الإثنين، 22 ديسمبر 2025

12:33 ص

مينا غالي يكتب: هل يملك حسام حسن مفاتيح "أدغال أفريقيا"؟

الأحد، 21 ديسمبر 2025 10:58 م

مينا غالى

الكاتب مينا غالى

الكاتب مينا غالى

لم يكن الطريق الذي سلكه حسام حسن مع المنتخب الوطني مفروشًا بالورود، رغم أن لغة الأرقام جاءت في صالحه بوضوح. نتائج إيجابية، وتأهل إلى كأس العالم وكأس الأمم الأفريقية دون أن يعرف طعم الهزيمة، ومع ذلك ظل العميد هدفًا لسهام النقد، وكأن الامتحان الحقيقي لم يبدأ بعد. والحقيقة أنه لم يبدأ فعلًا، فبطولة أمم أفريقيا وحدها تملك حق إصدار الحكم النهائي.


يدخل حسام حسن البطولة وهو يدرك أن الحسابات تختلف، وأن مباريات التصفيات لا تشبه صدامات البطولة المجمعة، حيث التفاصيل الصغيرة تصنع الفارق، والخطأ الواحد قد يكلف حلمًا كاملًا. لذلك فإن أمم أفريقيا تمثل اختبار العقل قبل القدم، والرؤية قبل الجرأة، والاتزان قبل الاندفاع.


يعتمد حسام في بناء تشكيلته على مزيج نادر جمع بين جيلين متعاقبين؛ جيل تمرّس على الأجواء القارية والعالمية بدءًا من تصفيات كأس العالم 2014، مروراً بأمم أفريقيا 2017 وكأس العالم 2018، وما أعقبهم من بطولات قارية.. وجيل أحدث تشكّل وعيه الكروي بداية من نسخة 2021، مرورًا بجيل المنتخب الأولمبي السابق.

 هذا التداخل بين الخبرة والطموح يمنح المنتخب ثراءً فنيًا وخيارات متعددة، لكنه في الوقت ذاته يضع المدرب أمام تحدي الاختيار الأمثل.


من حراسة المرمى وحتى الخط الأمامي، يملك المنتخب أسماء قادرة على صنع الفارق في أي لحظة، وهو ما أكده حسام حسن نفسه أكثر من مرة. هجوم مدجج بالأسلحة، يتقدمه محمد صلاح، ويحيط به عمر مرموش، ومصطفى محمد، وتريزيجيه، وزيزو، وإمام عاشور، وإبراهيم عادل. 

تنوع هجومي لم تعهده الجماهير المصرية منذ سنوات، ويعد مناقضاً تماماً لنسخ المنتخب الدفاعية التي فرضتها ظروف مرحلتي كوبر وكيروش أثناء البناء.


اليوم، ينتظر الجميع نسخة مختلفة من المنتخب؛ نسخة هجومية لا تكتفي بهدف، ولا تهادن بعد التقدم، بل تبحث عن تسجيل الثاني والثالث، ليس فقط من أجل الفوز، ولكن لإرسال رسائل تحذير مبكرة لكل منافسي البطولة.

 رسائل تقول إن هذا المنتخب لا يُواجَه إلا بحذر، خاصة في الأدوار الإقصائية حيث تُحسم البطولات.
لكن الجرأة الهجومية لا تعني المغامرة، تمامًا كما أن الانضباط الدفاعي لا يعني التراجع المبالغ فيه. 

مواجهة زيمبابوي، الأقل فنيًا في المجموعة، تفرض على حسام حسن إدارة المباراة بهدوء؛ توازن بين الدفاع والهجوم، تقارب بين الخطوط، وسيطرة على المساحات، دون اندفاع غير محسوب أو انكماش يفتح باب المفاجآت.


ومن أهم مفاتيح النجاح في بطولة طويلة كهذه، حسن إدارة الأوراق الرابحة.

 لا ضرورة للدفع بكل نجوم الهجوم دفعة واحدة، فوجود لاعب أو اثنين قادرين على تغيير وجه المباراة من على دكة البدلاء قد يكون الفارق بين التعادل والانتصار، وبين الخروج المبكر والمضي قدمًا.


أما على مستوى التشكيل، فيبدو محمد الشناوي الخيار الأوضح لحراسة المرمى، وأمامه ثنائي دفاعي معتاد على الانسجام يتمثل في رامي ربيعة وياسر إبراهيم، لما بينهما من تفاهم اكتسباه عبر سنوات اللعب جنباً إلى جنب. وعلى الأطراف، محمد هاني يميناً ومحمد حمدي يسارًا.
في وسط الملعب، يمنح وجود حمدي فتحي ومروان عطية الصلابة المطلوبة، مع إسناد دور متقدم لإمام عاشور، بينما تتعدد الحلول هجوميًا بين ثلاثي يضم صلاح ومرموش ومصطفى محمد، أو صلاح وتريزيجيه مع مرموش كرأس حربة صريح.
يبقى الثابت الوحيد أن مرحلة التجريب التي رافقت مباريات التصفيات لم تعد صالحة الآن.

 البطولة المجمعة تحتاج إلى هوية واضحة، وتثبيت طريقة اللعب، وبناء انسجام يسمح للمنتخب بالمضي بثبات نحو الهدف الأكبر: المنافسة الجادة على اللقب، لا الاكتفاء بشرف المشاركة.
في النهاية، يقف حسام حسن أمام لحظة فارقة؛ إما أن يتحول الجدل إلى تصفيق، أو تظل علامات الاستفهام معلقة. وأمم أفريقيا، وحدها، ستملك الإجابة.

الرابط المختصر

search