محمد مطش يكتب: الانتماء يصنع الفرق.. والهوية تصنع المستقبل
الخميس، 24 يوليو 2025 06:51 م
محمد مطش
في عالم يزداد فيه التشتت الثقافي والانفتاح اللامحدود عبر وسائل الإعلام والتكنولوجيا ومع التطور الهائل في استخدام وسائل التواصل والمنصات الرقمية، تبرز الحاجة الملحة للعودة إلى الجذور، وإعادة التمسك بما يشكّل الذات الجمعية والفردية، أي الهوية والانتماء، فهما ليسا مجرد مفردتين لغويتين تُتداولان في المحافل الفكرية والمنتديات الثقافية فحسب، بل يمثلان جوهر الإنسان وكيانه، وأساس استقراره النفسي والاجتماعي، وركيزة نهوض المجتمعات وتماسكها.
حيث تعرف الهوية على انها مجموعة الصفات والخصائص التي تميز فردًا أو جماعة عن غيرها، وتشمل اللغة، الدين، التقاليد، القيم، والانتماء الثقافي والحضاري. إنها بطاقة التعريف الأولى التي تقول من نحن، ومن أين أتينا، وماذا نمثل. أما الانتماء، فهو الشعور العميق بالارتباط بشيء ما، سواء كان وطنًا، دينًا، ثقافةً، جماعة، أو حتى فكرة. وهو ما يدفع الفرد للدفاع عنه، والاعتزاز به، والعمل من أجل رفعته واستمراريته والسعي الدائم على تجديده والبقاء عليه. فالهويتان الشخصية والوطنية تتكاملان داخل الفرد؛ فكما أن لكل إنسان بصمته البيولوجية، فإن له أيضًا بصمته الثقافية والاجتماعية التي لا تتكرر، والتي تميّزه كابن لمجتمعه ووطنه.
وقد أصبح من الضروري أن يبدأ ترسيخ مفهومي الهوية والانتماء منذ الصغر، فالطفولة هي المرحلة التي تتشكل فيها القيم والمفاهيم الراسخة التي تلازم الإنسان طوال حياته. مثل غرس حب الوطن، والفخر بالانتماء إليه، وتعليم الأطفال تاريخه، وأمجاده، وتراثه كما يعزز شعورهم بالأمان والانتماء، ويدفعهم للتمسك بهويتهم حتى في وجه العولمة والتيارات الثقافية الدخيلة.
وتلعب كل من الأسرة والمدرسة دورًا أساسيًا في هذا البناء القيمي؛ من خلال التعليم، سرد القصص الوطنية، المشاركة في الفعاليات المجتمعية، وتعليم اللغة الأم بشكل سليم، كما أن الإعلام ومواقع التواصل يجب أن تتحمل مسئولية دعم هذه القيم وضرورة الحفاظ عليها والعمل على تطويرها بما يتماشى مع روح العصر لا تمييعها او تجاهلها. وعندما يشعر الفرد بالانتماء إلى وطنه وهويته، يصبح أكثر توازنًا، ويمتلك حسًا بالمسؤولية تجاه مجتمعه، فتنعكس هذه المشاعر إيجابيًا على سلوكه، فيحرص على الإنتاج، والإبداع، والمشاركة الفعّالة في الحياة العامة. كما يكون أكثر استعدادًا للتضحية في سبيل وطنه، والذود عنه في المحن. فالمجتمع الذي يتمتع أفراده بهوية راسخة وانتماء عميق، هو مجتمع متماسك، متجانس، قادر على العطاء، متسلّح ضد التفكك والتطرف والغلو. فالهوية الوطنية تشكّل الحصن الأول في وجه محاولات التفتيت والتغريب، والانتماء يحمي الأفراد من الانجراف نحو التيارات الهدامة وشعارات الهدم والتخريب.
على الجانب الآخر فإن غياب الهوية، وضعف الانتماء، يخلّف آثارًا كارثية على الفرد والمجتمع. فالفرد الذي لا يشعر بالانتماء، يعيش حالة اغتراب داخلي، ويبحث عن ذاته في أماكن أخرى، ما يجعله فريسة سهلة للتطرف أو الهجرة غير المشروعة أو الانهزام الثقافي. كما ان المجتمع الذي يفتقر إلى الهوية الجامعة، فيكون هشًا، مفتّتًا، تغزوه الثقافات الأجنبية بلا مقاومة، وتتفشى فيه النزاعات الطائفية والعرقية، وتتآكل فيه الروابط الاجتماعية. مثل هذا المجتمع يصبح عاجزًا عن مواجهة الأزمات، وتتعثر فيه التنمية، وتضعف فيه روح التضامن والتكافل.لذا وفى ظل التحديات العصرية والتطور التكنولوجي السريع ورغبة الأجيال الجديدة في اللحاق بكل ما هو جديد ومتطور، فإننا أصبحنا بحاجة إلى خطاب وطني وثقافي متجدد، يعيد الاعتبار لمفهوم الهوية والانتماء، ويعمل على نقله من جيل إلى آخر بوعي ومعرفة. علينا أن نربّي أبناءنا على الاعتزاز بلغتهم، واحترام تراثهم، ومعرفة تاريخهم، وفي الوقت ذاته نفتح أمامهم آفاق الانفتاح على العالم من منطلق الثقة بالذات لا الذوبان.
نحن بحاجة إلى أن ندرك أن قوة الأمم لا تقاس فقط بمقدراتها الاقتصادية أو العسكرية، بل بمدى تماسك نسيجها الاجتماعي والثقافي، وبمدى إيمان أبنائها بهويتهم وانتمائهم. فالمجتمع المتماسك من الداخل، هو وحده القادر على الصمود أمام العواصف، وتحقيق الإنجازات، وصنع المستقبل. فالهوية والانتماء ليسوا مجرد شعارات، بل سلوك وممارسة يومية، تبدأ من البيت، وتُعزّز في المدرسة، وتُصان عبر الإعلام، وتُترجم في مواقف المواطن. إنها مسؤولية جماعية، إن أُهملت، كان الثمن باهظًا وكبيراً.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 1 نوفمبر 2025
01 نوفمبر 2025 09:06 ص
استقرار سعر الدولار اليوم السبت 1 نوفمبر 2025 أمام الجنيه المصري
01 نوفمبر 2025 08:46 ص
ارتفاع سعر جرام الذهب اليوم السبت 1 نوفمبر 2025 وعيار 21 يتخطى 5380 جنيهًا
01 نوفمبر 2025 07:16 ص
سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025
31 أكتوبر 2025 03:31 م
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الجمعة 31 أكتوبر
31 أكتوبر 2025 06:00 ص
كم سعر عيار 21؟ تراجع سعر جرام الذهب اليوم 31 أكتوبر 2025
31 أكتوبر 2025 02:12 ص
الأكثر قراءة
-
طرق تصميم Google Gemini AI.. تصميم فرعوني بالذكاء الاصطناعي
-
توقعات برج العقرب لشهر نوفمبر 2025 في الحب والزواج والمال والعمل
-
توقعات برج السرطان لشهر نوفمبر 2025 مرحلة مليئة بالمشاعر العميقة
-
توقعات برج الثور لشهر نوفمبر 2025 تميل إلى الهدوء والتأمل والتخطيط
-
توقعات برج الحوت لشهر نوفمبر 2025 أجواء حالمة ومليئة بالإلهام
-
مروان عطية يعود لتشكيلة الأهلي أمام المصري في الدوري الممتاز
-
الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة طلائع الجيش بقيادة عبدالرؤوف
-
غزل المحلة يواجه مودرن سبورت في افتتاح الجولة الـ13 من الدوري
-
رابطة الأندية المصرية تغلق باب التأجيلات وتتمسك بانتظام الدوري
-
أحمد عبد الرؤوف يقود الزمالك في السوبر المصري بعد رحيل فيريرا
-
بطولة مصر الدولية لتنس الطاولة تختتم اليوم بمنافسات حاسمة على لقب الفردي
-
الصحة: فحص أكثر من 3 ملايين طالب ضمن مبادرة الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم
-
مروان عطية يعود لتشكيلة الأهلي أمام المصري في الدوري الممتاز
-
6.2 مليون مستفيد من خدمات هيئة الرعاية الصحيةو 328 منشأة مؤمنة
-
كل ماتريد معرفته عن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير
أكثر الكلمات انتشاراً