الأربعاء، 27 أغسطس 2025

11:25 م

علاء ثابت مسلم يكتب: جيل التيك توك.. أبطال الوهم في زمن اللايكات!

الأربعاء، 27 أغسطس 2025 02:06 م

علاء ثابت مسلم

الكاتب علاء ثابت مسلم

الكاتب علاء ثابت مسلم

افتح التيك توك لخمس دقائق، وستكتشف أننا أمام جيل جديد يرى أن البطالة كلمة قديمة لا تليق بعصر "التريند". 

هنا لم يعد النجاح مرتبطًا بالشهادات أو العمل الجاد، بل بعدد اللايكات والهدايا الافتراضية التي تنهال من المتابعين.
كما أن جيل التيك توك اليوم لا يلهث خلف وظيفة أو دراسة عليا، بل يرقص أمام الكاميرا ليحصد أموالاً طائلة وهو جالس في غرفته. 

والأدهى أن بعضهم يحقق في ساعة واحدة ما لا يحققه موظف حكومي في شهر كامل.

 مشهد عبثي يجعل الكثير من الشباب يطرحون سؤالاً ساخرًا: لماذا أرهق نفسي بالجامعة والوظيفة، بينما يمكنني أن أكون "مؤثرًا" يبيع الوهم ويتقاضى ثمنه؟
المشكلة أن هذه الأموال لا تأتي من إبداع حقيقي أو قيمة مضافة، بل من استغلال شهية الجمهور للترفيه السريع والسخيف أحيانًا. 

آلاف الدولارات تُصرف على مقاطع فارغة لا يتجاوز عمرها دقائق، في حين يعاني الباحثون والعلماء لتمويل أبحاث قد تُغير وجه العالم. 

إنها مفارقة تدعو للضحك والبكاء في آن واحد.
الأدهى أن المجتمع نفسه صار يشارك في هذه المسرحية، أسر كاملة تفخر بأن أبناءها أصبحوا "مشاهير التيك توك"، وتعتبر الهدايا الافتراضية التي يجمعونها انتصارًا أكبر من أي شهادة جامعية.

 وهكذا يتحول اللايك إلى عملة حقيقية، والرقص أمام الكاميرا إلى وظيفة تُدر أرباحًا أكثر من أي حرفة أو مهنة شريفة.
لكن هل هذه الأموال دليل على النجاح أم على الإفلاس الفكري؟ الحقيقة أن المال السهل لا يدوم، وأن هذه المكاسب اللحظية لا تضمن مستقبلًا حقيقيًا لأصحابها.

 فمن يعيش على إدمان الجمهور سرعان ما يسقط حين يجد نفسه خارج قائمة الترند، وعندها لن يبقى سوى الحسرة على وقت ضاع، وكرامة بيعت بأرخص ثمن.


جيل التيك توك يثبت كل يوم أن الوهم يمكن أن يكون مربحًا، لكن السؤال: إلى متى؟ وهل ستبني الأوطان بمقاطع رقص وهدايا افتراضية، أم بالعلم والعمل والإبداع الحقيقي؟
في النهاية، يمكننا أن نصف هؤلاء بأنهم "أبطال" بالفعل، لكنهم أبطال في صناعة الوهم، يجمعون المال من الفراغ، ويتركون وراءهم جيلًا جديدًا يحلم بأن يصبح نسخة أخرى من نفس الوهم.

search