أحمد محارم يكتب: سامي حلمي.. حارس الضوء في زمن الرماد
الأربعاء، 07 مايو 2025 01:18 م
باسم ياسر

الكاتب أحمد محارم
الهجرة ليست مجرد فراقٍ للأوطان، بل هي اقتلاعٌ من لحظات لا تُنسى، من وجوهٍ سكبت في أرواحنا دفءَ الزمن الجميل.
نحنُ أولئك الذين غادروا، لكن أرواحهم ظلت مشتبكة بجذور الذاكرة.
نبكي صمتًا حين تفاجئنا رائحة البحر من بعيد، أو تعبر أمامنا ملامحُ صديقٍ من الزمن الأول.. زمن سامي حلمي.
وفي مدينةٍ لا تشبه سواها، مدينةٍ يكتب فيها الموج حكايات العشاق، وتتنهّد جدرانها فنًا وحياة، وُلد سامي حلمي.
وفي عصرٍ طغى فيه الصخب على الإحساس، واستُبدل فيه الجوهر بالسطح، لا تزال هناك وجوهٌ تُجيد الصمت العميق، وتحرس نبض الزمن الجميل.
وسامي حلمي ليس مجرد واحدٍ منهم، بل أحد أعمدتهم، وأحد حراس الضوء النادرين في زمن الرماد.
هو ناقدٌ سينمائي؟ نعم، لكنه أكثر من ذلك. إنه ضمير الشاشة وراوي الحكاية، يقرأ الكادر بعين الشاعر، ويفكك الصورة كما يُفكك الزمن. يكتب كمن يشعل النار في هشيم البلادة، ويتكلم كما لو أن كل كلمة موقف، وكل رأي طلقة في وجه الرداءة.
سامي ليس ناقدًا على أطراف المشهد، بل صانع مشهد. لم يهادن يومًا، ولم يُجامل على حساب القيمة، كان وما زال يؤمن أن الفن رسالة لا تقبل التفريط، وأن من يُحب المدينة، عليه أن يُدافع عن وجهها الحقيقي، ضد النسيان، ضد الزيف، ضد الرداءة.
قبل أيام، عدت من نيويورك، والحنين يطاردني. وكان لقائي بسامي حلمي بمثابة عودة للروح، رافقته في الدورة الحادية عشرة من مهرجان الأفلام التسجيلية، فوجدت الإسكندرية ترتدي فستانها الأبيض من جديد، وتتزين بالفكرة، بالشاشة، بالحوار الراقي.
في دار أوبرا الإسكندرية، حيث كان سيد درويش يُغني من الأعماق، جلس جمهور متعطش، نهم للفن والمعنى، العروض لامست الوجدان، والمناقشات أعادت الاعتبار لفن كان يُهمّش.
سامي، كالعادة، كان في قلب اللحظة، عينه تلتقط الجمال، وصوته يمنح الفكرة نبضًا.
التقينا الدكتور أحمد عبد الله، مدير الأوبرا، وتحاورنا مع الفنان محمود حميدة، الذي جمعتني به ذكريات نيويورك ومهرجان السينما المصرية الأمريكية في نوفمبر 2024، بتنظيم الكاتب الرائع صفوت يوسف.
لكن اللحظة التي اختزلت كل شيء كانت في مكتبة الإسكندرية، هناك، وسط الكتب التي تُخلّد أسماء العظماء، وجدت اسمه يلمع على غلافين. لا أوراق فقط، بل أعمدة من الحنين، ورسائل حب لهذا الوطن، لهذا الفن، لهؤلاء الناس.
سامي حلمي لا يُكتب عنه، بل يُكتب به، هو كتابٌ مفتوحٌ من النزاهة، من الشغف، من الوفاء. حين تُحادثه، تشعر أن الزمن يتباطأ، أن الذاكرة تستيقظ، وأن الحلم ما زال ممكنًا.
سامي لا ينتظر وسامًا على صدره، هو الوسام الذي تتزين به مدينة مثل الإسكندرية، هو الرجل الذي علّمنا أن الوقوف على الحافة خيانة، وأن الانحياز للجمال شجاعة، وأن الفن حين يُعاش بصدق يصير خلاصًا.
له كل التقدير، والمحبة، والامتنان، له كل التقدير، لا لأنه طالب به، بل لأنه فرضه علينا بكل ما يحمل من جمال حضور، وصدق في العطاء، ونُبل في الرسالة والهدف والمعنى والمضمون وسيظل سامي حلمي حارس الضوء في زمن الرماد.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأحد 24 أغسطس
24 أغسطس 2025 07:00 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم السبت 23 أغسطس
23 أغسطس 2025 06:00 ص
الدولار الأمريكي يحافظ على مستوياته وسط ترقب الأسواق لخطاب باول في "جاكسون هول"
23 أغسطس 2025 01:44 ص
شعبة الذهب تحسم الجدل: لا وجود لما يسمى ضريبة إعادة بيع المشغولات الذهبية
22 أغسطس 2025 12:51 م
الصادرات الزراعية المصرية تواصل النمو وتقترب من 7 ملايين طن حتى أغسطس 2025
22 أغسطس 2025 12:45 م
استقرار سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري في تعاملات الجمعة 22 أغسطس 2025
22 أغسطس 2025 12:40 م
الأكثر قراءة
-
حاسبات ومعلومات دمنهور تحصد المركز الثاني في هاكاثون Tech4Good
-
علاء ثابت مسلم يكتب: متى ينتهي أكبر ظلم يطحن المعلم المصري؟
-
توقعات الأبراج لشهر سبتمبر 2025 مفاجآت لهذه الأبراج
-
علاء ثابت مسلم يكتب: جدل حول المد الإجباري للمعلمين
-
توقعات الأبراج ليوم الأحد 24 أغسطس 2025 تكشف عن فرص عاطفية وتحولات مهنية ومالية هامة
أكثر الكلمات انتشاراً