الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

03:32 ص

عماد رجب يكتب

سعد القاضي.. إذاعيٌّ كبير جعل للكلمة ضميرًا وللضوء منفذًا إلى القلب

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025 12:49 ص

عماد رجب

عماد رجب

عماد رجب

تذكّرت اليوم اللقاء الوحيد في نهاية القرن العشرين أو  بداية القرن الحالي إن لم تخني الذاكرة و الذي جمعني بالمؤلف الإذاعي الكبير سعد القاضي، أحد رموز الإذاعة المصرية الذين تركوا بصمة مضيئة في وجدان المستمعين. بعد أن رايت نسخا من كتبه بمعرض دمنهور للكتاب .

كان ذلك اللقاء بدعوة كريمة من الصديقة العزيزة الكاتبة هناء عبد الهادي، التي طلبت مني زيارة الأستاذ سعد في منزله لإحضار بعض الكتب التي ألفها، وكنت لا اعرفه بعد  ولم اربط بين الاسم الذي أسمعه في الإذاعة وبين الشخص الذي أجلس إلي جواره، وظننتها دواوين أو مجموعات قصصية، وكان ذلك نظرًا لعدم قدرتها على العودة إلى دمنهور آنذاك.

اتجهت إلى منزله الكائن بشارع الراهبات بمدينة دمنهور في محافظة البحيرة  — أو قريبًا منه كما أذكر — وهناك فوجئت بترحاب لا يوصف. استقبلني كأحد أبنائه، بابتسامة طيبة وصوت هادئ يحمل دفء الإيمان ووقار العلم. تحدّثنا عن الإذاعة، وعن الكلمة، وكيف يمكن للمؤلف أن يكون داعية دون أن يعتلي منبرًا.

وخلال حديثه معي، لاحظ حبي العميق لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فابتسم ابتسامة محبة خالصة واهداني بعض الكتب التي ألفها وتفاجأت أنها عن ال البيت والتابعين  وطلب مني بعد أن اقرأها ، اهدائها لمن يحب ال البيت ففعلت ، وكانت تلك اللحظة بالنسبة لي أكثر من مجرد إهداء كتب؛ كانت لفتة صادقة من قلب مؤمن، تدل على صفاء روحه وعمق إيمانه.

وما أن غادرت منزله وبدأت في قراءة ما كتبه عن سيدي عبد الرحيم القنائي  والعارف بالله سيدي أحمد الرفاعي و الإمام زين العابدين علي بن الحسين و فقيه مصر الإمام الليث بن سعد  و العارف بالله سيدي عبد الوهاب الشعراني و حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي حتى بدأت في البحث عن كتبه فاشتريتها و أهديتها لغيري لما لها من أسلوب فريد ومحبوب للقلوب وما تعلمته منه من إهداء الكتب.

سعد القاضي كان كاتبًا مخلصًا لقيمه، مؤمنًا برسالته، وصاحب أعمال خالدة مثل "الفاروق عمر بن الخطاب"، و"حارة اللقمة الهنية"، و"يوميات فكري أباظة"، و"من قصص القرآن"، و"لمياء بنت العرب"، إلى جانب عشرات الكتب التي تناولت سير الصحابة والتابعين وأولياء الله الصالحين.

وفي عام 2005، كرّمته الدولة خلال الدورة الحادية عشرة من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون تقديرًا لعطائه الكبير ومسيرته النقية.

ذلك اللقاء القصير في منزله ظل محفورًا في ذاكرتي، لأنه لم يكن مجرد زيارة لأديب وإذاعي كبير، بل كان لقاءً مع روح طيبة تؤمن أن الكلمة رسالة، وأن الكاتب الحق لا يعيش لنفسه، بل يترك أثرًا لا يزول.

رغم أن اللقاء بالإذاعي القدير سعد القاضي لم يتكرر لكنه لامس قلبي ، فقد كان من القلائل الذين جعلوا للكلمة ضوءًا، وللأدب ضميرًا.

الرابط المختصر

search