الأربعاء، 23 يوليو 2025

12:41 ص

حازم عابد يكتب: الاتصال المؤسسي رافعة نمو في الامارات والشرق الأوسط

الثلاثاء، 22 يوليو 2025 02:22 م

حازم عابد

حازم عابد

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تعد الحاجه الي الاستدامة خيارًا، بل أصبحت توجهًا استراتيجيًا ومحركًا حقيقيًا للنمو. ومع اعتماد دول كثر مثل الإمارات العربية المتحدة على الاستدامة كجزء من رؤاها الوطنية، ومحفزا نحو الاستقرار النامي للمستقبل، أصبح من الضروري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن تدمج مفاهيم الاستدامة في جوهر استراتيجياتها، وخاصة عبر أداة محورية وهي الاتصال المؤسسي الذكي، والذي اعتمدته دولة الإمارات "كركيزة محورية وحجر زاوية"، للتحول نحو المستقبل الامن والمزدهر للاقتصاد الوطني.

لماذا يُعد اليوم الاتصال الذكي أساسًا للاستدامة؟
الاتصال المؤسسي المستدام لا يقتصر على إصدار تقارير بيئية، أو المشاركة في حملات توعوية، بل يشمل: الشفافية في عرض التحديات والإنجازات، والحوار المفتوح مع المجتمع والعملاء والشركاء، وصياغة سردية استراتيجية تربط بين هوية المؤسسة وأثرها المجتمعي والبيئي. وعندما تنجح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في استخدام الاتصال، للتعبير عن التزامها البيئي والاجتماعي، فإنها تبني ثقة، وتجذب استثمارات، وتتمتع بميزة تنافسية حقيقية.
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة، بيئة مثالية حاضنة للاستدامة والاتصال الذكي، فوفقاً لتقارير وزارة الاقتصاد، فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تمثل 94% من إجمالي الشركات المسجلة في الدولة، وتُسهم بما يزيد عن 50% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. وتستهدف "أجندة الإمارات الخضراء 2030" زيادة مساهمة القطاعات المستدامة بنسبة 4 ـ 5% في الناتج المحلي.
ما يعني أن أي مؤسسة تتبنى الاتصال المستدام كمكون أساسي من نموذج أعمالها، تصبح أقرب للحصول على دعم حكومي، تمويل، أو فرص شراكة.

ومع ذلك، فهناك العديد من المعوقات، التي تمثل عقبة أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، فبرغم الفرص المتاحة، إلا أن العديد من الشركات في المنطقة تواجه تحديات لعل أبرزها: ضعف المعرفة بمفاهيم الاستدامة، ونقص الموارد التقنية أو المالية، وغياب استراتيجيات اتصال فعالة لنقل رسالتها المستدامة.

استراتيجيات الاتصال المستدام للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة
ولمواجهة هذه التحديات، على المؤسسات اتباع الخطوات التالية:
1.    وضع أهداف استدامة واضحة: قابلة للقياس ومترابطة مع خطة العمل الأساسية.
2.    تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك العملاء، الموظفين، والمجتمع المحلي في الحوار حول ممارسات الاستدامة.
3.    الاعتماد على الوسائل الرقمية: مشاركة النجاحات والتقارير والقصص الحقيقية عبر مواقع التواصل ومنصات الفيديو.
4.    تدريب داخلي مستمر: تثقيف الموظفين حول دورهم في تحقيق أهداف الاستدامة.

ولدينا في المنطقة بعض التجارب الملهمة، التي تعد تجسيدًا لقدرة المؤسسات على تجاوز هذه التحديات، ومنها على سبيل المثال شركة العصائر الطازجة الإماراتية باركات الإماراتية التي اعتمدت حلول التعبئة البيئية، حيث روّجت لقصتها البيئية عبر حملات تفاعلية على وسائل التواصل، مما زاد من ولاء العملاء. ومجموعة الحبتور في الإمارات أيضًا، والتي تبنّت التواصل الاستراتيجي لعرض مبادراتها في البناء الأخضر والحد من الهدر، ما عزّز من سمعتها كشركة رائدة في المسؤولية المؤسسية. وفي مصر قدمت شركة سَكِم مبادرة متكاملة في الزراعة المستدامة والتطوير الاجتماعي، تعتمد على التقارير السنوية وقصص النجاح لنشر أثرها محليًا ودوليًا. وفي السعودية روّجت البيك عبر منصاتها الرقمية لمبادراتها البيئية في تقليل الهدر وتحسين الكفاءة الطاقية، مما رفع من مكانتها كشركة مسؤولة اجتماعيًا.

عندما تستخدم الشركات الاتصال الذكي كأداة استراتيجية، فإنها تحقق ما يسمى بـ "تأثير القيمة المتميزة"، وهو ما يؤدي إلى:
•    ثقة المستثمرين: المؤسسات التي تعرض بيانات استدامة حقيقية تجذب الاستثمارات الخضراء.
•    انتشار أوسع: الحضور الإعلامي المتكرر حول مبادرات الاستدامة يعزز الوعي العام ويزيد من فرص الشراكات.
•    نمو السوق: العملاء اليوم يفضلون العلامات التي تمتلك غرضًا مجتمعيًا، وليس فقط منتجًا.

وفي النهاية يمكننا القول، بأن "الاتصال الذكي ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية"، في ظل رؤى مثل "مئوية الإمارات 2071" و"رؤية السعودية 2030"، التي تقود المنطقة بقوة نحو اقتصاد أخضر واعي و قادر علي قيادة المنطقة. وإذا أرادت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تكون جزءًا من هذا المستقبل، فعليها دمج الاتصال المؤسسي الذكي كأداة للنمو، وليس مجرد وظيفة دعم. فإن الاستدامة بدون اتصال فعال تساوي قيمة مرئية وبلا هوية، كما ان الاتصال بدون مضمون لا يعد سوى ضوضاء، أما الجمع بينهما يخلق ميزة تنافسية واستدامة حقيقية

search