الجمعة، 19 ديسمبر 2025

01:24 م

علاء ثابت مسلم يكتب: حين يسقط جدار الثقة.. الإعلام المضلل أخطر من الحروب

الثلاثاء، 12 أغسطس 2025 10:52 ص

علاء ثابت مسلم

علاء ثابت مسلم

في كل دولة، هناك جسر خفي لكنه أقوى من أي جدار خرسانة أو سلاح، اسمه الثقة. هذا الجسر هو ما يربط بين المواطن ودولته، بين الشعب ومؤسساته، بين الحاكم والناس. وحين يسقط هذا الجسر، لا تعود المعركة على الحدود، بل تنتقل إلى قلب الوطن، وتصبح كل شائعة قادرة على هدم بيت، وكل كذبة قادرة على زعزعة أمة.
الإعلام المضلل اليوم، لا يحتاج إلى دبابة أو طائرة ليضرب الدول، يكفيه هاتف محمول وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، ينسج من خلالها رواية مشوهة، ويضرب بها عقول الناس وقلوبهم. يبدأ الأمر بعنوان مثير، وصورة مجتزأة من سياقها، ومصدر "مجهول"، ثم يتسلل الخبر إلى الوعي الجمعي، فيتحول الكذب إلى "حقيقة" تتداولها الألسن وكأنها يقين.
كما أن الخطر الأكبر ليس في الأكاذيب نفسها، بل في نتائجها. حين يفقد المواطن ثقته في دولته، يفتح الباب أمام الشك في كل قرار، وفي كل إنجاز، حتى لو كان حقيقيًا. يتحول النجاح إلى مؤامرة، والمشروعات إلى "شُبهات"، ويصبح الخطأ الصغير ذريعة لتعميم الفشل على الجميع. عندها، لا يكون العدو على الحدود، بل في عقولنا.
لقد علّمتنا التجارب أن انهيار الثقة بين الشعوب ودولها هو بداية الانهيار الحقيقي. بلا ثقة، لا تنجح خطط التنمية، ولا تقف الجيوش موحدة، ولا يتحرك الناس في اتجاه واحد. الثقة هي ما يحمي الوطن وقت الأزمات، وهي ما يجعل الشعب يقف خلف قيادته بلا تردد.
لذا، فإن المعركة الحقيقية اليوم ليست فقط ضد الإرهاب أو الأزمات الاقتصادية، بل ضد التزييف الإعلامي الذي يعمل في الخفاء لهدم هذا الجدار. معركة الوعي هي معركة بقاء، والانتصار فيها يبدأ من كل مواطن يقرر أن يتوقف، قبل أن يضغط "مشاركة" لأي خبر لم يتأكد من صحته.
حين نحمي الثقة، نحمي الوطن. وحين نتركها تسقط، نكون نحن من هدمنا بيتنا بأيدينا، وتركنا العدو يربح معركة لم يطلق فيها رصاصة واحدة.

الرابط المختصر

search