الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025

11:54 م

تحليل: انحدار منحنى العائد يضغط على الدولار الأمريكي

الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025 12:26 م

بقلم دانييلا سابين هاثورن

دانييلا سابين هاثورن محلل سوق أول في Capital.com

دانييلا سابين هاثورن محلل سوق أول في Capital.com

شهد منحنى العائد على سندات الخزانة الأمريكية ما يُعرف بـ"الانحدار الدببي" (Bear Steepener)، حيث ارتفعت العوائد قصيرة وطويلة الأجل، لكن العوائد طويلة الأجل ارتفعت بوتيرة أسرع. وقد اتسع الفارق بين عوائد السندات لأجل 30 سنة ولأجل عامين ليصل إلى أعلى مستوى له منذ نحو أربع سنوات، بعد أن شهد انعكاسًا عميقًا خلال عامي 2022 و2023، مما يشير إلى تحول في التوقعات من القلق بشأن الركود إلى توقعات بنمو أقوى وتضخم أكثر ثباتًا.

يشير مصطلح "الدببي" إلى الضغط السلبي على أسعار السندات، حيث يطالب المستثمرون بعلاوة زمنية أعلى للاحتفاظ بالسندات طويلة الأجل. وقد غذّى هذا التحرك توقعات التضخم المستمرة، وسيناريوهات النمو الاسمي الأقوى (خصوصًا بسبب طفرة الذكاء الاصطناعي)، وإعادة بناء علاوة الأجل، وزيادة إصدار سندات الخزانة.

لكن الأسواق لا تكتفي بقراءة شكل منحنى العائد، بل تقرأ أيضًا السياسة وراءه. السؤال الرئيسي الآن هو: هل تعكس التحركات الأخيرة حول الاحتياطي الفيدرالي محاولة لحماية استقلاليته، أم أنها تميل نحو سياسة أكثر تساهلًا؟ يبدو أن المستثمرين يسعرون الاحتمال الثاني، وهو ما يظهر بوضوح في المنحنى وفي أداء الدولار.

ما الذي حدث في سوق السندات؟

شهد الأسبوع الماضي انحدارًا كلاسيكيًا في المنحنى: انخفضت العوائد قصيرة الأجل مع ميل المتداولين إلى توقع خفض أكبر وأسرع في أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي، بينما ارتفعت العوائد طويلة الأجل بسبب القلق من أن تصبح السياسة النقدية متساهلة أكثر من اللازم، مما يزيد من مخاطر التضخم في المستقبل ويعيد بناء علاوة المخاطر والأجل في الطرف الطويل من المنحنى.

بعبارة مبسطة: الطرف القصير يسعّر تخفيفًا في السياسة، والطرف الطويل يطالب بتعويض أكبر عن حالة عدم اليقين.

أبرز العوامل:

  • الضغط المتصور على استقلالية الفيدرالي: فسّرت الأسواق الأخبار المتعلقة بإعادة تشكيل قيادة الفيدرالي والحديث عن إقالة بعض المسؤولين الحاليين كمحاولة لتعيين صانعي سياسات أكثر ميلاً للتيسير النقدي، مما يشير إلى مسار سياسي أقل تشددًا مما قد يتطلبه الاقتصاد.
  • علاوات التضخم والمخاطر المؤسسية: إذا كانت السياسة النقدية متوقعة أن تكون أكثر تساهلًا، فإن الطرف الطويل من المنحنى يعكس علاوة إضافية لمواجهة عدم اليقين بشأن التضخم والمخاطر المتعلقة بثقة المؤسسات، مما يدفع العوائد للارتفاع.
  • الضجيج السياسي والقانوني حول الرسوم الجمركية:  الأسئلة القانونية حول صلاحيات الرئيس في فرض الرسوم تضيف طبقة أخرى من عدم اليقين، مما يدفع المستثمرين للمطالبة بتعويض أكبر على المدى الطويل والبحث عن تحوطات بديلة.

تأثير ذلك على الدولار: ميل نحو الضعف مع بعض التحفظات

عادةً ما يؤدي انحدار المنحنى الناتج عن انخفاض الطرف القصير وارتفاع الطرف الطويل إلى ضغط سلبي على الدولار، لأن ميزة العائد (Carry) تتآكل عند الطرف القصير. انخفاض أسعار الفائدة المتوقعة يقلل من جاذبية الدولار، خاصة مقابل العملات المرتبطة بالدورات الاقتصادية أو السلع.

كما أن الانطباع بضعف استقلالية الفيدرالي قد يضعف الثقة المؤسسية في العملة نفسها.

لكن هناك تحفظان مهمان:

  1. إذا تحولت الأجواء إلى "نفور من المخاطر" (Risk-off)، فقد يستعيد الدولار دوره كملاذ آمن، مما يحد من تراجعه أو حتى يدعمه مقابل العملات ذات المخاطر العالية.
  2. انحدار المنحنى مع ارتفاع العوائد الحقيقية طويلة الأجل قد يدعم الدولار مقابل عملات منخفضة العائد مثل الين الياباني والفرنك السويسري، حتى لو تراجع الدولار بشكل عام.

عوامل قد تغيّر مسار الدولار:

  • تأكيد استقلالية الفيدرالي: تعيينات واضحة، تواصل شفاف، أو وضوح قانوني يمكن أن يقلل من علاوة المخاطر المؤسسية، مما يدعم الدولار.
  • تضخم مستمر مع ضبط سياسي موثوق: إذا تمسك الفيدرالي بموقفه رغم استمرار التضخم، فقد يعيد تسعير الطرف القصير نحو الأعلى، مما يعيد بعض ميزة العائد للدولار.
  • تدهور حاد في المخاطر: صدمة قوية في الأسواق قد تدعم الدولار رغم توقعات السياسة النقدية المتساهلة.

نظرة مستقبلية

ينبغي للمتداولين مراقبة تطورات هيكل التصويت داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC)، وما إذا كانت الميل نحو التيسير سيتحول إلى واقع سياسي. كما أن علاوة الأجل في الطرف الطويل ستكون مهمة لتحديد ما إذا كان الانحدار مدفوعًا أكثر بتوقعات التضخم أو بعلاوة المخاطر البحتة.

  •  محللة السوق الأولى في Capital.com
search