الجمعة، 04 يوليو 2025

08:49 م

غدا السبت صيام يوم عاشوراء.. مفتي الجمهورية يبين فضله وثوابه

الجمعة، 04 يوليو 2025 11:39 ص

السيد الطنطاوي

دكتور نظير عياد

دكتور نظير عياد

قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن صيام يوم عاشوراء أمر مُستَحبٌّ شرعًا، والأكمل أن يجمع الإنسان فيه بين صيام الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فإن أفرد يوم العاشر بالصيام لعذر أو لغير عذر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

اغتنام الأيام الفاضلة في الإسلام

وأضاف الدكتور نظير عياد، أن من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده أن مَنَّ عليهم ببعض الأيام الفاضلة التي تتجلى فيها النَّفحات، وتُضاعَف فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدرجات، وتُمحى فيها الخطايا والسيئات، ولقد حث الله تعالى على اغتنام مثل هذه الأوقات المباركات بالتَّشمير عن ساعد الجِدِّ، والاستمساك بسُنن الهدى، وصدق النية في السعي إلى مرضاة الله عز وجل، فعن محمد بن مَسلَمَة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِرَبِّكُم عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهرِكُم نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُم أَن تُصِيبَهُ مِنهَا نَفحَةٌ لَا يَشقَى بَعدَهَا أبَدًا» أخرجه الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط".

جاء ذلك ردا على سؤال يقول فيه صاحبه ما حكم صيام يوم عاشوراء؟ وهل يجوز لي أن أصومه دون صيام يوم التاسِع والحادي عشر؟

فضل صيام يوم عاشوراء

وأوضح أن من جملة الأيام الفاضلة التي شهدت الأخبار بشرفها وفضلها، وجزالة الثَّواب في صيامها: يوم عاشوراء أي يوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، كما في "بداية الهداية" لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي (ص: 50، ط. مكتبة مدبولي).

فعن أبي قَتَادَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.

والتعرُّض ليوم عاشوراء بالصيام يُعدُّ اتباعًا واقتداءً وإحياءً لسُنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، إذ إنه صلى الله عليه وآله وسلم صام هذا اليوم، وأمر الناس بصيامه، فكان بذلك أمرًا مستحبًّا شرعًا.

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.

وقد انعقد الإجماع على ذلك، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النَّوَوِي (8/ 5، ط. دار إحياء التراث العربي).

مراتب صيام يوم عاشوراء

الشأن في صيام عاشوراء أنه يقع على مراتب متفاوتة، أتمُّها وأكملُها أن يكون مُقترنًا بصيام يومٍ قبله ويومٍ بعده، فيصوم يومي التاسِع والحادي عشر من شهر الله المُحرَّمِ إضافة إلى يوم العاشر الذي هو عاشوراء؛ وذلك للأخبار الواردة الدالة على حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترغيبه في الجمع بين صوم الأيام الثلاثة.

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في صوم يوم عاشوراء: «صُومُوهُ، وَخَالِفُوا فِيهِ اليَهُودَ، وَصُومُوا قَبلَهُ يَومًا، وَبَعدَهُ يَومًا» أخرجه الإمامان: البَزَّار، والبَيهَقِي في "شعب الإيمان".

قال الإمام المُنَاوِي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 96، ط. مكتبة الإمام الشافعي) في تعليقه على الحديث: [قال جَمعٌ: صيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يُصام وحده، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع والحادي عشر، فهذا الحديث بالنسبة للأكمل] اهـ.

حكم إفراد يوم عاشوراء بالصيام

وقال: فإن أراد المسلم أن يُفردَ وم عاشوراء بالصيام دون صيام يوم التَّاسِع والحادي عشر أو أحدهما مع العاشر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، سواء كان ذلك بعُذر أو بغير عُذر.

قال الإمام الشَّروَانِي في "حاشيته على تحفة المحتاج" (3/ 455، ط. المكتبة التجارية الكبرى) في بيان صوم يوم عاشوراء: [ولا بأس بإفراده] اهـ.

وقال الإمام المَردَاوِي في "الإنصاف" (3/ 346، ط. دار إحياء التراث العربي) مُبَيِّنًا حكم إفراد عاشوراء بالصيام: [لا يكره إفرادُ العاشِرِ بالصيام على الصحيح من المذهب] اهـ.

الخلاصة

واختتم بقوله: بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صيام عاشوراء أمر مُستَحبٌّ شرعًا، والأكمل للسائل المذكور أن يجمع فيه بين صيام الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فإن أفرد يوم العاشر بالصيام لعذر أو لغير عذر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج. والله سبحانه وتعالى أعلم.

التوسعة على الأهل يوم عاشوراء سُنَّةٌ ثابتةٌ شرعًا

ومن جهة أخرى، قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن التوسعة على الأهل يوم عاشوراء سُنَّةٌ ثابتةٌ شرعًا، مرويةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، محفوظة عن صحابته الكِرام رضي الله عنهم والتابعين، وجَرى العمل بها عند جمهور العلماء، وهي من السُّنن المُجرَّبة المباركة، التي يُرتجى بها الفضل، وتُستجلب بها البركة، ويُسأل بها سَعة الرزق في سائر العام.

جاءت فتوى الدكتور نظير عياد ردا على سؤال يقول فيه صاحبه: ما حكم التوسعة على الأهل يوم عاشوراء؟ فهل تُعد التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء من السنن المستحبة، أو هي عادةٌ لا أصل لها في الشرع الشريف؟

 

التوسعة على الأهل يوم عاشوراء

وأضاف فضيلته، أن التوسعةُ على الأهل والعيال يوم عاشوراء سُنة نبوية عظيمةُ القدر، موصولةُ السند، تلقَّاها أئمةُ الحديث بالقبول، وقوَّاها جمعٌ من كبار الحُفاظ، وعمل بها فقهاء الأمصار، حتى صارت من معالم هذا اليوم المبارك، وعادةً جاريةً في أكثر بلاد المسلمين.

وقد وردت بهذه السنة أحاديثُ عدَّة عن طائفةٍ من الصحابة الكرام، منهم: جابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين.

وأصحُّ هذه الروايات وأقواها: ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن وَسَّعَ عَلَى نَفسِهِ وَأَهلِهِ يوم عاشوراء وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ سَائِرَ سَنَتِهِ»، قال جابر: "جَرَّبنَاهُ فَوَجَدنَاهُ كَذَلِكَ" أخرجه الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار".

قال الحافظ أبو الحسن بن القَطَّان في "فضائل عرفة" (ق: 16): [إسناد هذا الحديث حسن] اهـ.

وقال الحافظ زين الدين العِرَاقِي في جزء "التوسعة على العيال" (ص: 11، ط. سبحة العقيق): [وهو على شرط مسلم] اهـ.

وروى الحافظ أبو موسى المَدِينِي هذا الحديث في "فضائل الأيام والشهور"، ثم قال: حديث حسن، كما نقله الحافظ ابن المُلَقِّن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (13/ 542، ط. دار الفلاح).

وقال الحافظ السُّيُوطِي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" (ص: 186، ط. جامعة الملك سعود) ردًّا على من ادَّعَى عدم ثبوت الحديث: [كلَّا، بل هو ثابت صحيح] اهـ.

قال العلامة ابن عَابِدِين في "رد المحتار" (2/ 419، ط. دار الفكر) مؤيِّدًا ما قاله الحافظ السُّيُوطِي: [نعم، حديث التوسعة ثابتٌ صحيحٌ كما قال الحافظ السيوطي في "الدرر"] اهـ.

كما ورد الأثر بهذه السُّنة عن الصحابيين الجليلين: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وعن محمد بن المنتشر، وغيرهم.

فقد روى الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «مَن وَسَّعَ عَلَى أَهلِهِ يوم عاشوراء وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ سَائِرَ سَنَتِهِ».

وروى أيضًا عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال: «مَن وَسَّعَ عَلَى أَهلِهِ فِي عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ سَائِرَ السَّنَةِ». قال يحيى بن سعيد: "جرَّبنا ذلك فوجدناه حقًّا"، وقال سفيان: "جرَّبنا ذلك فوجدناه كذلك".

وقد صنَّف جماعةٌ من الأئمة الحفَّاظ في جمع طرق أحاديثها وتقويتها والرد على من أنكرها، كما صنع الحافظ أبو الفضل العراقي في رسالته "التوسعة على العيال"، والإمام السيوطي في رسالته "فضل التوسعة في يوم عاشوراء"، والحافظ أحمد بن الصديق الغماري في كتابه "هدية الصغراء بتصحيح حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء".

وجه تخصيص يوم عاشوراء بالتوسعة على الأهل

علَّل العلامة المُنَاوِي وجه تخصيص يوم عاشوراء بالتوسعة على العيال، فقال في "فيض القدير" (6/ 235، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [وذلك لأنَّ الله سبحانه وتعالى أغرق الدنيا بالطوفان، فلم يبقِ إلا سفينة نوح بمن فيها، فردَّ عليهم دُنياهم يوم عاشوراء، وأُمروا بالهبوط للتأَهُّب للعيال في أمر معاشهم بسلام وبركات عليهم وعلى مَن في أصلابهم مِن الموحِّدين، فكان ذلك يوم التوسعة والزيادة في وظائف المعاش، فيُسنُّ زيادةُ ذلك في كل عام] اهـ.

أقوال المذاهب الأربعة في استحباب التوسعة

قد نص فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على استحباب التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء بلا خلاف.

قال الحافظ العَينِي الحنفي في "نخب الأفكار" (8/ 388، ط. أوقاف قطر): [وبالجملة هو يوم عظيم معلوم القدر عند الأنبياء عليهم السلام، والنفقة فيه مخلوفة] اهـ.

وقال الإمام ابن العربي المالكي في "المسالك في شرح موطأ مالك" (4/ 205- 206، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأمّا النَّفَقَةُ فيه والتَّوسعة فمخلوفَةٌ باتِّفَاقٍ إذا أُرِيدَ بها وجهُ الله تعالى، وأنه يخلف اللهُ بالدِّرهَمِ عَشرًا] اهـ.

وقال العلامة الصَّاوِي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 691، ط. دار المعارف): [ويُندب في عاشوراء التوسعةُ على الأهل والأقارب] اهـ.

قال العلامة سليمان الجمل الشافعي في "حاشيته على فتح الوهاب" (2/ 347، ط. دار الفكر) في بيان ما يستحب فعله في عاشوراء: [ويستحبُّ فيه التوسعة على العيال والأقارب، والتصدُّق على الفقراء والمساكين من غير تكلُّف، فإن لم يجد شيئًا فليوسِّع خُلُقَه، ويَكُفَّ عن ظُلمِه] اهـ.

وقال الإمام برهان الدين بن مُفلِح الحنبلي في "المبدع" (3/ 49، ط. دار الكتب العلمية) في بيان فضل عاشوراء: [فائدة: ينبغي فيه التوسعة على العيال، سأل ابنُ منصورٍ أحمدَ عنه، قال: "نعم"] اهـ.

الخلاصة

وبناءً على ما سبق: فإنَّ التوسعة على الأهل يوم عاشوراء سُنَّةٌ ثابتةٌ شرعًا، مرويةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، محفوظة عن صحابته الكِرام رضي الله عنهم والتابعين، وجَرى العمل بها عند جمهور العلماء، وهي من السُّنن المُجرَّبة المباركة، التي يُرتجى بها الفضل، وتُستجلب بها البركة، ويُسأل بها سَعة الرزق في سائر العام.

اقرأ أيضا:

خطبة وزارة الأوقاف غدا الجمعة 4 يوليو 2025م الموافق ٩ محرم ١٤٤٧هـ

تحديد جنس الجنين خلال عملية الحقن المجهري.. دكتور علي جمعة يوضح الحكم

بركة التوسعة على الأهل يوم عاشوراء.. مفتي الجمهورية يوضح

تعرف على ثواب صيام يوم عاشوراء.. مفتي الجمهورية يوضح

دكتور الضويني: للأزهر الشريف دور كبير في صناعة العلم وتكوين الثقافة الإسلامية الصحيحة

خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 4 يوليو 2025م ـ 9 محرم 1447هـ

الإسلام والتحذير من العنف الأسري.. دكتور شوقي علام يوضح

حكم صلاة المرأة مع وجود طلاء الأظافر.. دار الإفتاء تجيب

طاعة الوالد في طلاق الزوجة.. دكتور شوقي علام يبين الحكم

"صلاة الغفلة".. مفتي الجمهورية يوضح حكمها وكيفيتها

خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 4 يوليو 2025م ـ ٩ محرم ١٤٤٧هـ

مفتي الجمهورية يدين استهداف أبناء الشعب الفلسطيني في طوابير المساعدات الغذائية

بر الرجل لزوجته بعد وفاتها.. دكتور شوقي علام يوضح

فتوى تاريخية.. حكم حفلات الزار للشيخ أحمد محمد عبد العال هريدي

شيخ الأزهر ينعي فتيات قرية كفر السنابسة بالمنوفية ضحايا الطريق الاقليمي

search