الإفتاء: إلقاء السلام على قارئ القرآن يدور بين الكراهة والاستحباب
الأربعاء، 21 أغسطس 2024 10:43 ص
السيد الطنطاوي
                            دار الإفتاء المصرية
قال الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية الأسبق إن إلقاء السلام على قارئ القرآن مشروعٌ، والخلاف فيه دائرٌ بين الكراهة والاستحباب، فيَسَعُ المكلَّفَ أنْ يُلْقِيَ السلامَ عليه أو لا يَفعَل، مِن غير إثمٍ عليه في ذلك ولا حرج، ولا يُشرع لغيره الإنكارُ عليه، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ الأَوْلَى مراعاةُ حال القارئ فإن كان مستغرِقًا في التدبر والترتيل، ولا يحزنه عدمُ السلام عليه، تُرِكَ السلامُ عليه، أما إذا لَم يكن مستغرِقًا في التدبر والترتيل، أو كان يحزنه عدم إلقاء السلام عليه، فالأَوْلَى في هذه الحالة والمستحبُّ إلقاءُ السلام.
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ إلقاءَ التحيةِ والسلامِ سُنَّةٌ نبويةٌ مؤكدةٌ، قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 156، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أنَّ المارَّ مِن المسلمين على الجالس أو الجلوس منهم، أنه يقول: "السلام عليكم"] اهـ. وقال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 298، ط. دار الكتب المصرية): [أجمع العلماء على أنَّ الابتداء بالسلام سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فيها] اهـ.
إلا أنَّ جمهور الفقهاء مِن الحنفية، وبعض أئمةِ المالكيةِ كابن فَرْحُون، وكذا بعض أئمة الشافعيةِ كالوَاحِدِيِّ والأَذْرَعِيّ، والحنابلة، قد ذكروا مَواطنَ يُكرَه فيها إلقاءُ السلام؛ مراعاةً لحال المتلقي (المُسَلَّم عليه) ومدى تمكُّنه مِن رد السلام حتى لا يقع في الحرج، وعَدُّوا مِنها: إلقاء السلام على المشغول بقراءة القرآن الكريم، باعتباره عاجزًا عن ردِّ السلام شرعًا.
قال زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 16، ط. دار الكتب العلمية): [اعلم أنَّه يُكرَه السلامُ على المصلي، والقارئ، والجالس للقضاء، أو البحث في الفقه] اهـ.
وجاء في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (1/ 617، ط. دار الفكر): [يُكرَه السلامُ على العاجز عن الجواب حقيقةً كالمشغول بالأكل أو الاستفراغ، أو شرعًا كالمشغول بالصلاة وقراءة القرآن] اهـ.
وقال العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/ 228، ط. مكتبة دار التراث): [أربعةٌ لا يُسَلَّم عليهم.. وزادَ بعضُ الناس: قارئ القرآن] اهـ.
وقال برهان الدين ابن فَرْحُون المالكي في "المسائل الملقوطة" (ص: 177، ط. دار ابن حزم): [ويُكرَه السلام على الآكل.. وعلى القارئ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 167، ط. دار الفكر) في ذكر السلام على قارئ القرآن: [قال الوَاحِدِيُّ مِن أصحابنا: لا يُسَلِّم المارُّ] اهـ.
وقال في "روضة الطالبين" (10/ 232، ط. المكتب الإسلامي): [وأما المُشتَغِلُ بقراءة القرآن، فقال أبو الحَسَن الوَاحِدِيُّ المفسِّر مِن أصحابنا: الأَوْلَى تَرْكُ السلام عليه] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (4/ 183، ط. دار الكتاب الإسلامي) عند نقله عن الإمام النووي كراهةَ إلقاء السلام على الدَّاعي إذا كان مستغرِقًا في الدُّعاء مُجْتَمِعَ القَلْب عليه: [قال الأَذْرَعِيُّ: وإذا اتَّصَف القارئُ بذلك فهو كالداعي، بل أَوْلَى، لا سيما المستغرِق في التَّدبر] اهـ.
وقال أبو السعادات البُهُوتِيُّ الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 178، ط. دار الكتب العلمية): [(و) يكره السلام (على تالٍ) للقرآن وعلى (ذاكرٍ) لله تعالى.. (ونحوهم) أي: نحو المذكورين مِن كلِّ مَن له شُغْلٌ عن رَدِّ السلام] اهـ.
مذهب المالكية ومعتمد الشافعية في هذه المسألة
وأضاف الدكتور شوقي علام: ذهب المالكية والشافعية في المعتمد إلى عدم كراهة السلام على قارئ القرآن، وأنه كغيره، فيَبقى إلقاءُ السلام عليه على أصل مشروعيته مِن النَّدب والاستحباب.
قال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 198، ط. دار الفكر): [(و) كُرِهَ (سلامٌ عليه) أي: على المؤذِّن.. لا على مُصَلٍّ، أو مُتَطَهِّرٍ، أو آكِلٍ، أو قارئِ قرآنٍ، فلا يُكرَه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 167): [ويستحب لمن مرَّ على القارئ أن يُسَلِّمَ عليه] اهـ.
وقال شمس الدين الرَّمْلِيُّ الشافعي في "نهاية المحتاج" (8/ 54، ط. دار الفكر) في بيان مَن يُشرَع السلامُ عليه: [ويُندَب على القارئ وإن اشتَغَل بالتدبر] اهـ.
فيتحصَّل مما سبق: أنَّ مَبْنَى هذه المسألة على السَّعَةِ، فيجوز العمل فيها بأيٍّ مِن القَوْلَيْن بلا حرجٍ، ولا يَسَعُ أحدًا فيها أن يُنكِر على أحدٍ؛ لِمَا تقرر في قواعد الفقه مِن أنه "لَا يُنكَرُ المختَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُنكَرُ المُجمَعُ عَلَيهِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" لجلال الدين السيوطي (ص: 158، ط. دار الكتب العلمية).
والأَوْلَى حينئذٍ مراعاةُ حال القارئ، فإن كان مستغرِقًا في التدبر والترتيل، ولا يحزنه عدمُ السلام عليه، تُرِكَ السلامُ عليه، أما إذا لَم يكن مستغرِقًا في التدبر والترتيل، أو كان يحزنه عدم إلقاء السلام عليه، فالأَوْلَى في هذه الحالة والمستحبُّ إلقاءُ السلام.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
توقعات سعر الذهب في مصر الأيام المقبلة
03 نوفمبر 2025 04:52 م
سعر الجنيه الذهب في مصر اليوم الإثنين 3 نوفمبر 2025
03 نوفمبر 2025 08:03 ص
سعر جرام الذهب اليوم الاثنين 3 نوفمبر 2025 في مصر
03 نوفمبر 2025 07:52 ص
الحد الأقصى للسحب اليومي والإيداع من البنوك والـATM في البنك الأهلي
03 نوفمبر 2025 07:44 ص
تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 3 نوفمبر 2025 محليًا وعالميًا
03 نوفمبر 2025 07:36 ص
ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي عالمياً اليوم الاثنين 3 نوفمبر 2025
03 نوفمبر 2025 07:31 ص
الأكثر قراءة
- 
                
تعرف على أصغر مرشح برلماني لمجلس الشعب 2025 في المنيا |حوار خاص
 - 
                
وليد صلاح الدين: مجموعتنا متوازنة ولا توجد مباراة سهلة ونسعى للتتويج باللقب من أجل الجماهير
 - 
                
بعد نجاح ألبوم حاجة غير.. آمال ماهر تستعد لطرح أغنيتها الجديدة خذلني
 - 
                
توقعات برج الحوت لشهر نوفمبر 2025 أجواء حالمة ومليئة بالإلهام
 - 
                
تفاصيل جلسة جون إدوارد مع لاعبي الزمالك قبل مباراة السوبر المصري
 
- 
                
ناصر منسي يعلق على استبعاده قائمة الزمالك في السوبر المصري
 - 
                
رسالة حاسمة من محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر المصري
 - 
                
موعد مباراة سان جيرمان وبايرن ميونخ بدوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة
 - 
                
موعد والقناة الناقلة لمباراة أرسنال وسلافيا براغ في دوري أبطال أوروبا
 - 
                
بعثة الزمالك تطير إلى الإمارات استعدادا لخوض بطولة السوبر المصري
 
أكثر الكلمات انتشاراً