السيد الطنطاوي يكتب: الإنسان بين كاميرا الموبايل والكاميرا الإلهية!!
السبت، 13 سبتمبر 2025 03:53 م
السيد الطنطاوي
مع كثرة الاختراعات والابتكارات، التي أنتجها العلماء في العالم لخدمة البشرية، ومع التفكير المدقق في كل اختراع أو ابتكار، نجد أن هذه الاختراعات والابتكارات التي قام بها البشر، والذين هم من خلق الله سبحانه وتعالى، تصب كلها في الإيمان بالله عز وجل وبقدرته اللامتناهية، وأن التفكر فيها يزيد من الإيمان ولا ينقصه، ولكن من المهم أن يقوم الإنسان بإعمال العقل والتفكير بتأنٍ وهدوء المفكر والعالم.
عندما نفتح صفحات المصحف، تقع أعيننا على كثير من الآيات التي تدعونا إلى التدبر والتفكر في خلق الله وفي آياته الكونية وآياته القرآنية، وقديما قال العلماء إن هناك كتابين هما كتاب الله المسطور وهو القرآن الكريم، وكتاب الله المنظور وهو الكون، بما فيه من خلق متنوع و"اختراعات وابتكارات" ملهمة، والاثنان أنت مطالب بأن تنظر فيهما وتتدبر آياتهما، وسوف تصل إلى نتيجة واحدة وهي الإيمان بالله والتسليم له!!
في هذه السطور، أدعوك إلى النظر في اختراع واحد، وهو كاميرا "الموبايل" أو كاميرا مراقبة “الشوارع”. والسؤال الذي سيتبادر إلى ذهنك: ما الرابط بين وجود كاميرا الموبايل أو كاميرات مراقبة الشوارع وبين الإيمان بالله عز وجل؟.
وللإجابة عن هذا السؤال، لننظر إلى ما تقوم به كاميرا الموبايل أو كاميرا مراقبة الشارع، من ضبط المخالفين والخارجين على القانون، والمسيئين الذين يتجاوزون في حق الآخرين، ولننظر إلى قضايا الضبط والإحضار، التي كانت الصور أو الفيديوهات المصورة من هذه الكاميرات، سببا في محاكمة البعض، وردع البعض الآخر، و"تجريس" البلطجية على رؤوس الأشهاد، وكل ذلك من خلال بث الفيديوهات والصور على وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا"، ثم اعتذار البعض عما بدر منهم من إساءات في حق الناس أو القانون. هؤلاء لم يكن ليقوموا بهذا الاعتذار، إلا بعد أن شوهدوا من قبل جماهير السوشيال ميديا، ومن قراء ومشاهدي وسائل الإعلام والصحافة الناقلة عنها!!.
في مقابل الكاميرات "البشرية" التي تستخدم في الرقابة والضبط، لاشك أن هناك كاميرات "إلهية" من الله سبحانه وتعالى مسلطة على جميع خلقه، مهمتها إقامة الحجة لهم أو عليهم يوم القيامة، إلى جانب “الكتاب المنشور” أو المطبوع لكل شخص، و"شهادة" أعضاء الجسم على ما فعله صاحبها خلال أيام وسنوات حياته!!. وإذا كان الإنسان يتجنب الأفعال السيئة أمام كاميرا الموبايل أو كاميرا الشارع، حتى لا تكون دليلا أو حجة على فعله السيئ أمام الناس، وأمام السلطات والقضاء، فالأولى به أن يتجنب هذه الأفعال قبل ذلك أمام خالقه، وقد أعلمه الخالق سبحانه وتعالى أن أعماله مرصودة، سواء كانت هذه الأعمال في الخير أو في الشر. فالملكان عن يمينه وشماله يكتبون عنه كل شيء "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" ق 18، "وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ" الانفطار 10-12.
ثم نجد أن الأعمال المسجلة للعباد ستكون في كتاب منشور، سيتلقاه الإنسان بيمينه إذا كان محسنا، أو بشماله إذا كان مسيئا: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا * من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" سورة الإسراء 13 ـ 15.
من أشد الأمور وقعا على الإنسان وإيلاما له، أنه مع كل هذه الأدلة الدامغة، سيشهد عليه اللسان واليدان والأرجل "يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" سورة النور 24.
بقليل من التأمل، نجد أن من سجلت له كاميرا الشارع أو صاحب موبايل صورة أو فيديو بسبب إساءة بدرت منه، أو فعل غير مقبول منه اجتماعيا، يقول لسان حاله: يا ليتني لم أقم بذلك الفعل، ويعتذر للناس ويطلب منهم أن يسامحوه، ويبرر فعلته بأي مبرر ولو كان ساذجا!!.
لا يأتي الندم من البعض إلا بعد التصوير، وانتشار الصور من "المشيرين" إلى رواد السوشيال ميديا، الذين بدورهم لا يقصرون في "التشيير" والنشر أيضا، فيكون صاحب الفعل السيئ في ورطة، وفي حرج كبير أمام أهله وأولاده وجيرانه، وأمام أصدقائه وزملائه في العمل!!
كثيرون يخجلون ويظهر عليهم الحرج من تصوير كاميرا الشارع أو كاميرا الموبايل لأفعالهم السيئة، وإظهارهم أمام الآخرين بشكل غير لائق "اجتماعيا"، فكيف إذا رآهم الناس يوم القيامة، من خلال صورة غير لائقة أو فيديو مخجل. هؤلاء تنطبق عليهم الآية الكريمة: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول".
الرابط المختصر
آخبار تهمك
تحليل: كيف تشكّل السياسات والتقييمات حركة التداول في الأسواق العالمية قبل نهاية العام؟
16 ديسمبر 2025 04:14 م
علاقة سعر الذهب بالدولار: تاريخ من التنافس والارتباط العكسي وتحولات الأسواق العالمية
16 ديسمبر 2025 03:11 م
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر
16 ديسمبر 2025 09:36 ص
تحليل: التراجع المدفوع بتداولات الذكاء الاصطناعي يطلق موجة الشراء عند انخفاض السعر
15 ديسمبر 2025 05:06 م
أسعار جرام الذهب في السودان اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:07 م
أسعار جرام الذهب في الأردن اليوم الاثنين 15 ديسمبر 2025
15 ديسمبر 2025 12:03 م
الأكثر قراءة
-
توقعات الأبراج ليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025: حظك اليوم استثمر طاقتك بحكمة
-
نجلاء بدر: طلبت الطلاق بعد تعرضي لضغوط نفسية رهيبة عقب فشلي في الإنجاب
-
توقعات الأبراج ليوم الخميس 18 ديسمبر 2025: ضرورة التركيز على المشاريع
-
جنات تبكي بعد الغياب مع يارا أحمد: فقدت الرغبة في الفرح بعد وفاة والدي
-
دار المعارف تحتفي باليوم العالمي للغة العربية بخصومات على الكتب
-
منتخب مصر يستعيد نغمة الانتصارات أمام نيجيريا في ختام تحضيراته لأمم أفريقيا
-
شبانة يكشف كواليس صفقات الأهلي: دياباتي يقترب وبلعمري يخضع للكشف الطبي
-
حمادة صدقي: أداء منتخب مصر أمام نيجيريا مطمئن وإمام عاشور يصنع الفارق
-
بث مباشر مباراة برشلونة ضد جوادالاخار في كأس ملك إسبانيا
-
منتخب مصر يهزم نيجيريا بثنائية قبل منافسات أمم إفريقيا
-
افتتاح الدورة السابعة من مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير بدار الأوبرا
-
تعرف على حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 17 ديسمبر
-
شادي محمد: حسام حسن قدم مباراة فنية كبيرة أمام نيجيريا وكلنا ندعم المنتخب
-
منتخب مصر يستعيد نغمة الانتصارات أمام نيجيريا في ختام تحضيراته لأمم أفريقيا
-
شبانة يكشف كواليس صفقات الأهلي: دياباتي يقترب وبلعمري يخضع للكشف الطبي
أكثر الكلمات انتشاراً