هل المصافحة بعد صلاة الجماعة بدعة؟.. دكتور شوقي علام يوضح
الثلاثاء، 15 يوليو 2025 12:50 م
السيد الطنطاوي
دار الإفتاء المصرية
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إنه من المقرر شرعًا أنَّ المصافحة من الأفعال المسنونة التي تُغفر بها الذنوب، وتُحَط بها الأوزار؛ فعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا» أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ، تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، وابن شاهين في "الترغيب"، والمنذري في "الترغيب والترهيب"، وقال بعده: "رواه الطبراني في الأوسط، ورواته لا أعلم فيهم مجروحًا".
ومن ذلك ما أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ».
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَتَصَافَحَا كَانَ أَحِبَّهُمَا إِلَى اللهِ تَعَالَى أَحْسَنُهُمَا بِشْرًا لِصَاحِبِهِ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".
جاء ذلك ردا على استفسار يقول صاحبه: نرجو منكم البيان والرد على دعوى من يقول بأن المصافحة بعد الصلاة بدعة.
وأضاف فضيلته: فهذه الأدلة بمجموعها تدل على مشروعية المصافحة والحث عليها، وعلى ذلك جمهور العلماء سلفًا وخلفًا:
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (8/ 292، ط. دار الكتب العلمية): [على جواز المصافحة جماعة العلماء من السلف والخلف، ما أعلم بينهم في ذلك خلافًا] اهـ.
بيان مفهوم البدعة والرد على دعوى أن المصافحة بعد الصلاة بدعة
وقال: أما دعوى عدم جواز المصافحة عقب الصلاة؛ لأنها بدعة، فهذا قول مردود؛ وذلك لأن للعلماء في تعريف البدعة شرعًا مسلكين:
المسلك الأول: وهو مسلك الإمام العز ابن عبد السلام؛ حيث اعتبر أن ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعة، وجعلها تدور مع أحكام الشرع التكليفية الخمس؛ حيث قال في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2/ 204، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [البدعة فِعْلُ مَا لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تُعْرَض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة] اهـ.
وأكد الحافظ ابن حجر العسقلاني هذا المعنى؛ حيث قال في "فتح الباري" (2/ 394، ط. دار المعرفة): [وكلُّ ما لم يكن في زمنه يسمى بدعةً، لكن منها ما يكون حسنًا، ومنها ما يكون بخلاف ذلك] اهـ.
والمسلك الثاني: جعل مفهوم البدعة في الشرع أخص منه في اللغة، فجعل البدعة هي المذمومة فقط، ولم يسم البدع الواجبة والمندوبة والمباحة والمكروهة بدعًا كما فعل الإمام العز ابن عبد السلام، وإنما اقتصر مفهوم البدعة عنده على المحرَّمة، وعلى ذلك جماهيرُ الفقهاء.
وممَّن ذهب إلى ذلك: الإمامُ ابن رجب الحنبلي؛ فقال في "جامع العلوم والحكم" (2/ 781، ط. دار السلام): [المراد بالبدعة ما أُحْدِثَ ممَّا لا أصل له في الشريعة يدلُّ عليه، فأمَّا ما كان له أصلٌ مِنَ الشَّرع يدلُّ عليه، فليس ببدعةٍ شرعًا، وإنْ كان بدعةً لغةً] اهـ.
وفي الحقيقة فإن المسلكين اتفقا على حقيقة مفهوم البدعة المذمومة شرعًا، وإنما الاختلاف في المدخل للوصول إلى هذا المفهوم المتفق عليه، وهو أن البدعة المذمومة التي يأثم فاعلها شرعًا هي التي ليس لها أصلٌ في الشريعة يدل عليها، وهي المرادة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه مسلمٌ في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».
وكان على هذا الفهم الواضح الصريح أئمة الفقهاء وعلماء الأمة المتبوعون؛ فقد روى أبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "مناقب الشافعي" عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: "المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث مما يخالف كتابًا أو سُنَّة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه بدعة الضلالة، والثاني: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة".
وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا عنه، بل المنهيُّ عنه بدعةٌ تضاد سُنَّةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع] اهـ.
الخلاصة
واختتم فضيلته فتواه بالقول: تعبير بعض العلماء عن حكم المصافحة بأنه بدعة، لا يقتضي تحريمها، بل لا يقتضي كراهتها؛ وذلك لوجود مشروعية المصافحة في الأصل، بدون تقييد أو تخصيص؛ ولذلك فإننا لو سلمنا جدلًا بأنها بدعة فهي تدور بين البدعة المباحة والمندوبة؛ كما ذكر الإمام العز ابن عبد السلام في "القواعد" (2/ 204). ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر
16 ديسمبر 2025 09:36 ص
تحليل: التراجع المدفوع بتداولات الذكاء الاصطناعي يطلق موجة الشراء عند انخفاض السعر
15 ديسمبر 2025 05:06 م
أسعار جرام الذهب في السودان اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:07 م
أسعار جرام الذهب في الأردن اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:03 م
أسعار جرام الذهب في الإمارات اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:00 م
أسعار جرام الذهب في السعودية اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 11:57 ص
الأكثر قراءة
-
توقعات الأبراج ليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025: حظك اليوم رمز على المشاريع العملية
-
توقعات الأبراج ليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025: حظك اليوم استثمر طاقتك بحكمة
-
القيادات الشابة تتصدر الهيكل الإدارى لمهرجان المسرح العربي
-
حصاد ريال مدريد في 2025 موسم الخيبات الكبرى
-
طقس اليوم الثلاثاء..أمطار على القاهرة الكبرى وسيول على الوجه البحري
-
حصاد ريال مدريد في 2025 موسم الخيبات الكبرى
-
جايس السويدي يصدم جماهير الأهلي ويرد على شائعات انتقال دياباتي
-
مدرب يانج أفريكانز عن مواجهة الأهلي بأمم إفريقيا: اللقاء سيكون صعبًا للغاية
-
موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية استعدادًا لكأس أمم إفريقيا
-
منتخب الأردن يهزم السعودية بهدف وحيد ويتأهل لنهائي كأس العرب 2025
-
وزيرا خارجية مصر والمجر يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في غزة
-
جدول مباريات اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة
-
نجل نهال عنبر حسام الحسيني ينفصل عن زوجته بعد 21 سنة زواج
-
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير 19 ديسمبر 2025م ـ 28 جمادى الآخرة 1447هـ
-
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر
أكثر الكلمات انتشاراً