الثلاثاء، 15 يوليو 2025

01:59 ص

"البكالوريا" تفتح باب الأمل وتثير الجدل.. وخبراء: نقلة نوعية

الإثنين، 14 يوليو 2025 07:47 م

أسامة محمد

طلاب الثانوية العامة

طلاب الثانوية العامة

في خطوة تشريعية تُمهد لتحول جذري في نظام التعليم المصري، وافق مجلس النواب نهائيًا على تعديل قانون التعليم، متضمنًا استحداث نظام "البكالوريا المصرية" كخيار رسمي إلى جانب نظام الثانوية العامة التقليدي.
ويُعد هذا التعديل محطة مفصلية في مسار تطوير التعليم قبل الجامعي، حيث يستهدف تقديم بديل عصري أكثر مرونة وإنصافًا للطلاب، يعتمد على تنمية المهارات بدلاً من الحفظ، ويمنح فرصًا متعددة للنجاح بعيدًا عن الضغوط المرتبطة بامتحان "الفرصة الواحدة".
ويأتي إقرار النظام الجديد في إطار رؤية شاملة للدولة نحو تحديث البنية التعليمية، وإعداد جيل قادر على التكيف مع متغيرات العصر وسوق العمل، وسط تباين في الآراء ما بين مؤيد يعتبره نقلة نوعية طال انتظارها، ومعارض يُحذر من تحديات التطبيق ومتطلبات البنية التحتية والتدريب.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور محمد عبد اللطيف أن مشروع تعديل قانون التعليم يُمثل خطوة إصلاحية حقيقية تسعى إلى تطوير المنظومة التعليمية بشكل متكامل، بما يحقق مصلحة الطالب والأسرة والمجتمع، مشيرًا إلى أن القانون الحالي مضى عليه أكثر من أربعة عقود، وأصبح لزامًا تحديثه لمواكبة المتغيرات المتسارعة في العالم وسوق العمل. 
وشدد الوزير على أن ما تشهده الوزارة من تحركات جادة على الأرض ما هو إلا استكمال لوعود قطعها أمام البرلمان في جلسات سابقة، لبذل كل ما يلزم لتجاوز التحديات التي تعاني منها العملية التعليمية.

وخلال عرضه لفلسفة "البكالوريا المصرية"، أمام البرلمان، أوضح الوزير أن النظام الجديد يهدف إلى تجاوز أحد أبرز أوجه القصور في نظام الثانوية العامة الحالي، وهو اعتماده على امتحان واحد يحدد مصير الطالب.

وأشار إلى أن الوزارة استعانت بدراسات موسعة أجراها المركز القومي للبحوث التربوية، بمشاركة 120 خبيرًا من كليات التربية، لمقارنة النظم التعليمية في الدول المتقدمة، ولم تجد أي نظام يعتمد على الفرصة الواحدة فقط، مؤكّدًا أن النظام الجديد يمنح الطالب فرصًا متعددة للتحسين، ويعتمد على بناء المهارات بدلًا من الحفظ والتلقين.

كما أوضح الوزير أن البنية التحتية في المدارس الثانوية باتت مؤهلة بالكامل لتطبيق هذا النظام، من حيث المعامل وشبكات الإنترنت والتجهيزات التكنولوجية الحديثة، مؤكدًا أن التحدي الحقيقي لم يكن في الإمكانات، بل في انتظام الطلاب بالحضور، وهو ما نجحت الوزارة في تجاوزه هذا العام. 

نظام البكالوريا المصرية 

وتابع، أن نظام البكالوريا يقوم على تنوع المسارات التعليمية، حيث يبدأ الطالب التخصص من الصف الثاني الثانوي، باختيار أحد أربعة مسارات رئيسية، مع إمكانية التحويل المرن بينها، ما يمنح الطالب حرية رسم مستقبله الدراسي والمهني وفقًا لقدراته وطموحه.

وفيما يتعلق بمادة التربية الدينية، شدد الوزير على رفض الوزارة التقليل من شأنها أو التعامل معها كمادة هامشية، موضحًا أن المناهج الجديدة تتسم بالبساطة والوضوح وتركز على بناء القيم الأخلاقية.

وأضاف أن الوزارة قررت اشتراط حصول الطالب على 70% من درجات مادة التربية الدينية للنجاح، في رسالة واضحة بأهمية تعزيز البُعد القيمي والديني في شخصية الطالب.

كما أكد الوزير أن المعلمين هم ركيزة هذا التطوير، مشيرًا إلى برامج تدريبية متواصلة بالتعاون مع جهات دولية، والتوسع في التعليم الفني عبر شراكات مع دول كبرى لتأهيل طلاب قادرين على مواكبة سوق العمل الحديث.

نظام تعليمي حديث يتماشى مع تطلعات الجمهورية الجديدة

ويرى الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن تعديل قانون التعليم الجديد، وما يتضمنه من استحداث نظام "البكالوريا المصرية"، يُعد ثمرة جهد علمي مدروس شاركت فيه المراكز البحثية التابعة لوزارة التربية والتعليم، ويعكس توجّه الدولة لبناء نظام تعليمي حديث يتماشى مع تطلعات الجمهورية الجديدة.

وأكد شحاتة في تصريحات خاصة لـ«المصري الأن»، أن النظام الجديد جاء لتجاوز سلبيات نظام الثانوية العامة القائم، وعلى رأسها اعتماد الطالب على الحفظ والتلقين، والخضوع لضغط "امتحان الفرصة الواحدة"، دون إعداد فعلي للتعليم الجامعي أو متطلبات سوق العمل.

وفي المقابل، يمنح نظام البكالوريا مساحة أكبر للمرونة، ويتيح للطالب حرية اختيار المسار التعليمي المناسب له، وهو ما اعتبره تطورًا نوعيًا يُطبق لأول مرة في تاريخ التعليم المصري.

وأضاف، أن بعض التخوفات والجدل المجتمعي نابعة من سوء فهم لبعض التفاصيل، خاصة ما يتعلق بالرسوم أو فرص تحسين الدرجات، ما يستوجب توضيحًا رسميًا أكثر دقة من الوزارة لتصحيح المفاهيم وضمان عدم المساس بمبدأ تكافؤ الفرص.

وأشار شحاتة إلى أن مجانية التعليم منصوص عليها بوضوح في الدستور، ليس فقط في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بل تمتد أيضًا إلى التعليم الثانوي، وهو ما يجب الحفاظ عليه في كل النظم التعليمية المطروحة.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن فتح المجال أمام نظامين للثانوية العامة يمثل توجهًا ديمقراطيًا يعكس احترام الدولة لحرية الاختيار والرأي الآخر، مشيدًا بالقرارات المتزنة التي اتخذتها الوزارة مؤخرًا، والتي أعادت الثقة بينها وبين الأسرة المصرية، وسارت في اتجاه يتماشى مع توجيهات القيادة السياسية نحو بناء إنسان مصري قادر على المنافسة عالميًا.

"البكالوريا" نقلة مدروسة.. وقرار الدين يعزز البناء القيمي

أشاد الدكتور أحمد عبد الرشيد، أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس بجامعة حلوان، بمشروع "البكالوريا المصرية"، واصفًا إياه بأنه تطور مدروس في مسار إصلاح التعليم الثانوي، ويُعبّر عن توجه حقيقي نحو تعليم يُركز على المهارات بدلًا من الحفظ والتلقين.

وأكد أستاذ ورئيس قسم المناهج في تصريحات خاصة لـ «المصري الأن»، أن النظام الجديد يعكس تطلعات الجمهورية الجديدة، ويواكب النظم العالمية التي تمنح الطالب فرصًا متعددة لاختيار مستقبله الأكاديمي والمهني.

وفيما يخص مادة التربية الدينية، اعتبر عبد الرشيد أن قرار إخراجها من المجموع، مع اشتراط الحصول على 70% للنجاح، يمثل معالجة تربوية حكيمة، خاصة بعد الجدل الذي أثاره تخصيص 100 درجة لها في النظام الجديد. وأشار إلى أن القرار أزال حالة من الارتباك بين المعلمين وأولياء الأمور، وبدد المخاوف المتعلقة بعدالة التقييم بين الطلاب المسلمين وغير المسلمين.

وأكد أن التوجه الجديد للمادة يعكس فلسفة تعليمية مختلفة، تركز على غرس القيم والسلوكيات الإيجابية بدلاً من مجرد تحصيل الدرجات.

واعتبر أن التربية الدينية يجب أن تُدرس بروح أخلاقية وتربوية، لتسهم في بناء شخصية الطالب، بعيدًا عن ضغوط التنسيق وسباق الدرجات.


النظام بحاجة لتوضيح.. وقرار الدين ينقذ العدالة التربوية

من جهته، عبّر الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بجامعة القاهرة، عن تحفظه على بعض جوانب مشروع "البكالوريا المصرية"، مشيرًا إلى أن غياب التفاصيل الكاملة والضوابط الواضحة قد يُثير تساؤلات مجتمعية، خصوصًا فيما يتعلق بتكلفة تحسين الدرجات، وشكل التقييم في النظام الجديد، مشددا على ضرورة أن تكون الرؤية التطبيقية واضحة، حتى لا تتحول النوايا الطيبة إلى إرباك في التنفيذ.

وبالنسبة لمادة التربية الدينية، رأى حجازي أن إخراجها من المجموع مع الحفاظ على نسبة نجاح 70% يُعد قرارًا متوازنًا يحترم الخصوصية الدينية ويُحقق مبدأ تكافؤ الفرص، لا سيما أن إضافة المادة إلى المجموع كان سيُسبب جدلًا بشأن العدالة في التقييم والتمييز المحتمل بين الطلاب على أساس الدين.

وأوضح أستاذ علم النفس والتقويم التربوي في تصريحات خاصة لـ«المصري الأن»، أن القرار الأخير يُعزز جدية دراسة التربية الدينية دون أن يُثقل كاهل الطالب بدرجات إضافية، ويُعطي مثالًا على استجابة الوزارة للنقد العلمي البناء.

كما أشار إلى أن المادة يجب أن تبقى في إطارها التربوي والأخلاقي، لا أن تتحول إلى مادة تنافسية تؤثر في فرص القبول الجامعي.

تعديلات جوهرية على نظام التعليم الأساسي دون ضوابط

من جانبه، أعرب النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب، عن تحفظه على طريقة طرح مشروع القانون، مؤكدًا أن المجلس فوجئ بتعديلات وصفها بأنها قد تُثير جدلًا مجتمعيًا واسعًا، مشيرا إلى أن وزير التعليم يسعى إلى الحصول على "تفويض مفتوح" من البرلمان لاستحداث نظام البكالوريا وإدخال تعديلات جوهرية على نظام التعليم الأساسي، دون وجود ضوابط واضحة تحكم تلك التغييرات، وهو ما اعتبره أمرًا خطيرًا يفتح الباب لانفراد السلطة التنفيذية باتخاذ قرارات مصيرية دون الرجوع إلى السلطة التشريعية.

وأضاف إمام أن مشروع القانون يسمح بمنح شهادات معادلة للثانوية العامة عبر نظام البكالوريا مقابل رسوم دراسية رمزية لا تتجاوز 1000 جنيه، كما يتضمن فرض رسوم على طلاب الثانوية العامة التقليدية عند إعادة الامتحان في مواد الرسوب، تتراوح بين 200 و2000 جنيه، وهو ما قد يتعارض مع نصوص دستورية واضحة تضمن مجانية التعليم كحق أصيل لكل مواطن.

اقرأ أيضا:

التعليم العالي تعلن تفاصيل اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة 2025

وزير التعليم العالي: 22 جامعة أجنبية لها فروع في مصر

اللجنة الوطنية للتربية والعلوم تعلن عن جائزة الشارقة للاتصال الحكومي 2025

وزير التعليم العالي: إنشاء عدد من البرامج الدراسية المستحدثة بالجامعات التكنولوجية

"التعليم" تعلن شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية وإجراءات الاختبار

search