حكم ترك صلاة الجمعة بسبب المطر والبرد الشديد؟.. فضيلة المفتي يوضح
الأحد، 09 فبراير 2025 02:45 م
السيد الطنطاوي
دكتور نظير عياد
قال فضيلة الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، إنه يجوز ترك صلاة الجمعة بسبب المطر الذي يحدث وحلًا، ويصعب معه حضور الجمعة في المسجد، أو خوف البرد الشديد الذي لا يتحمل، فهي أعذار معتبرة شرعًا، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات بردٍ وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات بردٍ ومطرٍ، يقول: «ألا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» متفقٌ عليه.
جاء ذلك في توضيح فضيلة مفتي الجمهورية، عن حكم ترك صلاة الجمعة بسبب البرد والمطر الشديد، خاصة في بعض أيام الشتاء التي يكون البرد فيها شديدًا، ونزول الأمطار بكثرة، وامتلاء الشوارع بالوحلِ والطين.
بدأ فضيلة الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، بتبيان حكم ترك صلاة الجمعة بغير عذر شرعي، مؤكدا أن صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، وهي واجبة على كلِّ مسلمٍ حرٍّ بالغٍ عاقلٍ مقيم صحيحٍ ليس به علة، ولا يجوز تركها أو التَّخلف عنها إلَّا لعذرٍ شرعي، ومن تخلَّف عنها لغير عذر كان آثمًا.
وقال: قد دلَّ على وجوبها ومكانتها نصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
وجاء عن طارق بن شهاب رضي الله عنه مرفوعًا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» أخرجه أبو داود في "سننه"، وقال: "طارقُ بن شهاب قد رأى النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم، ولم يسمع منه شيئًا .
وإسناد هذا الحديث صحيح على شرط البخاري ومسلم، وتصريح الإمام أبي داود بعدم سماع طارق بن شهاب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقدح في صحته؛ لأنه إن ثبت ذلك يكون مرسلَ صحابي، ومرسلُ الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا أبا إسحاق الإسفراييني؛ كما أفاد الإمام النووي في "المجموع" (4/ 483، ط. دار الفكر).
وقال الإمام البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (4/ 330، ط. جامعة الدراسات الإسلامية بكراتشي): [هذا هو المحفوظ، مرسلٌ، وهو مرسلٌ جيد، وله شواهد ذكرناها في كتاب "السنن"] اهـ.
وأخرج الحاكم في "مستدركه على الصحيحين"، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
فأفاد هذا الحديث وجوب صلاة الجمعة وأنه لا يجوز لمن وجبت عليه أن يتخلف عنها إلا لعذر.
ما مدى اعتبار المطر والبرد الشديد من الأعذار المبيحة لترك الجمعة؟
وقال فضيلة المفتي، إن الشرع الشريف اعتبر المطرَ الذي يصعب معه حضور الجمعة وكذا البردُ الشديدُ الذي لا يحتمل عذرًا يُترخص به في عدم حضور الجمعة، وقد تضافرت نصوص السنة المطهرة التي تدل على ذلك، فقد بوَّب الإمام البخاري لهذا في "صحيحه" تحت عنوان: (الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر ، وبوَّب له الإمام مسلم أيضًا في "صحيحه"، تحت عنوان: (باب جواز التخلف عن الجماعة لعذر المطر).
ومن جملة الأحاديث الواردة في هذا الباب: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات بردٍ وريح، ثم قال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات بردٍ ومطرٍ، يقول: «ألا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ» متفقٌ عليه.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: "إذا قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: "صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ"، قال: فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الجُمْعَةَ عَزْمَةٌ وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحَضِ" متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.
وعن أبي المليح، عن أبيه رضي الله عنْهما، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بالحديبية، فأصابنا مطرٌ، لم يبلَّ أسفل نعالنا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «صَلُّوا فِي رِحَالِكُم». رواه أحمد وغيره، فدلَّت هذه النصوص على أن المطر والبرد الشديد مما يباح معه ترك صلاة الجمعة.
قال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (6/ 84، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [وأكثر أهل العلم عَلَى أن المطر والطين عذرٌ يباح مَعَهُ التخلف عَن حضور الجمعة والجماعات، ليلًا ونهارًا] اهـ، وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب الأربعة.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 297، ط. دار الكتب العلمية): [يسقط حضور الجماعة بواحد من ثمانية عشر شيئًا: منها مطر وبرد شديد... ووحلٌ بعد انقطاع مطر] اهـ .
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته" عليه (ص: 297): [ظاهره يعم جماعة الجمعة والعيدين، فيصلي الجمعة ظهرًا، وتسقط صلاة العيد] اهـ.
وقال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 389، ط. دار الفكر) عند الكلام عن الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة: [(وعذر) إباحة (تركها و) ترك (الجماعة شدة وحل)... وهو ما يحمل أواسط الناس على ترك المداس (و) شدة (مطر) يحملهم على تغطية رؤوسهم] اهـ. وينظر أيضًا: "التاج والإكليل" للعلامة أبي عبد الله الموَّاق المالكي (2/ 555، ط. دار الكتب العلمية).
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 489): [كل عذر سقطت به الجماعة في غير الجمعة سقطت به الجمعة، إلا الريح في الليل؛ لعدم تصوره، وفي الوحل ثلاثة أوجه عند الخراسانيين: الصحيح عنهم وبه قطع العراقيون وجماعات من الخراسانيين: أنه عذرٌ في الجمعة والجماعة] اهـ .
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 252، ط. مكتبة القاهرة): [ولا تجب الجمعة على من في طريقه إليها مطر يبل الثياب، أو وحل يشق المشي إليها فيه... وتسقط الجمعة بكل عذر يسقط الجماعة] اهـ. وينظر أيضًا: "الهداية على مذهب الإمام أحمد" للعلامة أبي الخطاب الكلوذاني الحنبلي (ص: 102، ط. مؤسسة غراس).
وأضاف: يظهر لنا من ذلك أن الشريعة الإسلامية قد جعلت كلًّا من البرد أو المطر الشديدين عُذرًا شرعيًّا مُبيحًا لترك صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد؛ وذلك للحد من تعرض الناس للمخاطر ووقوعهم في الأذى أو المهالك، أو غير ذلك مما قصدت الشريعة حماية المكلفين من التعرض له، وقد تقرر أن: "المشقة تجلب التيسير".
وبين فضيلة المفتي بأنه إذا جاز ترك حضور الجمعة لعذر من الأعذار المعتبرة شرعًا، فإن الواجب على من تركها حينئذ أن يصلِّيَها ظهرًا أربع ركعات بالإجماع. قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط" (4/ 107، ط. دار طيبة): [أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ من فاتته الجمعة أن يصلي أربعًا] اهـ.
واختتم فضيلته تبيان الحكم بقوله: بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز ترك صلاة الجمعة بسبب المطر الذي يحدث وحلًا ويصعب معه حضور الجمعة في المسجد، أو خوف البرد الشديد الذي لا يتحمل، فهي أعذار معتبرة شرعًا، وعلى المكلف حينئذٍ صلاة الظهر أربع ركعات. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تحليل: كيف تشكّل السياسات والتقييمات حركة التداول في الأسواق العالمية قبل نهاية العام؟
16 ديسمبر 2025 04:14 م
علاقة سعر الذهب بالدولار: تاريخ من التنافس والارتباط العكسي وتحولات الأسواق العالمية
16 ديسمبر 2025 03:11 م
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر
16 ديسمبر 2025 09:36 ص
تحليل: التراجع المدفوع بتداولات الذكاء الاصطناعي يطلق موجة الشراء عند انخفاض السعر
15 ديسمبر 2025 05:06 م
أسعار جرام الذهب في السودان اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:07 م
أسعار جرام الذهب في الأردن اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:03 م
الأكثر قراءة
-
بث مباشر مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم إفريقيا 2025
-
موعد والقنوات الناقلة لمباراة برشلونة وجوادالاخارا في كأس ملك إسبانيا
-
الأمانة العامة لدُور الإفتاء في العالم تطلق ميثاق الفتوى والكرامة الإنسانية
-
حفل افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير بالأوبرا ينطلق اليوم
-
القنوات الناقلة لمباراة مصر ونيجيريا اليوم
-
منتخب مصر يهزم نيجيريا بثنائية قبل منافسات أمم إفريقيا
-
حصاد منتخب مصر تحت قيادة حسام حسن قبل بطولة أمم إفريقيا 2025
-
منتخب مصر يتقدم بهدف نظيف في الشوط الأول أمام نيجيريا
-
منتخب مصر يعلن تشكيل مباراة نيجيريا في إطار الاستعداد لكأس أمم أفريقيا
-
بث مباشر مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم إفريقيا 2025
-
منتخب مصر يهزم نيجيريا بثنائية قبل منافسات أمم إفريقيا
-
رئيس جامعة العاصمة يشهد حفل تخرج الدورات التدريبية بالأكاديمية العسكرية
-
حصاد منتخب مصر تحت قيادة حسام حسن قبل بطولة أمم إفريقيا 2025
-
منتخب مصر يتقدم بهدف نظيف في الشوط الأول أمام نيجيريا
-
نجلاء بدر: طلبت الطلاق بعد تعرضي لضغوط نفسية رهيبة عقب فشلي في الإنجاب
أكثر الكلمات انتشاراً