محمد حامد يكتب: سميحة أيوب.. سيدة المسرح العربى التى أثْرَتْ شاشة السينما
الإثنين، 09 يونيو 2025 10:19 ص

محمد حامد
شَقّت سميحة أيوب طريق السينما، من باب مختلف تماماً عن أى فنانة أخرى. فهى ابنة المسرح الذي دخلت منه إلى السينما، دون أن تتخلى عن وقار وانضباط خشبة المسرح. ورغم أن المسرح ظل بيت سميحة أيوب الأول، إلا أن الكاميرا عرفت قيمتها، فاختارتها فى أدوار مؤثرة وهامة فى كل عمل شاركت فيه. فهى لم تكن "بطلة أفلام" كثيرة، لكنها كانت بطلة فى كل مشهد ظهرت فيه.
وُلدت "سميحة أيوب عثمان أحمد على أيوب" فى مارس 1932 بحى شبرا فى القاهرة، ودرست بالمعهد العالى للفنون المسرحية وتتلمذت على يد أستاذها زكى طليمات الذى لم يكن مقتنعاً بها فى البداية، ولكنه سمح لها بالحضور فى المعهد كمستمعة بعد إصرار الفنان جورچ أبيض. بعد فترة قصيرة، اقتنع طليمات بموهبتها ولاحظ انضباطها الشديد واحترامها الشديد للمواعيد والبروڤات والنصوص، فقام بترشيحها للعديد من الأعمال المسرحية التى أثبتت فيها نفسها، ولاقت نجاحاً كبيراً وكانت نقطة إنطلاقها إلى السينما.
كانت البداية السينمائية لسميحة أيوب فى فيلم "المتشردة" (1947) واستمرت مشاركتها على شاشة السينما بأدوار مؤثرة ولكن صغيرة بعكس أدوارها فى المسرح التى كانت فيها بطلة ملء السمع والبصر.
قدمت سميحة أيوب أفلاماً مهمة مثل "شاطئ الغرام"، "المهرج الكبير"، "الوحش"، "القلب له أحكام"، "امرأة فى دوامة"، "أغلى من عينيّه"، "الله معنا"، "بياعة الورد"، "بنت البادية"، "عودة الحياة"، "بين الأطلال"، "المبروك"، "جسر الخالدين"، "المتمردة"، "أدهم الشرقاوى"، "جفت الأمطار"، "أرض النفاق"، "سوق الحريم".
وبعد مشاركتها المتميزة فى فيلم "فجر الإسلام" (1971) للمخرج صلاح أبوسيف فى دور (أم هاشم)، ابتعدت سميحة أيوب عن السينما وتفرغت للمسرح والتليفزيون اللذان قدمت فيهما أعمالاً كثيرة ناجحة ومتميزة كعادتها.
وفى عام (2012) وبعد 41 عاماً من ابتعادها عن السينما، عادت سميحة أيوب إلى السينما مرة أخرى فى دور كان مفاجأة للجميع. دور (تيتة راوية) فى فيلم "تيتة رهيبة"، هذه الجدة الشرسة المسيطرة والمضحكة فى نفس الوقت. وقد أثبتت سميحة أيوب بهذا الدور أن سيدة المسرح العربى وملكة التراچيديا والمسرح العالمى لديها حس كوميدى، استطاعت به مجاراة أبطال الفيلم من نجوم الكوميديا، بل وتفوقت عليهم فى بعض المشاهد دون أن تتخلى عن صرامتها. لقد أثبتت سميحة أيوب أن الموهبة لا تَهْرم، فكانت "تيتة رهيبة" فعلاً، وأحبها جمهور جديد لم يكن قد شاهدها فى أدوارها الكلاسيكية التى اشتهرت بها.
من (2012) حتى (2024) قدمت سميحة أيوب عملين فقط للسينما ولنفس مخرج "تيته رهيبة" المخرج سامح عبدالعزيز وهما فيلم "الليلة الكبيرة" (2015) مع زينة وعمرو عبدالجليل ومجموعة كبيرة من الممثلين، وفيلم "ليلة العيد" مع يسرا وإن لم يصادف الفيلمين النجاح الذى حصده فيلمها "تيته رهيبة".
تزوجت سميحة أيوب ثلاث مرات. أولها كان زواجها من الفنان محسن سرحان، هذه الزيجة التى لم تستمر طويلاً بسبب غيرة محسن سرحان الشديدة عليها، وكانت سميحة فتاة صغيرة السن، ونتج عن هذا الزواج ابن توفاه الله فى سن صغير.
ثم تزوجت من الفنان محمود مرسى بعد قصة حب طويلة من الطرفين، بدأت فى باريس واستمرت بعد عودتهما إلى القاهرة وتزوجا، وأنجبت سميحة ابنها الطبيب علاء محمود مرسى. وبسبب انشغالها فى العمل تم الانفصال أيضاً بعدما رفضت طلب محمود مرسى بتقليل انشغالها الشديد بالعمل فى المسرح وقالت له “الفن هو حياتى وأنا أبني اسم سميحة أيوب الآن ولن أتخلى عن ذلك، فالجمهور ذاكرته ضعيفة".
ثم كان زواج العقل والثقافة والنضج من الكاتب الكبير سعدالدين وهبة، ذلك الزواج الذى استمر لأكثر من 35 عاماً حتى وفاة سعدالدين وهبة. وكان لهذا الزواج تأثيراً إيجابياً كبيراً على اختياراتها الثقافية والفنية ومسيرتها الإدارية، حيث أصبحت سميحة أيوب أول امرأة تتولى منصب مديرة المسرح القومى، وظلت فى هذا المنصب فترة طويلة، لتترك فيه أثراً إدارياً وفنياً واضحاً.
قامت الدولة المصرية بتكريم سميحة أيوب، مرات عديدة، حيث حصلت على وسام الفنون والآداب من الطبقة الأولى، وحصلت أيضاً على "جائزة النيل" للمبدعين فى الفنون، كما تم اختيارها عضواً بمجلس الشورى، تقديراً لمكانتها الفنية والثقافية.
وفى عام (2015)، تم افتتاح مسرح باسمها فى مدينة الثقافة والفنون فى مدينة السادس من أكتوبر، كما تم تسمية إحدى قاعات المسرح القومى باسمها، تخليداً لمسيرتها العريقة، وما قدمته للمسرح المصرى بصفة خاصة وللفن بصفة عامة. وفى عام (2024) تم إنتاج فيلم تسجيلى عن رحلة سميحة أيوب كتبه نادر صلاح الدين وأخرجه أشرف فاروق بعنوان "سيدة المسرح العربى".
يوم 3 يونيو 2025، أُسدل الستار على رحلة فنية امتدت لأكثر من سبعة عقود، لتصبح سميحة أيوب صاحبة ثانى أطول رحلة فنية بعد الفنانة أمينة رزق. رحلت سميحة أيوب تاركة خلفها إرثاً فنياً وإدارياً عظيماً، سيظل شاهداً على فنانة آمنت بدور الفن فى خدمة المجتمع. فنانة ضحت بالكثير من أجل تقديم فن مصرى هادف يُساعد فى بناء المجتمع ونهضته، ويقوم بدور هام فى بناء الإنسان أينما كان. رحلت سميحة أيوب بعد أن تركت مكانة واسماً لا يموت.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
تفاصيل قرض الرحلات السياحية.. برامج تمويل تصل لـ9 ملايين جنيه لتلبية رغبات المسافرين
09 يونيو 2025 01:30 م
استقرار نسبي للدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري اليوم الاثنين 9 يونيو 2025
09 يونيو 2025 01:23 م
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الإثنين 9 يونيو 2025
09 يونيو 2025 07:00 ص
استقرار نسبي لسعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025
08 يونيو 2025 04:19 م
استقرار سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025
08 يونيو 2025 04:16 م
سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 8 يونيو 2025: استقرار نسبي
08 يونيو 2025 04:12 م
الأكثر قراءة
-
وزير الكهرباء يزور مركز تحكم شرق الاسكندرية لمتابعة مؤشرات الطاقة وارتفاع الأحمال
-
لوس أنجلوس تشتعل: اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة وسط غضب شعبي من سياسات الهجرة
-
محمد حامد يكتب: سميحة أيوب.. سيدة المسرح العربى التى أثْرَتْ شاشة السينما
-
نيابة عن الرئيس.. وزيرة البيئة تشارك بمؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3 بفرنسا
-
وست هام يعلن رحيل 5 لاعبين عن الفريق
أكثر الكلمات انتشاراً