السبت، 25 يناير 2025

05:41 ص

حسام عبد القادر يكتب: ذكريات صحفية.. حكايات مكتب أكتوبر (1)

الأربعاء، 08 يناير 2025 01:53 م

حسام عبد القادر

الكاتب حسام عبد القادر

الكاتب حسام عبد القادر

"الصحافة ليست مجرد مهنة؛ إنها نافذة على العالم، ومغامرة نعيشها يوميًا بكل تفاصيلها، وخلف كل خبر أو مقال قصة، وخلف كل صورة حكاية مليئة بالتحديات والإلهام. 

في هذه السلسلة، سأفتح صفحات من دفتر ذكرياتي الصحفية، التي قد تكون مهمة للبعض وغير مهمة للبعض الآخر، وكل ما أستطيع الوعد به هو الصدق في كل ما سأكتب".


حكايات داخل مكتب أكتوبر (1)


في عمارة رقم 95 على كورنيش الإسكندرية، والمعروفة باسم برج السلسلة بحي الأزاريطة بالإسكندرية، وبالتحديد في الدور الثامن يقع مكتب مجلة أكتوبر، هذا المكتب التاريخي الذي شهد من الأحداث والشخصيات والحكايات الصحفية ما يمكن أن أكتب عنه كتبًا ومجلدات، وليس مجرد مقال.


بداية من إصدار مجلة أكتوبر عام 1976 والتي أنشأها الكاتب الكبير الراحل أنيس منصور برعاية خاصة من الرئيس محمد أنور السادات، والتي سميت "أكتوبر" على اسم شهر النصر، حتى أن كثير من القراء كان يطلق عليها "ستة أكتوبر" وليس "أكتوبر" فقط تيمنا بيوم انتصارنا في حرب أكتوبر.


اختار أنيس منصور أهم موقعين في مصر للمجلة، موقع على نهر النيل في القاهرة بجانب ماسبيرو، وموقع يقع على الكورنيش بالإسكندرية في حي الأزاريطة وهو يعتبر ضمن وسط البلد، وضم لها نخبة من الصحفيين المهرة، بالإضافة إلى استكتابه لعدد كبير من أهم مفكري مصر العمالقة.


وكانت الوزارة زمان تنتقل إلى الإسكندرية في الصيف، فكان أنيس منصور يأتي للإسكندرية ويمارس مهام رئاسة التحرير من مكتب الإسكندرية، وكان أحيانا يظل سهرانا حتى الصباح داخل المكتب، وكان يزوره في المكتب كبار الشخصيات والمفكرين والوزراء، فكانت دائما سيارات الشرطة والحراسات تقف أسفل عمارة برج السلسلة بسبب الضيوف المتواجدين في الدور الثامن.


اختار أنيس منصور، الأستاذ سلطان محمود رحمه الله، ليكون مديرا للمكتب، وكانت مجلة أكتوبر وقتها لها سمعة كبيرة جدًا وسط الجماهير، والصحفيين أيضًا، بسبب انتسابها وانتمائها للرئيس السادات، فكان الصحفيون يتركون الأخبار والأهرام وينتقلون إلى مجلة أكتوبر ذات المرتب الأفضل (وقتها) والسمعة الأكبر، وإن كانت فقدت هذه الأهمية الكبرى بعد وفاة السادات، ولكن ظلت محتفظة بمكانتها الصحفية حتى وقت قريب، ومعاناتها الحالية بسبب سيطرة التكنولوجيا وضعف أو ندرة الإقبال على الصحافة الورقية بشكل عام، مثلها مثل كل المجلات والصحف الورقية، وهذا موضوع آخر.
كان سلطان محمود رحمه الله يدرس لي تدريب صحفي بقسم الإعلام، وكان يرأس تحرير جريدة صوت الإسكندرية التي تصدر عن المجلس الشعبي المحلي للإسكندرية، وكان لنا محاولات صغيرة للتدريب بها ونحن طلبة.


ومن مفارقات القدر، أن أقوم بعد سنوات بتولي الإشراف على جريدة صوت الإسكندرية، بالتعاون مع صديقي العزيز الأستاذ طارق إسماعيل نائب رئيس تحرير الأهرام حاليا، وتحت إشراف الأستاذ محمد الكيلاني رحمه الله.


وكنت أذهب لمكتب أكتوبر مع صديقي العزيز الأديب الكبير منير عتيبة ونحن طلبة، من أجل تسليم منير قصة كتبها للأستاذ سلطان لينشرها في "صوت الإسكندرية"، وكنت أرفض الدخول مع منير، وانتظره عند الأسانسير، لا أعرف لماذا؟ ماذا كنت أفكر وقتها؟ هل كنت لا أريد الدخول لهذا المكتب إلا كصحفي؟ لا أعلم في الحقيقة.


وفي بداية التسعينيات حدث خلاف بين الأستاذ سلطان محمود والأستاذ صلاح منتصر رئيس تحرير المجلة وقتها، لا أتذكر تفاصيله حقيقة، فتم عزل الأستاذ سلطان من منصبه كمدير للمكتب، وتعيين الأستاذ محمد الكيلاني مديرا بدلًا منه.


ورغم أن هذا القرار لم يكن لأي منهما يد فيه، إلا أنه تسبب مع الأسف في خلافات طويلة بين الراحلين، ليس موضوعنا في هذا المقال.
تولى محمد الكيلاني رئاسة المكتب وهو في عمر صغير فكان تحديا كبيرا له، وكان يريد أن يثبت لنفسه وللإدارة في القاهرة صحة اختيارهم، فقرر أن يستعين بمجموعة جديدة من الشباب يحيي بها هذا المكتب ليكون شعلة نشاط كبيرة.
ولتبدأ حكاية وصفحة جديدة لمكتب مجلة أكتوبر بالإسكندرية، استكملها في المقال القادم إن شاء الله.

search