الأربعاء، 16 أكتوبر 2024

03:18 ص

عبد الظاهر دندراوى يكتب: ظاهرة التسول والإساءة إلى مصر

الثلاثاء، 01 أكتوبر 2024 12:29 م

عبد الظاهر دندراوي

عبد الظاهر دندراوي

يخطِئ من يظن أن ظاهرة التسول هي نتيجة للاوضاع الاقتصادية السائدة في البلاد، ولكن الحقيقة أن التسول قديم قدم الانسانية، فهناك شعوب وقبائل لا تجيد الا احتراف التسول، وكانت هذه القبائل تقصد البلاد الغنية والتي يمتاز شعبها بالثراء، و إلا فما هي حاجتهم الى تلك البلاد الفقيرة التي لا يجد شعبها ما يقتاته، بل إن شعوب هذه المناطق كانت دائمة الهجرات .
ويؤكد المؤرخون والباحثون أن هناك العديد من الشعوب والقبائل التي وفدت الي مصر لم يكن لهم أي نشاط سوى الأعمال الهامشية ومنها التسول، ومن المعلوم أن المصريين من الشعوب المشهود لها بالكرم والرحمة والاغداق على الفقراء و المساكين أو من يظنونهم كذلك.
وكانت هذه القبائل تعسكر في مجتمعات علي تخوم المدن الكبيرة، وأطراف القرى خاصة في أوقات الحصاد، فكان الرجال يأتون إلي الغيطان خلف العمال الذين يقومون بحصد الحقول لكي يغنون بالربابة، وينشدون بعض المدائح النبوية، أو يتغنون بالسيرة الهلاليه، وبعض الاغاني التراثية، مقابل حصولهم علي ما يجود به أصحاب الحقول. وكانت النساء يذهبن الي القرى للتسول عن طريق إدعاء العوز والحاجة أو قراءة الطالع والفنجان وضرب الودع، والرقص في حفلات الزواج و الطهور في المساء.
في بداية الستينات من القرن المنصرم اخذت هذه الظاهره تتواري، نتيجة للنهضة التعليمية والصناعية والزراعية التي واكبت هذه الحقبة. و من المؤكد أن بعض هذه الأسر انخرطت في هذه المجالات بل وأصبح منهم من يتقلد منصباً رفيعاً.
و لكن ظلت ظاهرة التسول بالمدن الكبيرة قائمة، بل ازداد المتسولون شراسة بعد ظهور حقبة البترول، و أصبح إيراد هذه المهنة يفوق إيراد أي مهنة أو وظيفة أخرى.
والأمر المؤسف أن المشرع المصري والقائمين علي شئون البلاد، لا يريدون مجابهة هذه الظاهره المؤسفة التي تسئ الي البلاد ايما إساءة، فأصبح التسول في بعض الاماكن يمارس بالقوة، ولا يستطيع الشخص أن ينجوا من هذه العصابات إلا أن يرضخ لطلباتهم ويستجيب لرغباتهم وخاصة الأماكن التي يكثر فيها السائحون الأجانب من عرب أو من الدول الأجنبية، لأن القانون الذي شرع لمجابهه هذه الظاهرة هو القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٣٣ ما عاد يصبح للتطبيق .
ورغم حنقي علي حكم محمد علي، إلا أنني أرى استدعاء أو تقليد ما فعله الرجل لمواجهه هذه الظاهرة وظاهره أطفال الشوارع. فلقد أنشأ محمد علي معسكرات لتعليم وتدريب هؤلاء المتسولين علي الحرف اليدوية والصناعية وأنشأ لهم الأماكن التي يزاولون بها أعمالهم .
وبالتالي فليس من الأجدي والأنفع والأصلح لمصرنا إلا أن تفعل كما فعل محمد علي، وتقوم الأجهزه المختصة في البلاد بإلقاء القبض وجمع هؤلاء المتسولين وأطفال الشوارع ووضعهم في معسكرات بسيناء والوادي الجديد وتعليمهم الحرف اليدوية والصناعية، وذلك تخلص البلاد من هذه الظاهرة المؤلمة المؤسفة، و إيجاد عمل شريف لهم، و نجنب بلادنا وأنفسنا العار والخزي الذي يلحقونه بالجميع.

search