الخزائن، أو القلق حول مخاطر السرقة، التلف، أو تكاليف التأمين المرتفعة التي باتت تمثل عبئًا كبيرًا في ظل القفزات السعرية التي جعلت الذهب هدفاً مغرياً للمخاطر الأمنية.

ومع توسع اعتماد صناديق الذهب عالمياً وإقليمياً، وظهور نماذج عربية ومصرية بدأت تجذب شرائح واسعة من الأفراد، أصبح من الضروري تقديم قراءة تحليلية معمقة لهذا النوع من الاستثمارات، وكيف تعمل، وما مميزاتها ومخاطرها، وما الحد الفاصل بينها وبين شراء السبائك، وما الذي تقدمه للمستثمر خلال فترات الاضطراب الاقتصادي التي يشهدها العالم حالياً.

 الذهب… من زينة إلى مخزن للقيمة عبر التاريخ

 

يُوصف الذهب منذ قرون بأنه "زينة وخزينة"، فهو إلى جانب دوره الجمالي في تشكيل الحُلي والمجوهرات، لعب دوراً محورياً في حفظ الثروة في كل الحضارات تقريباً. فالمعدن الأصفر حظي بمكانة فريدة بسبب ندرته، وثبات خصائصه الكيميائية، وقدرته على الاحتفاظ بقيمته حتى في أصعب الظروف الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن الذهب شهد فترات من الهبوط والصعود، إلا أن مكانته كأداة للتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملات ظهرت بوضوح خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً مع تقلبات الاقتصاد العالمي، والحروب التجارية، وارتفاع مستويات عدم اليقين الجيوسياسي، وتباطؤ النمو في العديد من الاقتصادات المتقدمة.

ومع بدء عام 2025، تخطت أسعار الذهب حاجزاً نفسياً مهماً، إذ ارتفعت بنحو 50% منذ بداية العام، في موجة صعود وصفها محللون بأنها "الأقوى منذ عقدين"، وهو ما دفع المستثمرين إلى البحث عن طرق للاستثمار في هذا المعدن دون تكوين مخزون فعلي منه، خاصةً بعد أن تضاعفت تكاليف تخزينه وتأمينه.

 ما هي صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب؟

 

صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب هي أدوات مالية شبيهة بالأسهم، يتم تداولها في البورصات، ويمثل كل سهم أو وحدة منها جزءاً من ملكية كمية محددة من الذهب الفعلي.

 وتقوم الشركات المُصدرة لهذه الصناديق بشراء الذهب الفعلي وتخزينه في خزائن مؤمنة، ثم إصدار وحدات تمثل ملكية مشتركة في هذه الكمية من المعدن.

وتُعد هذه الصناديق واحدة من أكثر المنتجات المالية نمواً خلال العقدين الأخيرين، إذ أصبحت تشكل نحو ثلث الطلب العالمي على الذهب ضمن فئة الاستثمار، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.

وتتميز صناديق الذهب بأنها:

 تُتداول بسهولة في البورصة مثل الأسهم

 توفر سيولة عالية

 تسمح بالدخول والخروج من الاستثمار خلال ثوانٍ

 تعفي المستثمر من الأعباء اللوجستية المتعلقة بخزن المعدن

 أنواع صناديق الذهب

 

يمكن تصنيف صناديق الذهب إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

 1. صناديق مدعومة بالذهب الفعلي (Physical Gold ETFs) وهي الأكثر شيوعاً.

تقوم بشراء سبائك ذهبية ذات نقاء عالٍ (عادة 999.9)، ويتم الاحتفاظ بها في خزائن مؤمنة.

 أداء هذه الصناديق يتبع السعر الفوري للذهب بشكل مباشر.

 2. صناديق تستثمر في أسهم شركات تعدين الذهب (Gold Mining ETFs)

لا تمتلك ذهباً فعلياً، بل تستثمر في شركات تعمل في استخراج الذهب.

ترتبط بأداء الذهب بشكل غير مباشر، ويتأثر أداؤها أيضاً بالأداء المالي والتشغيلي للشركات.

 3. صناديق هجينة تجمع بين الذهب الفعلي وشركات التعدين

وهي أقل انتشاراً، وتوفر تعرضاً مزدوجاً للمعدن الأصفر ولأداء شركات استخراجه، وهو ما يرفع مستوى التنويع.

 لماذا تتجه الأموال نحو صناديق الذهب؟

 

هناك عدة عوامل دفعت المستثمرين عالمياً إلى ضخ 38 مليار دولار في صناديق الذهب خلال النصف الأول من عام 2025 فقط:

 1. ارتفاع الأسعار وتعقيد الاحتفاظ بالمعدن

مع وصول الذهب إلى مستويات قياسية، أصبحت السبيكة التي كانت قيمتها عدة آلاف من الدولارات تُباع الآن بعشرات الآلاف، وهو ما رفع تكلفة حفظها وتأمينها.

 2. توقعات ضعف الدولار وخفض الفائدة

وفقاً لوول ستريت جورنال، تشهد صناديق الذهب إقبالاً في الولايات المتحدة بسبب توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي للفائدة، مما يقلل جاذبية الدولار ويرفع إقبال المستثمرين على الذهب.

 3. السيولة العالية وسهولة التداول

بيع السبيكة أو الجنيه قد يستغرق وقتاً، ويخضع لعمولات وخصومات "مصنعية"، بينما وحدة صندوق الذهب تُشترى وتُباع فورياً في البورصة.

 4. تجنب الشبهات وإثبات الملكية

شراء الذهب الفعلي يحتاج إلى فحوصات للتحقق من النقاء، وإيصالات وفواتير، بينما الصناديق توفر مستندات ملكية منظمة، وتخضع لرقابة مالية رسمية.

 فرق جوهري: الذهب الفعلي ملكية ملموسة وصناديق الذهب ملكية ورقية

السؤال الأكثر شيوعاً بين المستثمرين:

هل الأفضل شراء سبيكة أم الوثوق في صندوق ذهب؟

الإجابة تعتمد على غرض الاستثمار واستراتيجية المستثمر.

 مزايا صناديق الاستثمار في الذهب

 

تقدم صناديق الذهب مجموعة واسعة من المزايا أبرزها:

 1. تجنب مشكلات التخزين والتأمين

لا حاجة لصناديق أمانات أو خزائن منزلية أو تكاليف التأمين.

 2. سيولة مرتفعة جداً

الوحدات تُباع في دقائق وبأسعار لحظية عكس الذهب المادي.

 3. إزالة فروقات المصنعية

جميع تكاليف الذهب الفعلي—من مصنعية وضريبة دمغة—غير موجودة هنا.

 4. الشفافية والرقابة

الصناديق تخضع لرقابة مالية صارمة، ويتم إعلان قيمة الأصول بشكل يومي.

 5. إمكانية الاستثمار بمبالغ صغيرة

بدلاً من شراء سبيكة بـ 50 ألف دولار يمكن شراء وحدات من الصندوق بدءاً من عشرات الدولارات.

 عيوب صندوق الذهب مقارنة بامتلاك السبائك

 

رغم مزاياه الكبيرة، أشار بعض المختصين إلى عدة نقاط ضعف في صناديق الذهب:

 1. عدم امتلاك ذهب فعلي يمكن الاحتفاظ به

وأبرز منتقدي الصناديق هم المحافظون الذين يعتبرون الذهب الفعلي "ملاذ الملاذات".

 2. رسوم الإدارة السنوية

حتى أفضل الصناديق تفرض رسوماً بين 0.25% و0.40%، تؤثر على العائد التراكمي.

 3. احتمال استخدام مشتقات مالية

بعض الصناديق لا تحتفظ بسبائك حقيقية، بل تعتمد على عقود مشتقة، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للمخاطر.

جاراد براون، أحد كبار المخططين الماليين في سنغافورة، حذر من هذه النوعية لأنها "تخلق تعرضاً غير حقيقي لسعر الذهب".

 4. عدم إمكانية استرداد الذهب للمستثمر العادي

باستثناء "المشاركين المعتمدين"، لا يسمح غالبية الصناديق باستلام ذهب فعلي مقابل الوحدات، ويتم تسوية المبلغ نقدياً فقط.

 كيف تشتري وحدات في صندوق ذهب؟

 

الشراء سهل ومباشر عبر الخطوات التالية:

1. فتح حساب استثماري لدى وسيط مالي أو عبر تطبيقات التداول.

2. البحث عن صناديق الذهب المتاحة من خلال منصة الوساطة.

3. الاطلاع على طبيعة الصندوق:

    هل هو مدعوم بذهب فعلي؟

    أم يستثمر في شركات التعدين؟

4. تقييم الأداء التاريخي للصندوق.

5. مراجعة الرسوم السنوية.

6. إدخال أمر الشراء بشكل مباشر عبر منصة الوسيط.

من المهم أيضاً قراءة نشرة الاكتتاب لمعرفة تفصيلات الاستثمار والمخاطر.

 ما مدى إمكانية استرداد الذهب الفعلي من الصناديق؟

 

أغلب صناديق الذهب لا تسمح للمستثمر العادي باستلام سبائك فعلية.

على سبيل المثال:

صندوق SPDR Gold Trust (GLD)—أكبر صندوق ذهب في العالم—يتيح الاسترداد العيني فقط للمشاركين المعتمدين، مثل البنوك الكبرى والمؤسسات المالية.

أما المستثمر العادي، فعند البيع يجري تسوية العملية نقدياً عبر البورصة، ولا يستلم أي ذهب فعلي.

 أبرز المخاطر المرتبطة بصناديق الذهب

 

 1. تقلب السعر الفوري للذهب: قيمة الوحدات تتذبذب مباشرة مع السوق العالمية.

 2. مخاطر السيولة: قد يتعرض الصندوق لضغط سيولة في أوقات الأزمات.

 3. مخاطر العملة: إذا كان الصندوق بالدولار، والمستثمر عملته المحلية ضعيفة، تظهر فروقات في الربحية.

 4. مخاطر التخزين الفعلي لدى جهة الإصدار: رغم أنها ضئيلة، إلا أن بعض الصناديق تحدثت عن تأثيرات محتملة لحوادث مثل السرقة أو تلف الذهب، بحسب نشرات رسمية.

 5. مخاطر "ذهب المغفلين": يطلق البعض هذا المصطلح على الصناديق غير المدعومة بذهب فعلي، والتي تعتمد على عقود تسوية… وهي الأكثر خطورة.

 أكبر صناديق الذهب في العالم

 

وفقاً لبيانات بلومبرغ، يتصدر سوق صناديق الذهب صندوقان رئيسيان:

 1. SPDR Gold Shares (GLD)

 تأسس: 2004

 مدرج: بورصة نيويورك "آركا"

 أصول تتجاوز: 60 مليار دولار

 رسوم: 0.40%

 يتتبع سعر السبائك الفعلية

 سيولته ضخمة ويعد الأشهر عالمياً

 2. iShares Gold Trust (IAU)

 تأسس: 2005

 يديره: BlackRock

 أصول تتجاوز: 45 مليار دولار

 رسوم: 0.25% فقط

 يعتبر الأكثر جاذبية للباحثين عن تكاليف منخفضة

 صناديق الذهب في الخليج والعالم العربي

 

 السعودية: صندوق البلاد للذهب

 

هو الأبرز خليجياً، ويتوافق مع الشريعة الإسلامية، ويستثمر 95% من أصوله في الذهب الفعلي. يستند إلى عقود الذهب الفورية في بورصة دبي للذهب والسلع.

 الإمارات

 

تمتلك سوقاً ضخمة للذهب، لكن لم تُطلق حتى الآن صندوقاً محلياً كبيراً، رغم وجود تصاريح رسمية. التعاون الأقوى حالياً يتم مع صندوق البلاد السعودي.

 مصر: سوق ناشئ يتوسع بسرعة

 

في 2023، وافقت الهيئة العامة للرقابة المالية على إطلاق أول صندوق ذهب محلي.

ثم توسعت السوق لتضم:

 صندوق AZ-Gold (أزيموت)

 صندوق بلتون–إيفولف

 صندوق الأهلي للاستثمارات المالية

وفي مايو 2025 أعلنت الهيئة أن 200 ألف مصري استثمروا نحو 2.1 مليار جنيه في هذه الصناديق، في مؤشر لارتفاع الوعي بالاستثمار المنظم في الذهب.

 هل يعتبر صندوق الذهب ملاذاً آمناً؟

 

بحسب تقرير لمؤسسة State Street Global Advisors، تُعتبر صناديق الذهب أداة تحوط فعالة خلال فترات التضخم والضبابية الاقتصادية.

وذلك لأنها:

 تتبع سعر الذهب، الذي يمثل مخزناً تقليدياً للقيمة

 تحمى المستثمر من التراجع في العملات الورقية

 توفر سيولة تساعد على الدخول والخروج بسرعة

ولكن رغم ذلك، لا تقدم ضماناً ثابتاً للربح، إذ يتقلب الذهب بين حين وآخر، خاصة في فترات الاتجاهات المتشابكة بين قوة الدولار، أسعار الفائدة، والتوترات الجيوسياسية.

ومع ذلك، يبقى الذهب وصناديقه ملاذاً رئيسياً في أوقات الأزمات العالمية.

 الخلاصة… لمن تُعد صناديق الذهب الخيار المثالي؟

 

بعد تحليل كامل للصناديق ومزاياها ومخاطرها، يمكن القول إن صناديق الذهب مناسبة لـ:

 المستثمر الذي يرغب بالاستثمار المريح دون تخزين ذهب

 الباحث عن سيولة عالية وسهولة في التداول

 من لا يرغب بدفع مصنعية عالية للذهب المشغول

 من يريد تنويع محفظته بأداة آمنة نسبياً

 من يسعى للتحوط ضد التضخم وتقلبات العملات

لكنها ليست خياراً مثالياً لمن:

 يرغب بامتلاك الذهب بشكل فعلي وملموس

 يبحث عن أصل مادي يختزنه لسنوات طويلة

 لا يريد دفع رسوم سنوية

في النهاية، يبقى الذهب من أهم أدوات الادخار والاستثمار عبر التاريخ. وتقدم صناديق الذهب اليوم بديلاً عصرياً يجمع بين سهولة التداول، والشفافية، والقدرة على الاستفادة من تحركات الأسعار من دون عمليات شراء وبيع معقدة.

ومع تنامي اضطرابات الاقتصاد العالمي، يبدو أن هذه الصناديق ستواصل جذب المزيد من المستثمرين، لتصبح جزءاً أساسياً من المحافظ الاستثمارية عربياً وعالمياً.

إقرأ أيضًا:

كل ما تريد أن تعرفه عن صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs)

كيف تبدأ الاستثمار في الذهب؟ دليل المبتدئين 2026

سبائك الذهب أم المشغولات الذهبية: أيهما أفضل للاستثمار؟

الذهب كملاذ آمن: كيف يحميك من التضخم والأزمات الاقتصادية


 

الرابط المختصر

search