الأحد، 06 يوليو 2025

12:44 م

الصحة اللبنانية: لا تفشٍ وبائي لفيروس الروتا والإصابات ضمن المعدلات الموسمية

الجمعة، 04 يوليو 2025 09:21 م

محمد عماد

فيروس الروتا

فيروس الروتا

أثار تداول منشورات وتحذيرات على منصات التواصل الاجتماعي في لبنان خلال الأيام الماضية، حالة من القلق والخوف بين المواطنين، خصوصًا الأهالي، عقب الحديث عن تفشٍ "خطير" لفيروس الروتا بين الأطفال، وما رافقه من ازدياد ملحوظ في معدلات التوجه إلى المستشفيات نتيجة أعراض كالإسهال الحاد والتقيؤ وارتفاع الحرارة، وهي الأعراض المرتبطة بالفيروس الشائع لدى الصغار.

غير أن وزارة الصحة اللبنانية، بالتعاون مع عدد من الأطباء المتخصصين، سعت سريعًا إلى تهدئة المخاوف، موضحة أن ما يُسجَّل من إصابات لا يخرج عن الإطار الموسمي المعتاد للفيروس، وأن الأرقام المتداولة في بعض الوسائل غير دقيقة ولا تعكس واقع الوضع الوبائي في البلاد.

بيانات رسمية تؤكد: الإصابات طبيعية ومتوقعة

في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أكدت الدكتورة عاتقة بري، رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة، أن المعطيات المتوفرة منذ بداية عام 2025 وحتى نهاية شهر يونيو، لا تُشير إلى وجود أي تغيرات كبيرة في نمط انتشار فيروس الروتا.

وقالت بري: "بلغ عدد الحالات المثبتة مخبريًا بالفيروس نحو 11 ألفًا، أي ما يعادل 22% من الحالات التي خضعت للفحص، بما يُترجم إلى نحو 3000 إصابة فعلية فقط. هذه النسبة ليست مرتفعة بل تقع ضمن المعدلات المتوقعة، لا سيما في الفترة الصيفية التي عادةً ما تُسجَّل فيها زيادة طبيعية في الإصابات".

وأوضحت أن الفيروس في لبنان يظهر خلال موسمين أساسيين، أحدهما في بداية فصل الربيع، والآخر خلال الصيف، وهو ما يجعل تسجيل إصابات في هذه الفترة أمرًا معتادًا. وأضافت: "غالبية الحالات تُسجل لدى الأطفال دون سن الخامسة، ومعدلات الدخول إلى المستشفيات ما زالت ضمن المستويات الآمنة والمراقبة طبيًا".

توجيهات ونصائح وقائية للمواطنين

وشددت بري على أهمية الوقاية في التعامل مع هذا النوع من الفيروسات، مؤكدة أن الروتا غالبًا ما يتزامن مع أنواع أخرى من الالتهابات المعوية، مما يستوجب رفع الوعي الصحي داخل المنازل. ولفتت إلى أن من أهم سبل الوقاية غسل اليدين بشكل منتظم، والحرص على شرب المياه النظيفة، وتنظيف الخضار والفواكه جيدًا، ومتابعة النظافة الشخصية والغذائية بدقة.

كما نصحت بتلقي الأطفال لقاح الروتا خلال الأشهر الأولى من حياتهم، في حال توفرت الإمكانات، مؤكدة أن هذا اللقاح فعّال بشكل كبير في تقليل فرص الإصابة وحدّة الأعراض لدى المصابين.

رأي طبي داعم: لا داعي للهلع

من جهته، أكد الدكتور عاصم عراجي، رئيس لجنة الصحة العامة السابق في البرلمان اللبناني، أن فيروس الروتا معروف طبيًا، ويُصيب الأطفال دون الكبار في معظم الأحيان. وأوضح أن الإصابة به قد تؤدي إلى إسهال شديد وارتفاع في درجة الحرارة وتهيج معوي، إلا أن أغلب الحالات تُعالج في المنزل دون الحاجة إلى دخول المستشفى.

وقال عراجي: "الحالات التي تتطلب نقلًا إلى المستشفى تكون في الأغلب نتيجة فقدان كبير للسوائل، ويجري فيها تعويض النقص عن طريق المحاليل الوريدية. أما الحالات البسيطة، فيُكتفى فيها بإعطاء السوائل والمحاليل المنزلية".

وأشار إلى أن الفيروس لا يُعالج بالمضادات الحيوية لأنه ليس بكتيريا، بل فيروس، موضحًا أن الأدوية لا تُعطى إلا في حال وجود مضاعفات بكتيرية ثانوية.

وفيما يتعلق بانتشاره هذا العام، أوضح أن الظروف البيئية مثل شحّ المياه وقلة الأمطار قد تكون ساهمت في تلوث بعض مصادر الشرب، مما عزز من معدل الإصابات في بعض المناطق، لكنه شدد على أن "الوضع ليس مخيفًا ولا خارجًا عن السيطرة".

خلاصة الموقف: إصابات تحت السيطرة

وفي ضوء هذه التصريحات المتطابقة من جهات رسمية وطبية، يتبيّن أن ما يُتداول عن "تفشٍ خطير" لفيروس الروتا في لبنان، مبالغ فيه إلى حد كبير. ورغم وجود إصابات، فإن الأرقام تؤكد أن الوضع لا يستدعي الهلع، وأن الإجراءات الوقائية والنظافة العامة تظل خط الدفاع الأول لحماية الأطفال من أي مضاعفات محتملة.

search