محمد مطش يكتب: الحب في زمن افتراضي
الإثنين، 14 أكتوبر 2024 02:15 م

محمد مطش
يعيش العالم الآن مرحلة غريبة ومثيرة للجدل. فتبدلت الأمور وتغيرت كثير من الأشياء، واختلفت العديد من المفاهيم والمعتقدات. أصبح عصر التكنولوجيا وهيمنة الألة وسيطرة الذكاء الاصطناعي المعيار للحداثة والتمدن وسلاح للقضاء على الماضي بكل ما فيه سواء كان حلوا كان او مرا.
تشتت العلاقات الإنسانية، وتباينت المشاعر وطريقة التعبير عمن حولنا، سواء كانوا أقارب او زملاء أو أصدقاء أو حتى في العلاقات العاطفية بين الناس بعضهم بعضا.
في الماضي القريب، كان التعبير عن الحب بأشياء بسيطة وسهلة، ولكنها كانت مؤثرة ومعبرة، فكانت الرسائل المكتوبة وسيلة شائعة للتعبير عن المشاعر، وتبادل الهدايا، مثل الزهور أو العطور، كان ذلك يُعد تعبيرًا عن الحب والاهتمام. الرسم والنحت والموسيقى كانت تُستخدم للتعبير عن الحب كجزء من ثقافة المجتمع. لغة الجسد والتصرفات اليومية كانت تعبر عن الحب، مثل العناية بالشريك أو تقديم الدعم والتشجيع الدائم كنوع من الحافز للاستمرار والعطاء.
اما في عصرٍ تهيمن فيه التكنولوجيا وتغمرنا فيه المنصات الاجتماعية، تغير مفهوم الحب والعلاقات بشكل جذري. ويواجه الناس اليوم تحديات جديدة ومتنوعة، بدءًا من التعارف عبر تطبيقات المواعدة وصولًا إلى العلاقات التي تُبنى وتُقوَّى من خلال الشاشة، فتتيح لنا شبكات التواصل الحديثة، التواصل مع أشخاص من جميع أنحاء العالم، ولكنها أيضًا قد تجعلنا نشعر بالعزلة على الرغم من تواصلنا المستمر معهم.
أصبحت تطبيقات المواعدة مثل "Tinder" و"Bumble" وسيلة شائعة للتعارف، مما يتيح للأشخاص الوصول إلى مجموعة واسعة من الخيارات. هذا يغير من مفهوم "الحب من أول نظرة"، حيث أصبحت الخيارات متعددة وسريعة. كما تتيح المنصات الاجتماعية والمراسلات الفورية مثل "WhatsApp" و"Messenger" وغيرها من العديد من تطبيقات التواصل السريع، ولكن قد يؤدي أيضًا إلى ضغط على العلاقة بسبب التوقعات المستمرة للتواصل. تساعد المنصات على التواصل مع أشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة، مما يثري تجربة الحب ويقدم وجهات نظر جديدة حول العلاقات. وتتيح المنصات للأفراد التعبير عن مشاعرهم بشكل علني، سواء من خلال المنشورات أو الصور، مما يزيد من التواصل العاطفي، ولكن قد يؤدي أيضًا إلى إظهار العلاقات بطريقة قد تكون سطحية.
وبالرغم من الإيجابيات التي قد تسهل للافراد بناء علاقات عاطفية حقيقية جديدة، وما تقدمه المنصات المتعددة والتطبيقات الحديثة من خدمات لتقريب المسافات بين الافراد والشعوب، لخلق حالة من سهولة التواصل وتعزيز التفاهم الثقافي وإعطاء مساحة للحرية والتعبير عن الذات، الا ان الجوانب السلبية للحب في زمن الثورة الرقمية بات أمرا صعبا ومخيفا.
على الجانب الاخر تأتي الأمور التي تزعج الجميع من استخدام مثل هذه التطبيقات لعدة أسباب، اولها عدم الصدق فقد يكون بعض الأشخاص غير صادقين بشأن هويتهم أو نواياهم، مما يؤدي إلى خيبات أمل أو حتى مخاطر، وعلى الرغم من التواصل الرقمي الحديث وتقريب المسافات بين الناس، قد يشعر البعض بالعزلة، حيث يفتقرون إلى الاتصال الفعلي والعاطفي. كذلك الاتصالات عبر الرسائل النصية أو الوسائل الرقمية يمكن أن تؤدي إلى سوء الفهم بسبب غياب الإشارات غير اللفظية، المعبرة عن احاسيس ومشاعر صادقة لكنها لا تظهر بالصورة التي نتمناها خلال شبكات التواصل الحديثة.
الحب فعلا كلمة جميلة وفعل أجمل. اهم شيء في الدينا ان الانسان يعرف يحب، والاهم من ذلك انه يحب و"يتحب" لخلق حالة من التوازن والسلام النفسي داخل النفس البشرية. فالحب يمثل أحد أهم القيم الإنسانية التي تجمع بين أفراد الأسرة، من الآباء إلى الأبناء، وبين الأخوة والأخوات، وصولًا إلى العلاقات الرومانسية. إنه شعور يضفي على الحياة معنى ودفئا، ويدعم الروابط التي تجعل من الأسرة مجتمعًا متكاملًا صلباً. الحب أيضًا يعد طاعة وعبادة، حيث يتجلى في العلاقة بين العبد وربه، مما يمنح الحياة عمقًا روحيًا.
ان غرس ثقافة الحب والانتماء منذ الصغر هو أمر ضروري. يجب أن يتعلم الأطفال قيمة العطاء والاهتمام، مما يسهم في بناء شخصيات متوازنة وقادرة على الحب بصدق. فالأطفال الذين ينشئون في بيئة مليئة بالحب والدعم يصبحون أكثر قدرة على تكوين علاقات صحية في المستقبل.
ومع ذلك، في ظل العصر الرقمي والتطور التكنولوجي، يجب أن نكون حذرين. قد تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى تشويش مشاعر الحب الحقيقية، حيث تتداخل الصور المثالية مع الواقع، مما يخلق توقعات غير حقيقية. لذا، يجب علينا تعزيز الوعي حول أهمية الحب الأصيل، وتعليم الأجيال الجديدة كيفية التفريق بين المشاعر الحقيقية والسطحية الزائلة.
وختاماً يبقى الحب قيمة عميقة وجوهرية، إذا ما تم غرسه بوعي، فلنحتفظ بجوهر الحب ونستثمر فيه، محذرين من أي تقنيات قد تعكر صفو مشاعرنا الحقيقية والصادقة.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تحليل: الأسواق ربما تتعرض لصدمة إذا لم يواكب "باول" توقعاتها
15 سبتمبر 2025 03:04 م
ارتفاع احتياطي قطر من الذهب الي 12.5 مليار دولار أمريكي
15 سبتمبر 2025 10:35 ص
تراجع سعر اليورو أمام الجنيه المصري اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 09:50 ص
أسعار الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 09:47 ص
الدولار الأمريكي يرتفع اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025 قبل اجتماعات حاسمة للفيدرالي
15 سبتمبر 2025 08:24 ص
أسعار الذهب اليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025
15 سبتمبر 2025 08:14 ص
الأكثر قراءة
-
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 سبتمبر 2025م ـ 27 ربيع الأول 1447هـ
-
مفتي الجمهورية: ما يحدث في غزة جرح مفتوح في قلب العدالة الإنسانية
-
خطبة الجمعة القادمة للشيخ خالد القط 27 ربيع الأول 1447هـ ـ 19 سبتمبر 2025م
-
وزير التعليم يعقد مؤتمرا صحفياً لإعلان تفاصيل العام الدراسي الجديد.. اليوم
-
حكم القنوت في كل صلاة فجر.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم
-
الزمالك يبدأ اليوم الاستعداد لمواجهة الإسماعيلي فى الدوري
-
زيزو يخضع لأشعة رنين لتحديد حجم إصابته ومدة غيابه عن الأهلى
-
مباراة مصر وجيبوتي الحاسمة في التأهل للمونديال تقام بالمغرب
-
أسامة نبيه يعلن القائمة النهائية لكأس العالم للشباب 19 سبتمبر
-
فتح باب استخراج التصاريح الإعلامية لتغطية بطولة العالم للأندية لكرة اليد
أكثر الكلمات انتشاراً