توقعات أسعار الذهب عام 2026

يشهد الذهب منذ مطلع عام 2025 واحدة من أكبر موجات الصعود فى تاريخه الحديث، بعد أن اخترق حاجز الأربعة آلاف دولار للأونصة لأول مرة، فى صعود وصفه محللو الأسواق المالية بأنه بداية لمرحلة جديدة فى تسعير المعدن النفيس.

 هذا الارتفاع الاستثنائى لم يكن حدثاً عابراً، بل ارتبط بمجموعة من التحولات الاقتصادية العالمية، الأمر الذى جعل توقعات سعر الذهب ديسمبر 2025 محوراً رئيسياً فى تقييم وضع السوق قبل دخول عام 2026.

وتشير البيانات الدولية إلى أن الذهب ارتفع بأكثر من 58 بالمئة منذ بداية العام، مستفيداً من حالة عدم اليقين التى تخيم على المشهد الاقتصادى العالمى، ومن التوترات الجيوسياسية التى دفعت المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار إلى زيادة مخصصاتها من الذهب.

 العوامل العالمية الدافعة لصعود الذهب قبل دخول 2026

تتفق معظم التحليلات الاقتصادية على أن موجة الصعود الحالية ليست مجرد نتيجة لظروف عارضة، بل مرتبطة بعوامل هيكلية تتجاوز الأسواق التقليدية. فى مقدمة هذه العوامل استمرار تحول البنوك المركزية نحو شراء الذهب بكميات غير مسبوقة، فى محاولة لتنويع الاحتياطيات وتقليل الاعتماد على الدولار، وهو اتجاه تعزز خلال العامين الأخيرين.

كما ساهمت توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية فى رفع الطلب على الذهب، إذ إن انخفاض العائد على السندات يرفع جاذبية الأصول غير المدرة للفائدة، مثل الذهب. ويأتى ذلك بالتزامن مع مخاوف تضخمية متزايدة، ما يرسخ الذهب كأداة تحوط معتمدة لدى المستثمرين.

تقرير "سى إن بى سى" أكد أن استطلاعاً أجرته "غولدمان ساكس" شمل أكثر من 900 مستثمر مؤسسى أظهر أن ثلث المشاركين تقريباً يتوقعون وصول الذهب إلى خمسة آلاف دولار بنهاية 2026، بينما رجّح 33 بالمئة أن يتحرك المعدن الأصفر ضمن نطاق يتراوح بين 4500 و5000 دولار، وهو ما يعكس ثقة واسعة فى أن الارتفاعات ستستمر خلال العام الجديد.

 الذهب فى ديسمبر 2025: مؤشر يقود توقعات العام الجديد

تكتسب توقعات الذهب لشهر ديسمبر 2025 أهمية خاصة لأنها تشكل—وفق خبراء الأسواق—نقطة الانطلاق الأساسية لما يمكن أن يحدث خلال الربع الأول من 2026. فإذا أنهى الذهب عام 2025 أعلى من مستوى 4100 دولار، فإن هذا سيمنح السوق دفعة نفسية وفنية قوية، تضيف مزيداً من الزخم إلى المسار الصاعد.

فى المقابل، يرى محللون أن أى تباطؤ فى أداء الذهب بنهاية العام قد يدفع بعض المستثمرين إلى جنى الأرباح، ما يخلق حركة تصحيحة مؤقتة، لكن من المستبعد أن تؤثر فى الاتجاه العام طالما استمرت السياسات النقدية العالمية فى منحنى التيسير، وظلت البنوك المركزية فى حالة تراكم للذهب.

 رؤية المؤسسات المالية: دويتشه بنك يرفع التوقعات

فى خطوة تعزز النظرة الإيجابية لعام 2026، رفع "دويتشه بنك" توقعاته لسعر الذهب إلى متوسط يبلغ 4450 دولاراً للأونصة، مقارنة بأربعة آلاف دولار فى تقديراته السابقة، مستنداً إلى تدفقات مستقرة من المستثمرين، وطلب متزايد من البنوك المركزية.

ويشير البنك إلى أنه يتوقع أن يظل الذهب "متأرجحاً بين سيناريوهات متعددة" فى عام 2027، لكن من المرجح أن تبقى المستويات فوق 5000 دولار ممكنة فى ظل استمرار حالة عدم اليقين العالمى. 

ومع ذلك، يحذر من أن أداء الذهب قد يواجه بعض المعوقات إذا تباطأ الفيدرالى فى خفض أسعار الفائدة، أو إذا شهد الدولار موجة تعافٍ قوية.

 خمسة آلاف دولار: الهدف الأقرب أم نهاية المسار؟

يرى محللون بارزون فى أسواق المال أن استهداف مستوى خمسة آلاف دولار لم يعد مجرد احتمال، بل أصبح سيناريو واقعياً قد نراه مع بداية 2026.

 ويؤكد المحللون أن استمرار الحروب، والتوترات الجيوسياسية، وتراجع الثقة فى بعض الأصول الرقمية، عناصر تزيد من تدفق المستثمرين نحو الذهب.

وتوضح أن موجة الصعود لم تتأثر حتى بعمليات بيع احتياطيات الذهب من قبل بعض البنوك، إذ اعتُبر ذلك "استراحة قصيرة" للسوق قبل استكمال الاتجاه الصاعد.

 وتؤكد أن "أى تراجع سعرى فى هذه المرحلة يمثل فرصة ذهبية للشراء"، مع توقعات بأن المعدن الأصفر "سيظل أهم أدوات التحوط والنمو فى البيئة المضطربة الحالية".

 تحليل خبراء الأسواق: الذهب يتحول إلى أصل استراتيجى طويل الأجل

يرى خبراء أسواق المال أن الذهب شهد واحدة من أقوى موجات الصعود فى 2025، مدفوعاً بارتفاع الطلب من البنوك المركزية وصناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، والتى قلصت المعروض القابل للتداول فى السوق، ما رفع السعر بشكل مباشر.

كما أن التراجع المستمر فى الدولار، وارتفاع احتمالات خفض الفائدة، جعلا الذهب خياراً مفضلاً للتحوط ضد التضخم، خاصة أن الأسواق العالمية تواجه تحديات مركبة تتعلق بالنمو والديون السيادية، فضلاً عن التوترات الجيوسياسية.

وأكدوا أن الذهب أصبح يُنظر إليه اليوم باعتباره أصلاً استراتيجياً مستقلاً فى المحافظ الاستثمارية، وليس مجرد ملاذ آمن مؤقت. 

وحذروا من مجموعة مخاطر قد تكبح سرعة الصعود، منها إمكانية إبقاء الفيدرالى على الفائدة لفترة أطول، أو حدوث انفراجة جيوسياسية، أو اكتشاف مناجم جديدة تقلل ندرة المعروض.

 العوامل التى قد تبطئ رحلة الصعود خلال 2026

رغم التفاؤل الكبير الذى يحيط بالسوق، فإن خبراء الاقتصاد يشيرون إلى وجود عوامل لا يمكن تجاهلها قد تُبطئ حركة الصعود، من بينها احتمال حدوث ارتداد فى الدولار إذا شهد الاقتصاد الأميركى معدلات نمو أقوى من المتوقع، أو إذا تباطأت مشتريات البنوك المركزية من الذهب نتيجة تغير السياسات النقدية.

كما يشير محللون إلى أن التقلبات الحادة فى الأسعار، والتى عادة ما ترافق موجات الصعود التاريخية، قد تدفع بعض المستثمرين إلى تقليص مراكزهم تحسباً لحدوث تصحيح.

 لكن هذه العوامل لا تُلغى الاتجاه العام الصاعد، بل قد تشكل مراحل لالتقاط الأنفاس وتمهيد الطريق لمستويات أعلى.

 هل يصبح الذهب العنوان الأكبر لعام 2026؟

مع اقتراب نهاية عام 2025، تشتد الأنظار نحو سعر الذهب فى ديسمبر 2025، الذى سيحدد اتجاه السوق خلال الشهور الأولى من 2026. 

وإذا استمرت الأسعار فى التحرك فوق مستوى 4000 دولار، فإن فرصة تسجيل مستويات تتجاوز 4700 دولار فى النصف الأول من 2026 تبدو مرجحة، على أن يظل مستوى 5000 دولار هدفاً مركزياً خلال باقى العام.

ويرى خبراء أن الذهب قد يشهد فترة استقرار نسبى قبل موجة جديدة من الصعود، خاصة إذا اتجهت البنوك المركزية نحو تخفيف سياسات التشديد المالى، وإذا واصل المستثمرون المؤسسيون تعزيز مراكزهم فى الأصول الحقيقية.

وفى ظل الأوضاع العالمية الراهنة، يبدو الذهب فى موقع يسمح له بمواصلة الرحلة نحو مستويات جديدة، مدعوماً بطلب مؤسسى متزايد، وتغيرات هيكلية فى السياسات النقدية، وتحولات كبيرة فى اتجاهات الاستثمار.

  الطريق مفتوح أمام الذهب نحو مستوى 5000 دولار

تجمع معظم التحليلات الاقتصادية على أن الذهب يدخل مرحلة جديدة من التسعير التاريخى، وأن الظروف العالمية الحالية تهيئه لتحقيق مستويات أعلى خلال عام 2026. ومع ذلك، يبقى النجاح فى تجاوز مستوى خمسة آلاف دولار مرهوناً باستمرار العوامل التى تدعم الصعود، وفى مقدمتها ضعف الدولار، وتخفيف الفيدرالى للفائدة، وتوسع البنوك المركزية فى شراء الذهب.

وبينما يظل المشهد العالمى مفعماً بالمتغيرات، يؤكد الخبراء أن الذهب سيواصل لعب دور محورى فى حماية الثروات، وأن التحركات الحالية ليست نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة أكثر اتساعاً فى الطلب على المعدن النفيس، وسط توقعات بأن يبقى أحد أهم الأصول الآمنة فى السنوات القادمة.

إقرأ أيضًا:

5 عوامل تؤثر على سعر الذهب عليك فهمها عند التداول

كل ما تريد أن تعرفه عن صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (Gold ETFs)

كيف تبدأ الاستثمار في الذهب؟ دليل المبتدئين 2026

سبائك الذهب أم المشغولات الذهبية: أيهما أفضل للاستثمار؟