الثلاثاء، 04 نوفمبر 2025

12:20 م

مقارنة شاملة بين عيارات الذهب 18 و21 و24 قيراطًا

الإثنين، 03 نوفمبر 2025 11:03 م

آيه بدر

صورة تعبيرية

صورة تعبيرية

منذ فجر التاريخ، ظل الذهب سيد المعادن النفيسة، يحتل مكانةً خاصة في قلوب البشر عبر مختلف الحضارات والثقافات. لم يكن مجرد معدن أصفر لامع، بل رمزًا للقوة والثراء والخلود. 

استخدمه الفراعنة في تيجان الملوك وتوابيت الفخر، واعتبرته الإمبراطوريات القديمة معيارًا للقيمة وأساسًا للتجارة. ومع تطور الزمن، بقي الذهب حاضرًا في حياتنا اليومية، سواء كاستثمار آمن في وجه الأزمات أو كقطعة مجوهرات تعبّر عن الذوق والرفاهية.

لكن بين بريق العيارات المختلفة، من 18 إلى 21 وصولًا إلى 24، يظل السؤال حاضرًا: أيها الأفضل؟ وما الفرق الحقيقي بينها من حيث النقاء والمتانة والسعر؟

ما هو العيار؟ فهم الأساس قبل المقارنة

قبل الدخول في تفاصيل كل نوع، يجب أن نوضح مفهوم "العيار" نفسه. العيار هو مقياس نقاء الذهب، أي نسبة الذهب الخالص في القطعة مقارنة بالمعادن الأخرى المضافة إليه.

ويتم التعبير عنه بالقيراط، حيث يمثل الذهب الخالص 24 قيراطًا، أي بنسبة نقاء تبلغ 99.9%. وكلما قلّ العيار، زادت نسبة المعادن الأخرى المضافة، كالنحاس أو الفضة أو الزنك، التي تمنح القطعة صلابة أكبر ولمعانًا مختلفًا.

فعلى سبيل المثال:

الذهب عيار 24 يحتوي على 24 جزءًا من الذهب الخالص.

الذهب عيار 21 يحتوي على 21 جزءًا من الذهب و3 أجزاء من معادن أخرى.

الذهب عيار 18 يحتوي على 18 جزءًا من الذهب و6 أجزاء من المعادن الإضافية.

وهذه النسب البسيطة تصنع الفارق الكبير في اللون، الصلابة، السعر، وحتى في الغرض من الاستخدام.

عيار 24.. نقاء لا يضاهى

يُعرف الذهب عيار 24 بأنه أنقى أنواع الذهب على الإطلاق. يتميز بلونه الأصفر الفاتح المائل للصفار الشديد، وبملمسه الناعم الذي يكاد يكون لينًا لدرجة تمنع استخدامه في صناعة المجوهرات الدقيقة أو الحلي اليومية.

وغالبًا ما يُستخدم هذا النوع في سبائك الذهب أو الاستثمار المالي، نظرًا لنقاوته العالية وقيمته المستقرة عالميًا.

لكن رغم هذه المزايا، هناك جانب آخر يجب الانتباه إليه، وهو هشاشته مقارنة بالعيارات الأقل. فالذهب النقي جدًا لا يتحمل الاحتكاك أو الضغط، ما يجعله أقل ملاءمة للارتداء اليومي.

ومن هنا يأتي سبب تفضيل المصممين استخدام عيارات أقل، تمنحهم حرية تشكيل القطع وتطويع المعدن دون أن يتعرض للكسر أو الخدش بسهولة.

عيار 21.. التوازن الذهبي بين الجمال والمتانة

يُعتبر عيار 21 هو الأكثر شيوعًا في العالم العربي، وخصوصًا في مصر والسعودية وسوريا.

فهو يجمع بين نقاء مقبول بنسبة 87.5% تقريبًا وصلابة تسمح بالاستخدام اليومي دون فقدان البريق أو التعرض للتلف السريع.

ولعل السبب وراء شهرته الواسعة أنه يمثل التوازن المثالي بين الجمال والسعر والمتانة.

تُصنع منه أغلب الخواتم والسلاسل والأساور، كما يُستخدم في المشغولات التقليدية التي تتوارثها العائلات عبر الأجيال.

كذلك يُعتبر هذا العيار الخيار المفضل لمن يقتني الذهب كاستثمار وزينة في الوقت نفسه، إذ يسهل بيعه وشراؤه في الأسواق المحلية والعالمية، ويحتفظ بقيمته على المدى الطويل.

عيار 18.. الإبداع في عالم الموضة والمجوهرات الحديثة

أما عيار 18، فهو المفضل لدى دور التصميم العالمية والعلامات الراقية في عالم المجوهرات.

يحتوي على 75% من الذهب الخالص و25% من معادن أخرى كالنيكل والبلاديوم والنحاس، مما يجعله أكثر صلابة وقابلية للتشكيل بدقة.

هذا العيار هو سرّ الإبداع في القطع الحديثة التي تعتمد على التفاصيل الدقيقة والأحجار الكريمة.

فالمصمم يستطيع من خلاله ابتكار تصاميم متينة، تحتفظ بشكلها مع الوقت وتتحمل الاستعمال اليومي.

إضافة إلى ذلك، يتميز عيار 18 بتنوع ألوانه، إذ يمكن تعديل درجة لونه حسب المعادن المضافة إليه.

فنجد منه الذهب الأبيض، والذهب الوردي، بل وحتى درجات بينية ناعمة تضيف لمسة فخامة على كل قطعة.

الفرق في الأسعار بين العيارات

كلما ارتفع العيار، ارتفع السعر.

فالسوق العالمية تعتمد بشكل أساسي على نسبة الذهب الخالص في القطعة.

لذلك يُعتبر عيار 24 الأغلى يليه عيار 21 ثم عيار 18، الذي يعد الأقل تكلفة نسبيًا بسبب زيادة المعادن الإضافية فيه.

لكن السعر لا يُقاس فقط بكمية الذهب، بل أيضًا بعوامل مثل التصميم، والمصنعية، والطلب في السوق المحلي.

على سبيل المثال، قد تجد خاتمًا من عيار 18 أغلى من سبيكة صغيرة من عيار 24، بسبب دقة الصياغة أو اسم العلامة التجارية.

اللون والبريق.. اختلاف طبيعي بين العيارات

لون الذهب ليس واحدًا كما يظن البعض.

فعيار 24 يتميز بالصفار الشديد، في حين أن عيار 21 أغمق قليلًا، أما عيار 18 فقد يظهر بلون أفتح أو مائل للوردي أو الأبيض، وفقًا للمعادن المضافة إليه.

ويرجع هذا التنوع إلى التفاعلات الكيميائية بين الذهب والمعادن الأخرى، والتي تمنحه طيفًا واسعًا من الألوان، ما جعله عنصرًا مثاليًا للمصممين الذين يبحثون عن التميز في كل قطعة.

الاستخدامات المختلفة لكل عيار

عيار 24: يُستخدم في السبائك وحفظ الثروة والاستثمار طويل الأمد.

عيار 21: الخيار الأكثر رواجًا في المشغولات التقليدية والعربية.

عيار 18: يُستخدم في تصميمات الموضة الحديثة والمجوهرات الأوروبية الراقية.

كيف تفرّق بين العيارات عند الشراء؟

لضمان الحصول على الذهب الحقيقي، يُنصح دائمًا بالتأكد من دمغة العيار المنقوشة على كل قطعة، سواء كانت خاتمًا أو سلسلة أو سوارًا.

كما يجب الشراء من متاجر معروفة وموثوقة تقدم فواتير رسمية موضح بها الوزن والعيار وسعر الجرام وقت الشراء.

الدمغة ليست مجرد تفصيل بسيط، بل هي الهوية الرسمية للقطعة، ومن دونها لا يمكن التأكد من نقائها أو قيمتها الحقيقية.

الذهب، على اختلاف عياراته، يظل استثمارًا آمنًا ورمزًا للأناقة الخالدة.

فعيار 24 يناسب من يبحث عن الادخار والنقاء، وعيار 21 هو الخيار المثالي للتوازن والجمال، بينما عيار 18 هو مساحة الإبداع للمصممين ومحبي الموضة.

في النهاية، لا يوجد "أفضل" مطلق، بل ما يناسب ذوقك وهدفك وميزانيتك.

فالذهب، أينما كان عياره، يبقى معدنًا لا يفقد بريقه أبدًا، ولا يتأثر بتقلبات الزمان، لأنه ببساطة... رمز القيمة الدائمة.

نصائح للشراء الذكي وحماية المدخرات الذهبية

في ظل التغيرات المستمرة في أسعار الذهب عالميًا، تبرز أهمية أن يكون المشتري على دراية ببعض القواعد الأساسية قبل الإقدام على الشراء.

أول هذه القواعد هو متابعة أسعار الذهب بشكل دوري من المصادر الموثوقة، لأن السعر يتغير يوميًا تبعًا لحركة السوق العالمية وسعر الدولار.

كذلك يجب تحديد الهدف من الشراء بوضوح:

هل الغرض هو الادخار طويل المدى؟ أم الزينة والاستخدام اليومي؟

فلكل غرض عيار يناسبه. من يرغب في الادخار عليه الاتجاه إلى السبائك عيار 24 لأنها أكثر نقاءً وأسهل في إعادة البيع. أما الباحث عن الأناقة والمظهر فيكفيه اقتناء الذهب عيار 21 أو 18 لما يتميز به من تنوع في التصميم وسهولة الاستخدام.

كما ينصح الخبراء بعدم التسرع في الشراء خلال فترات الارتفاع الحاد للأسعار، بل الانتظار حتى تستقر الأسواق لتجنب الخسائر الناتجة عن تقلب الأسعار المفاجئة.

ولا يقل جانب التخزين الآمن أهمية عن الشراء نفسه، فالمجوهرات الثمينة يجب حفظها في أماكن مؤمّنة، ويفضّل تسجيلها بفواتير رسمية تضمن حقوق المالك عند البيع أو الاستبدال.

في النهاية، يظل الذهب استثمارًا حقيقيًا وملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، شرط أن يُشترى بعقلانية ومعرفة كافية بتفاصيل العيارات والأسعار ومواسم الشراء.

فكل جرام من هذا المعدن الأصفر لا يمثل فقط قطعة مجوهرات، بل قيمة تتجاوز الزمن وتختزن في بريقها تاريخًا طويلًا من الثقة والاستقرار.

إقرأ أيضاً:

الرابط المختصر

search