خطبة الجمعة القادمة للدكتور محروس حفظي 25 يوليو 2025م ـ 30 محرم 1447هـ
الإثنين، 21 يوليو 2025 12:14 م
السيد الطنطاوي

خطبة الجمعة "أرشيفية"
حددت وزارة الأوقاف المصرية، موضوع خطبة الجمعة القادمة، 25 يوليو 2025م الموافق 30 من المحرم 1447هـ، عن “إدارة الوقت مِفْتاح بناء الإنسان الناجح"، وموضوع الخطبة الثانية عن ”ضوابط التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي".
وأكدت وزارة الأوقاف أن الهدف المراد توصيله للجمهور، من الخطبة الأولى "إدارة الوقت مِفْتاح بناء الإنسان الناجح، هو بيان أهمية الحفاظ على الوقت وحسن إدارته لبناء إنسان ناجح، مع استحضار هدي الإسلام في كل لحظة من لحظات الحياة اليومية.
وقالت إن الهدف الهدف المراد توصيله للجمهور من الخطبة الثانية "ضوابط التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، هو بيان خطورة التهاون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي دون ضوابط.
وينشر “المصري الآن” نص خطبة للدكتور محروس رمضان حفظي عبد العال، مدرس التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة بأسيوط،
عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 يوليو 2025م بعنوان: إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح ، للدكتور محروس حفظي
(1) أهميةُ الوقتِ في حضارةِ الإسلامِ.
(2) خطواتٌ عمليةٌ في “إدارةِ الوقتِ”.
(3) نظمْ وقتَكَ، وتخيرْ الأوقاتِ المباركةَ.
(4) منهجيةُ السبقِ في “إدارةِ الوقتِ”.
(5) ضوابطُ التعاملِ مع مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 يوليو 2025م بعنوان: إدارة الوقت مفتاح بناء الإنسان الناجح ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لكَ الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،
(1) أهميةُ الوقتِ في حضارةِ الإسلامِ: أولَى القرآنُ الوقتَ أهميةً كبيرةً، فأقسمَ بهِ، وسمَّى بعضَ السورِ ببعضِ الأزمانِ، وهِي ستُّ سورٍ: «الجمعةُ، الفجرُ، الليلُ، الضحَى، القدرُ، العصرُ»، وما هذا إلَّا برهانٌ ساطعٌ على ضرورةِ استغلالِ الوقتِ، وقد خُتمَتْ تلكَ السورُ ب «العصرِ» حيثُ أقسمَ اللهُ فيهَا على أنَّ الإنسانَ في خسرانٍ إنْ لم يعمرْ وقتَهُ بالعملِ الصالحِ، وبمَا ينفعُ ويثمرُ فقالَ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر: 2]، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].
وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِنِّي لَأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا، وَلَا عَمَلِ الْآخِرَةِ» (ابْن أَبِي شَيْبَة) .
قالَ الفخرُ الرازِيُّ ما ملخصُهُ: (أقسمَ اللهُ بالعصرِ؛ لِمَا فيهِ مِن الأعاجيبِ؛ لأنّهُ يحصلُ فيهِ السراءُ والضراءُ، والصحةُ والسقمُ، والغنَى والفقرُ؛ ولأنَّ العمرَ لا يقومُ بشيءٍ نفاسةً وغلاءً، فلو ضيعتَ ألفَ سنةٍ فيمَا لا يعنِي، ثم تُبتَ، وثَبتَتْ لكَ السعادةُ في اللمحةِ الأخيرةِ مِن العمرِ، بقيتَ في الجنةِ أبدَ الآبادِ، فعلمتَ أنَّ أشرفَ الأشياءِ حياتُكَ في تلكَ اللمحةِ، فكان الزمانُ مِن جملةِ أصولِ النعمِ، فلذلكَ أقسمَ اللهُ بهِ، ونبَّهَ سبحانَهُ على أنَّ الليلَ والنهارَ فرصةٌ يضيعُهَا الإنسانُ! وأنَّ الزمانَ أشرفُ مِن المكانِ فأقسمَ بهِ؛ لكونِ الزمانِ نعمةٌ خالصةٌ لا عيبَ فيهَا، إنَّمَا الخاسرُ المعيبُ هو الإنسانُ) أ.ه. (مفاتيح الغيب، 32/ 277).
بل اعتبرَ “العلماءُ” أنَّ مِن “العقوقِ” إضاعةَ الوقتِ”، ففِي منشورِ الحكمِ: (مِن الفراغِ تكونُ الصَّبْوةُ، ومَن أمضَى يومَهُ في حقٍّ قضاهُ، أو فرضٍ أدّاهُ، أو مجدٍ أثّلَهُ، أو حمدٍ حصَّلَهُ، أو خيرٍ أسَّسَهُ، أو علمٍ اقتبسَهُ، فقد عقَّ يومَهُ، وظلمَ نفسَهُ) أ.ه. (فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي، 4/288).
والمتأملُ الآنَ يجدُ أنَّ الأيامَ تتسارعُ، والأزمنةَ تتلاحقُ مصداقاً لقولِهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ الْخُوصَةُ» (أحمد)، وكلُّ شيءٍ حولَ الإنسانِ يذكرُهُ بقيمةِ الوقتِ الذي يعيشُهُ، فطلوعُ الشمسِ وغروبُهَا، والقمرُ الذي قدّرَهُ اللهُ منازلَ، وحركةُ الكونِ بمَا فيهِ، فكلُّ هذهِ الأشياءِ تذكرُ العبدَ بقيمةِ الزمنِ الذي هو رأسُ مالِهِ، فهل شعرنَا بذلكَ، وهل قدمنَا مِن الأعمالِ ما يؤهلُنَا للفوزِ برضوانِ اللهِ، وما بهِ تعمرُ الحياةُ، وما بهِ يخلدُ ذكرُنَا، وصدقَ القائلُ:
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُهَا … إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بَانِيْهَا
فَإِن بَناهَا بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُهَا … وَإِنْ بَناهَا بَشَرٍّ خابَ بَانِيْهَا
*الوقتُ لا يُعوَّضُ ولا يرجعُ: في موقفينِ عظيمينِ سيعرفُ العبدُ فيهمَا “قيمةَ الوقتِ”، وسيندمُ على ما فرّطَ فيهِ، الأولُ: عندَ ساعةِ الاحتضارِ: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون: 10: 11]، الثاني: في يومِ القيامةِ: {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 58].
فلتعلمْ أخي الكريم: أنَّ الوقتَ لا يُعوَّضُ ولا يرجعُ: وهذا مَا أوقدَ الغيرةَ على الوقتِ لدَى السلفِ الصالحِ؟!.كان الخليلُ بنُ أحمد الفراهيدِي يَقُولُ: “أَثْقَلُ سَاعَاتٍ عَلَيَّ سَاعَة آكل فِيهَا” (الحث على طلب العلم لأبي هلال العسكري، ص 87).
وكان الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: «أَدْرَكْتُ أَقْوامًا كَانُوا عَلَى أَوْقَاتِهِمْ أَشَدَّ حِرْصًا مِنْكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ، يا ابنَ آدم، إنّمَا أنتَ أيامٌ، فإذَا ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُكَ» (قيمة الزمن عند العلماء لعبد الفتاح أبو غدة).
*تأنيبُ اللهِ للخلقِ إذْ أضاعُوا أعمارَهُم: رزقَ اللهُ الخلقَ الزمانَ المديدَ، والعمرَ الطويلَ، فلم يعمرُوهُ في الخيرِ والبرِّ، {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مِنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]، فجعلَ سبحانَهُ “التعميرَ”، موجباً للاعتبارِ، وميداناً للإيمانِ والاستبصارِ، وصيَّرَ “العمرَ” الذي هو “الوقتُ” حُجْةً على الإنسانِ، كما أقامَ وجودَ الرسولِ حجةً عليهِ أيضاً: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165].
(2) خطواتٌ عمليةٌ في “إدارةِ الوقتِ”: وضعَ دينُنَا الحنيفُ خطواتٍ عمليةً لإدارةِ الوقتِ، منهَا:
أولاً: القراءةُ في حياةِ السابقينَ مِن العلماءِ الراسخينَ، والأولياءِ والصالحينَ: قال أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: “حفظتُ القُرْآنَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ، وَمَا مِنْ علمٍ إِلاَّ وَقَدْ نَظرتُ فِيْهِ، وَحصَّلْتُ مِنْهُ الكُلَّ أَوِ البَعْضَ، إِلاَّ هَذَا النَّحْوَ، فَإِنِّي قَلِيْلُ البِضَاعَةِ فِيْهِ، وَمَا أَعْلَمُ أَنِّي ضَيَّعْتُ سَاعَةً مِنْ عُمُرِي فِي لَهْوٍ أَوْ لَعِبٍ”. (سير أعلام النبلاء، 20/26).
وعندمَا تستقرأُ التاريخَ تجدُ سِيرَ رِجَالٍ عُظمَاءَ وعلماءَ أفذاذٍ منهُم مَن عاشَ وقتاً قصيراً، لكنّهُ خلَّفَ خلفَهُ ثروةً هائلةً مِن العلومِ ما زالنَا نستقِي منهَا إلى يومِنَا هذا، فالبركةُ في العمرِ بحسنِ العملِ فيهِ، وليسَ بطولِهِ، فعن نُفَيْع بْن الحَارِث قال: «أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ خيرٌ؟ قال مَن طالَ عمُرهُ، وحسُنَ عملُهُ، قال: فأيُّ الناسِ شرٌّ؟ قال: مَن طالَ عمُرهُ، وساءَ عملُهُ» (رواه الترمذي، وحسنه).
ثانياً: تحديدُ الغايةِ والهدفِ، وفهمُ حقيقةِ الوجودِ، وأصلحْ ما بقيَ مِن وقتِكَ: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، قال معاذُ بنُ جبلٍ: “وأنَا أنامُ أوّلَ الليلِ وأقومُ آخرَهُ، فأحتسبُ نومتِي كمَا أحتسبُ قومتِي”. (تاريخ بغداد).
قالَ الفضيلُ بنُ عياضٍ لرجلٍ: “كم أتَتْ عليكَ، قال: ستُّونَ سنةً، قال: فأنتَ منذُ ستينَ سنةً، تسيرُ إلى ربِّكَ توشكُ أنْ تبلغَ، فقالَ الرَّجلُ: يا أبا علي، إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعون، قال لهُ الفضيلُ: تعلمُ ما تقولُ، فقالَ الرجلُ: قلتُ: “إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعون”، قال الفضيلُ: تعلَمُ ما تفسيرُه؟ قالَ الرَّجلُ: فسِّرْهُ لنَا يا أبَا علي، قال: مَن عَلِمَ أنَّهُ عبدُ اللهِ وأنَّهُ إليهِ راجعٌ، فليعلَمْ بأنَّهُ موقوفٌ، ومَن عَلمَ بأنَّهُ موقوفٌ، فليعلمْ بأنَّهُ مسئولٌ، ومَن علمَ أنَّهُ مسؤولٌ، فليُعِدَّ للسؤالِ جواباً، فقال الرجلُ: فما الحيلةُ، قال: يسيرةٌ، قال: ما هي قال: تُحسنُ فيمَا بقيَ، يُغفَرُ لكَ ما مضَى، فإنَّكَ إنْ أسأتَ فيمَا بقِيَ أُخِذتَ بمَا مضَى وما بقي” (حلية الأولياء).
ثالثاً: وضعُ خُطةٍ أو برنامجٍ للأعمالِ الصالحةِ كلَّ يومٍ، كلَّ أسبوعٍ، كلَّ عامٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» (رواه مسلم).
رابعاً: ترتيبُ الأولوياتِ، ومحاسبةُ النفسِ على التقصيرِ قبلَ الندمِ: {يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا} [الأنعام: 31]، {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56].
عن أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ، قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ»، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» (رواه الترمذي). قالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: “الليلُ والنهارُ يعملانِ فِيكَ، فاعملْ أنتَ فيهمَا”. أ.ه.
خامساً: الحرصُ على الصحبةِ الصالحةِ الجادةِ في الحياةِ: {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 28: 29]، {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].
سادساً: شغلُ النفسِ بمَا يعودُ عليهَا بالنفعِ آجلاً أو عاجلاً، فإنَّكَ إذَا لم تشغلْهَا بالحقِّ، شغلتْكَ عن الحقِّ، فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:«إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا» (الأدب المفرد)، فليسَ هناكَ حثٌّ على إعمارِ الأوقاتِ أعظمُ مِن ذلكَ؛ فالمسلمُ كالنبعِ الفيَّاضِ لا ينضب، حتى إنَّهُ ينفعُ إلى آخرِ رمقٍ مِن حياتِهِ.
قال ابنُ عطاءٍ الإسكندرِي: “رُبَّ عمرٍ اتسعتْ آمادُهُ، وقلتْ أمدادُهُ، وربَّ عمرٍ قليلةٌ آمادُهُ، كثيرةٌ أمدادُهُ) أ.ه. (الحكم العطائية).
وقال الوزيرُ “يحيَى بنُ هُبيرةَ البغدادِي”:
وَالوَقْتُ أنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ … وَأَرَاهُ أَسْهَلَ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ
إنّا لَنفْرحُ بِالأَيامِ نَقْطَعُهَا … وكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الأَجَل
فَاعْمَلْ بِنفَسِكَ قَبْلَ المَوْتِ مُجْتَهِدًا … فَإِنَّمَا الرِّبْحُ والخُسْرَانُ فِي العَمَل
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي ﷺ قَالَ:«بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تُنْظَرُونَ إِلَّا إِلَى فَقْرٍ مُنْسٍ، أَوْ غِنًى مُطْغٍ، أَوْ مَرَضٍ مُفْسِدٍ، أَوْ هَرَمٍ مُفَنِّدٍ، أَوْ مَوْتٍ مُجْهِزٍ، أَوِ الدَّجَّالِ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةِ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» (رواه الترمذي).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ” (رواه البخاري).
قالَ الإمامُ الطيبِيُّ: (ضربَ النبيُّ ﷺ للمكلفِ مثلاً بالتاجرِ الذي له رأسُ مالٍ، فهو يبتغِي الربحَ مع سلامةِ رأسِ المالِ، فطريقُهُ في ذلكَ أنْ يتحرَّى فيمَن يعاملُهُ، ويلزمَ الصدقَ والحذقَ لئلَّا يُغبن، فالصحةُ والفراغُ رأسُ المالِ، وينبغِي لهُ أنْ يعاملَ اللهَ بالإيمانِ ومجاهدةِ النفسِ؛ ليربحَ خيرَيِ الدنيا والآخرةِ، وقريبٌ منهُ قولُ اللهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10]، وعليهِ أنْ يجتنبَ مطاوعةَ النفسِ، ومعاملةَ الشيطانِ؛ لئلَّا يُضيِّعَ رأسَ مالِهِ مع الربحِ) أ.ه. (فتح الباري شرح صحيح البخاري، 11/230).
سابعاً: إدراكُ أنَّ الوقتَ يمرُّ كالبرقِ الخاطفِ، وأنَّ الزمنَ لن يتوقفَ عندَ تعثرِكَ أو حزنِكَ أو فشلِكَ، فمَا أسرعَ الأيامَ والليالِي، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ» (رواه الترمذي).
وعَنْ مُجَاهِدٍ بن جبر، قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: “يَا أَبَا الْغَازِي، كَمْ لَبِثَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْمِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا، قَالَ:«فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَزْدَادُوا فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَجْسَامِهِمْ وَأَحْلَامِهِمْ إِلَّا نَقْصًا» (حلية الأولياء).
ثامناً: تنويعُ ما يُستغلُّ بهِ الوقتُ؛ لأنَّ النفسَ تسأمُ وتملُّ بسرعةٍ: فينبغِي تقسيمُ الوقتِ ما بينَ الجدِّ والعملِ، والترويحِ عن النفسِ كي يدفعكَ لمزيدٍ مِن الأعمالِ الصالحةِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ «يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا» (رواه البخاري).
وعن حنظلةَ قال رَسُول اللهِ ﷺ: «يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ» (رواه مسلم).
قالَ الإمامُ الغزالي: (ترويحُ النفسِ وإيناسُهَا بالمجالسةِ، والنظرِ والملاعبةِ، إراحةٌ للقلبِ، وتقويةٌ لهُ على العبادةِ؛ فإنَّ النفسَ ملولٌ، وهي عن الحقِّ نفورٌ؛ لأنّهُ على خلافِ طبعِهَا، فلو كلفت المداومةُ بالإكراهِ على ما يخالفُهَا جمحتْ، وثابتْ، وإذا روّحتْ باللذاتِ في بعضِ الأوقاتِ، قويتْ ونشطتْ، وينبغِي أنْ يكونَ لنفوسِ المتقينَ استراحات بالمباحاتِ، قال عليٌّ- رضي اللهُ عنه: “روّحُوا القلوبَ ساعةً، فإنّهِا إذا أُكرهتْ عميتْ”) أ.ه. (إحياء علوم الدين، 2/30).
تاسعاً: المداومةُ على القليلِ، وعدمُ التفريطِ فيهِ: تلك قاعدةٌ مهمةٌ لِمَن يأخذ العملَ بحماسةٍ أولاً ثم يرجع عنهُ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» وَقَالَ:«اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» (رواه البخاري).
عاشراً: استعنْ باللهِ ولا تعجزْ، مهمَا بلغتْ العقباتُ، عليكَ بالمثابرةِ والمعافرةِ، والثباتِ في الأمرِ، وتركِ النتائجِ على خالِقِكَ.
(3) نظمْ وقتَكَ، وتخيرْ الأوقاتِ المباركةَ: المرءُ الذي ينظمُ وقتَهُ، ويحددُ هدفَهُ، ويرتبُ أولوياتِهِ، يصبحُ أكثرَ إنجازاً مِن غيرِهِ، وأقربَ إلى التوفيقِ والسدادِ؛ لأنّهُ أخذَ بالأسبابِ، وعندمَا تنظرُ في تاريخِ السابقينَ تجد أنّهُم قد حرصُوا على “ترتيبِ الأوقاتِ”، فكانُوا يسابقونَ الساعاتِ، ويبادرونَ اللحظاتِ، ضناً منهُم بالوقتِ، وحرصاً على أنْ لا يذهبَ منهُم هدراً، فعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: “لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ، دَعَا عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فَقَالَ لَهُ: “اتَّقِ اللهَ يَا عُمَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ” (حلية الأولياء).
*تخيرُ الأوقاتِ المباركاتِ؛ لإنجازِ المهماتِ العظامِ: “العملُ ينزلُ منزلتهُ مِن الوقتِ الملائمِ لهُ، فمِن الأعمالِ ما يصلحُ لهُ كلُّ وقتٍ وذهنٍ، لخفتِهِ، ويسرِ القيامِ بهِ، فلا يحتاجُ إلى ذهنٍ صافٍ، وتفكيرٍ عميقٍ، ومِن الأعمالِ ما لا يكتملُ حصولُهُ على وجهِهِ الأتمِّ إلَّا في الأوقاتِ التي تصفُو فيهَا الأذهانُ، وتنشطُ فيهَا القرائحُ والأفهامُ، وتكثرُ فيهَا البركاتُ والنفحاتُ كساعاتِ الأسحارِ، والفجرِ، والصباحِ، وساعاتٍ هدأةِ الليلِ، والفراغِ التامِّ، والسكونِ الكاملِ للمكانِ”. (قيمة الزمن عند العلماء).
وقد أرشدَنَا ﷺ أنْ نغتنمَ “ساعةَ البكورِ”، فعَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ: قَالَ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»، قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً، أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، قَالَ: وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، فَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ» (رواه ابن ماجه).
قال ابنُ بطالٍ: (وإنّمَا خصَّ ﷺ “البكورَ” بالدعاءِ بالبركةِ فيهِ مِن بين سائرِ الأوقاتِ؛ لأنّهُ وقتٌ يقصدُهُ الناسُ بابتداءِ أعمالِهِم، وهو وقتُ نشاطٍ، وقيامٍ مِن دعةٍ، فخصَّهُ بالدعاءِ؛ لينالَ بركةَ دعوتِهِ جميعُ أمتِهِ) أ.ه. (شرح صحيح البخارى).
بهذا تطيبُ الحياةُ، وتنشطُ النفسُ طوالَ اليومِ، خلافاً لمَن تمضِي عليهِ تلكَ الأوقاتُ نائماً غافلاً، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» (متفق عليه).
(4) منهجيةُ السبقِ في “إدارةِ الوقتِ”: وضعَ القرآنُ الكريمُ منهجاً فريداً في “إدارةِ الوقتِ”، فجعلَهُ يقومُ على أمرينِ: “المسارعةُ، والسرعةُ”، فالأولُ: يعنِي: الإنجازُ المبكرُ للعملِ قبلَ فواتِ الأوانِ، والثانِي: يعنِي: الإنجازُ السريعُ لهُ، وكأنَّ الدنيَا حلبةُ سباقٍ، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21].
ولم يردْ لفظُ “السباقِ” بصيغةِ الأمرِ إلَّا في موضعٍ واحدٍ مِن القرآنِ الكريمِ، وهي توحدُ كلَّ التوجهاتِ والمنطلقاتِ؛ لتكونَ الوجهةُ للهِ ربِّ العالمين، وتشيرُ اللفظةُ أيضاً إلى التركيزِ على عنصرِ “الوقتِ”؛ ليكونَ نصبَ عينِ المتسابقِ، فلا يهدرهُ إلّا فيمَا يرضِي ربَّهُ– سبحانَهُ- قالَ تعالَى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
قال النيسابورِي: (وفي لفظِ: “سابِقُوا”: هاهنا إشارةٌ إلى أنَّ مراتبَ هؤلاءِ مختلفةٌ، بعضُهَا أسبقُ مِن بعضٍ، كالمسابقةِ في الخيلِ، وفي لفظِ: “سارِعُوا”: هنالكَ رمزٌ إلى أنَّ كلَّهُم مستوونَ في القربِ أو متقاربونَ؛ لأنَّ المرتبةَ العليَا واحدةٌ، وهي مرتبةُ السابقينَ المقربينَ، وإنَّهَا غايةُ الرتبِ الإنسانيةِ) أ.ه. (غرائب القرآن ورغائب الفرقان، 6/258).
وقد حددَ القرآنُ الكريمُ مجالاتِ “السبقِ” {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} [البقرة: 148]، و”الخيراتِ”: اسمُ جنسٍ يجمعُ يعمُّ مجالاتِ النفعِ المختلفةِ، وهي العاملُ المشتركُ الذي يلتقِي عليهِ الناسُ جميعاً، وفي هذا لفتةٌ أنْ يكونَ “السبقُ” وسيلةً لعونِ الخلقِ كلِّهِم على اختلافِ مستوياتِهِم، وتعددِ أجناسِهِم، وكلَّمَا حققَ منفعةً أدومَ وأعمَّ، كان أعظم، بحيثُ يبقَى خالداً؛ فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (رواه مسلم).
وللهِ درُّ أحمد شوقي حيثُ قالَ:
دقاتُ قلبُ المرءِ قائلةٌ لهُ … إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثوانِي
فارفعْ لنفسِكَ قبلَ موتِكَ ذكرَهَا … فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثانِي
كان النبيُّ ﷺ يحثُّ على المبادرةِ بالأعمالِ الصالحةِ خوفاً مِن تغيرِ الأحوالِ، وإقبالِ الأهوالِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِرَجُلٍ: “اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابك قَبْلَ هَرِمِكَ، وَصِحَّتكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِناكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وحَيَاتكَ قَبْلَ مَوْتِكَ” (رواه النسائي في “السنن الكبرى”).
)5) ضوابطُ التعاملِ مع مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي: “التعارفُ” مقصدٌ عظيمٌ مِن مقاصدِ الشريعةِ الغراء، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، وكان النبيُّ ﷺ يتواصلُ شفوياً وكتابيًّا، فعَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النبيَّ ﷺ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى، وَإِلَى قَيْصَرَ، وَإِلَى النَّجَاشِيِّ، وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ» (مسلم).
إنَّ مواقعَ التواصلِ الاجتماعِي نعمةٌ عظمَى، تستوجبُ الشكرَ للهِ، وذلكَ بأنْ تُستخدَمُ فيمَا ينفعُ ويفيدُ، {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114]، وأنْ تُوظفَ هذه الوسائلُ في نشرِ الخيرِ والتعاونِ على البرِّ والتقوَى، وتبليغِ الناسِ لدينِ اللهِ الصحيحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً» (رواه البخاري)، وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ:«لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (رواه مسلم).
(1) البعدُ عن وضعِ الصورِ المشوِّهةِ أو المفبركةِ التي يُقصَدُ بهَا السخريةُ، والإساءةُ للآخرين: لأنّ هذا فيهِ تشويهٌ لصورةِ الإنسانِ الذي خلقَهُ اللهُ في أحسنِ تقويمٍ، وأفضلِ صورةٍ، فضلاً عن أنَّ هذه الصورَ يصحبُهَا دوماً التعليقاتُ المضحكةُ، والعباراتُ اللامزةُ، والألفاظُ الساخرةُ التي تغرقُ المستخدمينَ في الضحكِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ، يَهْوِي بِهَا مِنْ أَبْعَدِ مِنَ الثُّرَيَّا» (رواه أحمد، وابن حبان)، وعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» (رواه أبو داود، والترمذي).
(2) التحفظُ مِن نشرِ الصورِ الشخصيةِ مِمَّا قد يَهتِكُ الأستارَ، ويفضحُ الأسرارَ، فالحياةُ العائليةُ مبناهَا على السترِ والعفافِ، فإذا خرجَ الشخصُ عن ذلكَ فلا يلومَنَّ إلّا نفسَهُ، أضفْ إلى ذلكَ وقوعَ الحسدِ، فالعينُ تنفذُ للمعيونِ عبرَ الصورِ والفيديوهات التي ينشرُهَا دوماً، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» (رواه مسلم)، وهناكَ دوماً مَن يتجسسُ أو يتربصُ بكَ، فكُنْ على حذرٍ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}[النساء: 71].
(3) نسبةُ الفضلِ إلى أهلِهِ في حالةِ نشرِ أو نقلِ المعلوماتِ، ويجبُ تجنبُ ادِّعاءِ أسماءَ مكذوبةٍ، أو تقمُّصِ شخصياتٍ غيرِ واقعيةٍ، وهذا يُعدُّ مِن التزويرِ المنهِيِّ عنهُ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 188]، وعَنْ عَائِشَةَ أن رَسُول اللهِ ﷺ قالَ: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» (متفق عليه).
(4) تجنبُ الدخولِ إلى مواقعِ الجرائمِ، والإرهابِ والتطرفِ، ومواقعِ السحرِ والتجسسِ وغيرِهَا مِن وسائلِ الإفسادِ، وعدمُ إقحامِ الناسِ في مجموعاتِ تواصلٍ دونَ إذنٍ مُسبقٍ منهُم كي لا يُسببَ الإحراجَ لهُم، ويضيِّعَ أوقاتَهُم، وللهِ درُّ أبي تمامٍ حيثُ قالَ:
وطُولُ مقَامِ الْمَرْءِ فِي الحقِّ مُخْلِقٌ … لِدِيباجَتَيْه فاغْتَرِبْ يَتَجَدَّدِ
فإنِّي رَأَيْتُ الشَّمْسَ زيدتْ مَحبَّةً … إِلَى النّاسِ إذْ ليستْ عَلَيْهِمْ بَسْرمَدِ
(5) الالتزامُ التامُّ بالقوانينِ التي تقررُهَا الجهاتُ المختصةُ بشأنِ هذه الوسائلِ، والاحترامُ التَّامُّ للشعائرِ الدينيةِ، وعدمُ استخدامِ هذه الوسائلِ للسخريةِ والاستهزاءِ بالآخرينَ خاصةً في وقتِ المناسباتِ، وقد أرشدَنَا القرآنُ الكريمُ إلى ذلكَ مِن خلالِ “فقهِ المآلاتِ والأحوالِ” {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
(6) التحلِّي بالصبرِ، وحفظِ اللسانِ، فلا ينطقُ بالألفاظِ المخِلَّةِ، ولاالعباراتِ المسيئةِ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيصْمُتْ» (متفق عليه).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» (رواه ابن ماجه).
قالَ الأحنفُ بنُ قيسٍ: “الكلامُ بالخيرِ أفضلُ مِن السكوتِ، والسكوتُ خيرٌ مِن الكلامِ باللغوِ والباطلِ، والجليسُ الصالحُ خيرٌ مِن الوحدةِ، والوحدةُ خيرٌ مِن جليسِ السوءِ”. (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، 17/447).
(7) أنْ تكونَ لغةُ التواصلِ واضحةً صادقةً، لا لبسَ فيهَا ولا تزوير، وأنْ تكونَ عربيةً – إلّا ما يستدعِي المقامُ والحاجةُ-، مع مراعاةِ قواعدِ الإملاءِ والنحوِ؛ حِفاظًا على جمالياتِ لغةِ القرآنِ الكريمِ، وسلامةِ التعبيرِ بهَا، وهذا يكتسبُ مع الممارسةِ والخبرةِ، ويجبُ البعدُ عن الرموزِ والطلاسمِ التي تفسدُ الذوقَ، وتضعفُ الملكةَ اللغويةَ لدَى الأجيالِ.
قالَ الإمامُ الشافعِيُّ: (اللسانُ الذي اختارَهُ اللهُ- عزَّ وجلَّ- لسانُ العربِ، فأنزلَ بهِ كتابَهُ العزيز، وجعلَهُ لسانَ خاتمِ أنبيائِهِ مُحمدٍ ﷺ، فينبغِي لكلِّ أحدٍ يقدرُ على تعلمِ العربيةِ أنْ يتعلمَهَا؛ لأنّهُ اللسانُ الأولَى بأنْ يكونَ مرغوباً فيهِ مِن غيرِ أنْ يحرمَ على أحدٍ أنْ ينطقَ بأعجميةٍ) أ.ه.
(8) عدمُ الإشغالُ عمَّا هو أهمُّ وأولَى مِن العباداتِ: وطاعةُ الوالدينِ، وصِلةُ الأرحامِ، وطلبُ العلمِ وغيرُهَا مِن “الأولوياتِ”؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اتَّخَذَ خَاتَمًا فَلَبِسَهُ قَالَ: «شَغَلَنِي هَذَا عَنْكُمْ مُنْذُ الْيَوْمَ، إِلَيْهِ نَظْرَةٌ، وَإِلَيْكُمْ نَظْرَةٌ ثُمَّ أَلْقَاهُ» (رواه النسائي وأحمد)، فهذا خاتمٌ أخذَ النَّظَرُ إليهِ مِن وقتِ النبيِّ ﷺ ما شغلَهُ عن دعوةِ أصحابِهِ، فكيفَ بهذهِ الوسائلِ الجذَّابةِ التي تأسرُ الألبابَ، وتنفذُ على المستخدمِ مِن كلِّ حدبٍ وصوبٍ؟!
(9) استشعارُ مراقبةِ اللهِ سبحانَهُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (متفق عليه).
قال ابنُ رجبٍ: “يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ اسْتِحْضَارُ قُرْبِهِ وَأَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْخَشْيَةَ وَالْخَوْفَ وَالْهَيْبَةَ وَالتَّعْظِيمَ”. أ.ه. (جامع العلوم والحكم، 1/126).
(10) مطابقةُ المنشورِ للمفعولِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2: 3]، {مَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88]. وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: “يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ، فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانُ مَا لَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ” (متفق عليه).
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
اقرأ أيضا:
خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 25 يوليو 2025م الموافق 30 من محرم 1447هـ
استخدام شبكة الواي فاي بدون اذن صاحبها.. دكتور شوقي علام يبين الحكم
بر الابن العاق لوالده المتوفي.. دكتور شوقي علام يوضح
الأوقاف تنظم 27 ندوة عن "التسامح.. مفتاح السلام والوئام في المجتمع"
خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف غدا 18 يوليو 2025م الموافق 23 محرم 1447 هـ
شيخ الأزهر يدعو إلى منهج موحد للغة العربية والتاريخ العربي يُدرَّس في جميع الدول العربية
الأزهر يدين اغتيال طالبة جزائرية بألمانيا ويدعو إلى التصدي لإرهاب اليمين المتطرف
د. أسامة الحديدي: الفتاوى الشاذة تسيء للإسلام وتُشوِّه صورته في المجتمعات الغربية
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
10.2 مليار درهم تجارة الإمارات من خدمات الاتصالات خلال 2024 بنمو 4.3%
21 يوليو 2025 02:30 م
كيان إيجيبت تطرح سكودا “KAROQ 2025” الجديدة في السوق المصري
20 يوليو 2025 02:24 م
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأحد 20 يوليو
20 يوليو 2025 07:00 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الخميس 17 يوليو
17 يوليو 2025 07:00 ص
أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الأربعاء 16 يوليو
16 يوليو 2025 07:00 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الاثنين 14 يوليو
14 يوليو 2025 07:00 ص
الأكثر قراءة
-
محمد حامد يكتب: اقتباس الأفلام الأجنبية فى السينما المصرية.. استسهال أم إبداع؟!
-
الاتحاد السكندري يواجه المقاولون العرب وديًا ضمن استعدادات الموسم الجديد
-
منتخب السلة يواجه إيران ببطولة بيروت الدولية الودية
-
أهالي قرية اتريس يحتشدون لدعم مرشحي «مستقبل وطن» بانتخابات «الشيوخ»
-
دفاع الطفل ياسين: لا تسامح مع من يعتدي على براءة الأطفال
أكثر الكلمات انتشاراً