توقعات سعر الذهب في مصر الأيام المقبلة

أنهى الذهب تداولات الأسبوع الماضي على انخفاض جديد، مواصلاً موجة التراجع، في ظل تقلبات الأسواق العالمية وتباين العوامل المؤثرة في تحركاته بين الضغوط الناتجة عن قوة الدولار الأمريكي، والتوترات الجيوسياسية التي تدفع المستثمرين إلى البحث عن الملاذات الآمنة.

ورغم التراجع الأسبوعي، فإن المعدن الأصفر ما زال يتمتع بزخم صعودي على المدى المتوسط، مدفوعًا بزيادة الطلب العالمي من البنوك المركزية، وتوقعات استمرار التيسير النقدي في الولايات المتحدة خلال الأشهر المقبلة.

 تراجع أسبوعي حاد في الأسعار العالمية

شهدت الأسواق العالمية انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي بنسبة بلغت نحو 2.7%، إذ سجلت الأونصة أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع عند 3886 دولارًا، بعد أن افتتحت تعاملات الأسبوع عند 4085 دولارًا وأغلقت عند 4002 دولارًا للأونصة.

ويُرجع محللون هذا الهبوط إلى عمليات تصحيح فني بعد الارتفاعات التاريخية التي شهدها المعدن في أكتوبر، حيث لامس الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4381 دولارًا للأونصة. ومع ذلك، فإن المكاسب الشهرية التي بلغت 3.7% تؤكد أن الاتجاه العام ما زال صاعدًا، وإن كانت الحركة الحالية تتسم بالحذر والميل العرضي.

 الذهب يستفيد من التوترات الجيوسياسية وطلب البنوك المركزية

يرى خبراء أن استمرار التوترات الدولية، خصوصًا في بعض الدول الأوروبية والآسيوية، إلى جانب إقبال البنوك المركزية على تعزيز احتياطياتها من الذهب، يعزز التوقعات بعودة الأسعار للصعود خلال الأسابيع المقبلة.

وتشير التحليلات إلى أن الذهب ما زال يحافظ على جاذبيته كأصل آمن، خصوصًا مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأمريكي واستمرار الإغلاق الحكومي هناك، وهو ما يجعل البنك الفيدرالي أكثر تحفظًا في قراراته المستقبلية بشأن أسعار الفائدة.

كما رفعت الصين احتياطياتها من الذهب خلال سبتمبر إلى أكثر من 75 مليون أونصة، مواصلة بذلك سياسة تنويع الأصول بعيدًا عن الدولار الأمريكي وسندات الخزانة، في خطوة وصفها الخبراء بأنها «رسالة ثقة في الذهب كركيزة استراتيجية للاحتياطيات النقدية».

 الدولار الأمريكي يضغط على المعدن الأصفر

يواصل الدولار الأمريكي تداوله بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر أمام سلة العملات الرئيسية، وهو ما يمثل ضغطًا مباشرًا على الذهب، الذي يتم تسعيره عالميًا بالدولار، ويصبح بذلك أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى.

وتأتي هذه القوة في العملة الأمريكية في وقت خفّض فيه الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، مع تأكيد رئيس البنك جيروم باول أن اتخاذ أي خفض إضافي في ديسمبر لم يُحسم بعد، في ظل استمرار الغموض حول تأثير الإغلاق الحكومي على مؤشرات الاقتصاد الأمريكي.

 مصنعية الذهب في الأسواق المحلية

تختلف تكاليف المصنعية داخل محلات الصاغة المصرية من مكان إلى آخر، وتتراوح ما بين 100 إلى 250 جنيهًا للجرام الواحد، بحسب نوع العيار وجودة التصميم. كما تلعب خامات التصنيع ومعدن السبك المستخدم دورًا رئيسيًا في تحديد السعر النهائي للمستهلك.

ويؤكد تجار الذهب أن العيار 21 ما زال هو الأكثر طلبًا في السوق المصري، لاعتداله بين السعر والقيمة وسهولة بيعه وإعادة تسييله، مقارنة بالعيارات الأخرى الأقل أو الأعلى نقاءً.

 السوق المحلي بين الحذر وانتظار الإشارات الأمريكية

على الصعيد المحلي، تتوقع شُعب الذهب وخبراء الاقتصاد أن يتحرك سعر الذهب في مصر خلال الأيام المقبلة داخل نطاق محدود بين 5280 و5370 جنيهًا لعيار 21، وذلك إلى حين صدور بيانات التضخم الأمريكية وقرارات الفيدرالي بخصوص الفائدة، لما لهذه المؤشرات من تأثير مباشر على الاتجاه العالمي للذهب.

كما أن حالة الاستقرار النسبي في سعر الصرف المحلي وتوازن العرض والطلب داخل السوق المصري، ساعدت على تهدئة حركة الأسعار ومنع حدوث قفزات مفاجئة كما حدث خلال الشهر الماضي.

 الذهب يفقد بريقه مؤقتًا بعد تراجع 560 جنيهًا

وفقًا لبيانات السوق، فقد الذهب المحلي نحو 560 جنيهًا من قيمته مقارنة بأعلى مستوى سجله الشهر الماضي، حين بلغ سعر عيار 21 نحو 5900 جنيه بدون مصنعية. ويرجع هذا الانخفاض إلى التراجع النسبي في الأسعار العالمية، مما انعكس على السوق المحلي الذي يتأثر ارتباطًا وثيقًا بحركة الأونصة في البورصات الدولية.

وعلى الرغم من هذا التراجع، يرى التجار أن الأمر لا يعدو كونه «تصحيحًا مؤقتًا»، وأن المعدن الأصفر سيعود للصعود مجددًا مع أي توترات اقتصادية أو سياسية جديدة.

 مرحلة تصحيح أم بداية هبوط؟

قال خبراء في سوق الذهب إن الانخفاض الأخير في الأسعار المحلية هو «مرحلة تصحيح» طبيعية تأتي بعد موجة صعود قوية سجل فيها الذهب مستويات قياسية.

وأوضح أحد رؤساء الشعب التجارية أن تراجع الأسعار لا يعني بداية مسار هابط طويل، بل هو توقف مؤقت لالتقاط الأنفاس قبل استئناف الصعود. وأشار إلى أن مثل هذه التصحيحات تحدث عادة بعد وصول السوق إلى ذروة سعرية، حيث يفضل المستثمرون جني الأرباح وإعادة التمركز عند مستويات أقل.

وتوقع أن تشهد الأسعار خلال الفترة المقبلة حركة عرضية بين الصعود والهبوط الطفيف، قبل أن تعاود الارتفاع مجددًا مع استمرار الضغوط الاقتصادية العالمية.

 نصائح للراغبين في الاستثمار بالذهب

ينصح الخبراء من يملكون مدخرات ويرغبون في استثمارها في الذهب بعدم التسرع في البيع خلال فترات قصيرة، خاصة في ظل حالة التذبذب الحالية، لأن البيع السريع بعد التراجع قد يؤدي إلى خسائر غير ضرورية.

ويؤكدون أن الذهب يظل استثمارًا آمنًا على المدى الطويل، وأن الاحتفاظ به لفترة تمتد من ستة أشهر إلى عام يضمن عائدًا جيدًا، خصوصًا في ظل استمرار التضخم وتراجع الثقة في الأصول النقدية.

كما يشدد المتخصصون على ضرورة التعامل مع محال معروفة وموثوقة لتجنب الغش في العيارات أو المصنعية، مع متابعة الأسعار العالمية باستمرار لتحديد أنسب توقيت للشراء أو البيع.

 الذهب عالميًا عند مستويات تاريخية

في منتصف أكتوبر 2025، بلغ سعر الأونصة العالمية نحو 4250 دولارًا، محققًا زيادة تتجاوز 62% منذ بداية العام، ليقترب من الحاجز النفسي عند 4500 دولار.

ويُعزى هذا الصعود القوي إلى الطلب الكبير من البنوك المركزية وصناديق الاستثمار، إضافة إلى تزايد الإقبال على صناديق الذهب المتداولة (ETFs) التي أصبحت محركًا رئيسيًا للأسعار.

كما ساهمت التوترات الاقتصادية وتراجع الثقة في الأصول التقليدية مثل السندات الحكومية، فضلًا عن انخفاض تكاليف التمويل، في تعزيز جاذبية الذهب لدى المستثمرين الباحثين عن الأمان.

 الأوضاع السياسية تدعم المعدن الأصفر

الاضطرابات السياسية في أوروبا وآسيا، بجانب الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية، دفعت العديد من المستثمرين إلى إعادة توجيه رؤوس أموالهم نحو الذهب، في ظل تراجع الثقة بالمؤشرات الاقتصادية التقليدية وتأخر صدور البيانات الرسمية.

وتشير التحليلات إلى أن هذه التطورات الجيوسياسية تسهم في رفع الطلب على الذهب كملاذ آمن، ما يدعم بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة خلال المدى القريب.

 توقعات مستقبلية: نحو 5000 دولار للأونصة؟

يتوقع عدد من المحللين أن يواصل الذهب صعوده خلال الأشهر الستة المقبلة ليصل إلى 5000 دولار للأونصة، مدفوعًا بتراجع الدولار الأمريكي واستمرار التوترات الجيوسياسية، إلى جانب زيادة مشتريات البنوك المركزية.

كما رفعت مؤسسات مالية عالمية كبرى توقعاتها للأسعار، حيث أشارت تقارير اقتصادية إلى احتمال وصول الذهب إلى 4900 دولار في ديسمبر 2026 إذا استمرت الاتجاهات الحالية.

ويرى خبراء محليون أن عيار 21 في السوق المصري قد يتجاوز حاجز 6000 جنيه للجرام قبل نهاية العام، خاصة إذا واصل المعدن العالمي صعوده واحتفظ الدولار المحلي باستقراره النسبي.

ويعزو التجار هذا الارتفاع النسبي إلى الأداء القوي للذهب عالميًا، الذي طغى على أثر تراجع الدولار أمام الجنيه في البنوك الرسمية.

 احتمالات محدودة لانخفاض الأسعار

رغم كل الاحتمالات، يبقى سيناريو انخفاض أسعار الذهب ضعيفًا للغاية، إذ يرى المحللون أن أي تراجع محتمل سيكون مؤقتًا ومحدودًا في المدى الزمني، وسرعان ما يعقبه ارتداد صعودي أقوى.

وحتى في حال تحسن الأوضاع الاقتصادية أو رفع الفائدة عالميًا، فإن استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب سيحافظ على دعم الأسعار، ما يجعل المعدن الأصفر خيارًا آمنًا ومستقرًا في مواجهة التقلبات المالية.

 ختامًا: الذهب... بين التصحيح المؤقت والاتجاه الصاعد

يمكن القول إن الذهب يعيش حاليًا مرحلة توازن حرجة بين عوامل تدفعه للصعود وأخرى تضغط عليه نحو الهبوط. وبينما تؤثر قوة الدولار والسياسات النقدية الأمريكية سلبًا، يبقى الطلب المؤسسي والجيوسياسي العامل الأهم الذي يحافظ على بريق المعدن النفيس.

وبين كل تلك المتغيرات، يبدو أن المستثمرين الذين ينظرون إلى الذهب كاستثمار طويل الأجل هم الأكثر استفادة، فالمعدن الأصفر، وإن فقد بريقه مؤقتًا، لا يلبث أن يستعيد لمعانه كلما اهتزت ثقة الأسواق في العملات والسياسات النقدية.