بعنوان "هلا شققت عن قلبه" و"خطورة الرشوة"
خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف غدا 14 نوفمبر 2025م ـ 23 جمادي الأولي 1447 هـ
الخميس، 13 نوفمبر 2025 12:41 م
السيد الطنطاوي
صلاة الجمعة "أرشيفية"
أعلنت وزارة الأوقاف المصرية، عن موضوع خطبة غد الجمعة الموافق 14 من نوفمبر 2025م، 23 من جمادى الأولى 1447هـ، مشيرة إلى أن الخطبة الأولى بعنوان "هلّا شققتَ عن قلبه"، وأما الخطبة الثانية فهي عن “خطورة الرشوة” ضمن مبادرة “صحح مفاهيمك”.
وأكدت وزارة الأوقاف، أن الهدف من الخطبة الأولى "هلّا شققتَ عن قلبه"، هو التوعية بحقوق الإنسان كما أقرها الإسلام، وأثر ذلك في مواجهة التشدد، وأما الخطبة الثانية “خطورة الرشوة”، والتي تعد واحدة من أخطر الآفات التي تصيب المجتمع، وتُفسد منظومة القيم، وتهدد العدالة وتكافؤ الفرص.
خطبة الجمعةغدا 14 نوفمبر 2025م لوزارة الأوقاف: هلّا شققتَ عن قلبه، بتاريخ 23 جمادي الأولي 1447 هـ ، الموافق 14 نوفمبر 2025م.
الخطبة الأولى
هلا شققتَ عن قلبه
الحمدُ للهِ الذي أكملَ لنا الدينَ، وأتمَّ النعمةَ، وأوضحَ السبيلَ، ورضيَ لنا الإسلامَ دينًا، وجعلَه سهلًا يسيرًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، شرعَ الرفقَ والتيسيرَ، ونهى عن الغلوِّ والتعسيرِ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، وصفيَّه من خلقِه وحبيبه، اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، وبعدُ:
فإنَّ تعاليمَ الإسلامِ هي النور الهادي، والحصنُ الواقي، والملاذُ الآمنُ، الذي يغمرُ أرواحَنا بالسكينةِ، ويُنعشُ مجتمعَنا بالرحمةِ، فجوهرُ هذا الدينِ يدعو المؤمنَ ليكون ينبوعَ رحمةٍ، وغيثَ أمانٍ، لا سيفَ شِدَّةٍ ولا منبعَ عدوانٍ، ولقد جاء التوجيهُ المحمديُّ ليؤكدَ حقوقَ الإنسانِ، ويجعلَ التعاملَ بين الناسِ قائمًا على البصيرةِ لا على ظنونٍ تورِدُ المهالكَ، فالتشددُ مرفوضٌ، والحكمُ على النوايا حَرَمٌ لا ينبغي تجاوزه في أيِّ نزاعٍ، فكيفَ لنا أن نطلقَ الأحكامَ على الضمائرِ ونحن لا ندركُ السرائرَ، وهو وحده يبلو خفيّات الضمائر؟ فلا بدَّ أن نتبنى أخلاقَ القرآنِ، وأن نبتعدَ عن التسرعِ والتجني تحتَ شعارِ الاستعلاءِ بالإيمانِ، لذلك كان السؤالُ النبويُّ الخالدُ الذي أنكرَ فيه الجنابُ المعظمُ صلى اللهُ عليهِ وآله وسلمَ فعلَ سيدِنا أسامةَ عندما طلب أحدهم الأمان بكلمة التوحيد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فرأى سيدنا أسامة رضي الله عنه أن الرجل قالها خوفًا من السلاح فقتله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا؟ أَمْ لَا؟»، فليس بعد هذا الكلمِ المعظَّمِ غايةٌ في التنبيهِ على وجوبِ احترامِ الحياةِ البشريةِ، وحسن الظن بالخليقة، وعدمِ الانسياقِ خلفَ الظاهرِ انقيادًا للظنِّ واتِّباعًا للهوَى.
أيها المكرمُ: إن تعاليم الإسلام وتوجيهاته هي الكهف الحصين، والمنهج القويم للإنسانيةِ، أَلَمْ يقفِ الجنابُ المعظمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ في خطبةِ الوداعِ ليعلنَ الميثاقَ العالميَّ الأولَ لحقوقِ الإنسانِ؟ أَلَمْ يجعلِ النبيُّ دمَ المؤمن أشدَّ حرمةً عند اللهِ من الكعبةِ، فعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا».
أليست كلماتُه الإنسانيةُ الخالدةُ في جنازةِ اليهوديِّ: "أَلَيْسَتْ نَفْسًا" تنسفُ كلَّ عنصريةٍ؟ أَلَمْ يكن هذا التعاملُ النبويُّ الراقي هو الحافظَ لحقِّ الكرامةِ الإنسانيةِ الشاملةِ؟ فتخيَّرْ منهجَ التسامحِ والسترِ، وابتعدْ عن الحكمِ على الخلقِ بالظنِّ، واتهامِ الناسِ بغيرِ حقٍّ، والتمسِ العذرَ لغيرِك، ولا تبحثْ عن عيوبِ الناسِ قبل أن تنظرَ في عيوبِ نفسِك، واستمعْ إلى هذا النداءِ الإلهيِّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتنبُوا كَثيرًا مِنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.
أيها الكرامُ، إنَّ أخطرَ ما يتصفُ بهِ تيار الغلوِّ والتطرفِ هو أنَّه يقفُ نشازًا صارخًا في وجهِ جوهرِ الشريعةِ السمحةِ، فجريمتُهم النكراءُ تكمنُ في هدرِ حسنِ الظنِّ الذي هو قِوامُ الألفةِ، ودرعُ الوقايةِ من التجسسِ والريبةِ، فهم لا يكتفون بالظاهرِ الذي أمرَنا اللهُ بالحكمِ بمقتضاه، بل يرمونَ النوايا بالأحكامِ الجائرةِ، فيتخذون من التفسيقِ والتبديعِ سُلَّمًا لانتهاكِ عصمةِ النفسِ البشريةِ، وانتهاكِ الحرماتِ الإنسانيةِ، فالفكرُ المتشددُ لا يرى للإنسانِ كرامةً، ولا يرى لحقوقِ المخالفِ وَزْنًا، فهم- كما يزعمون- الطائفةُ المنصورةُ التي بيدِها صكُّ الغفرانِ، فلا يحترمون حقوقَ الإنسانِ والأكوانِ، وصدقَ فيهم التحذيرُ النبويُّ: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ».
أيها النبلاءُ، اغرسوا في قلوبِ أبنائِكم تعظيمَ حرمةِ الدماءِ والأعراضِ، علِّموهم حفظَ اللسانِ والجَنانِ، وعدمَ الخوضِ في نوايا الناسِ، انشروا ثقافةَ الحوارِ والرحمةِ والتسامحِ وحسنَ الظنِّ بالآخرينَ، ذكِّروهم أن ميزانَ التفاضلِ الحقيقيّ هو التقوى والعملُ الصالحُ، لا الظنونُ التي تنسفُ الألفةَ، ولا الاتهاماتُ التي تَهدِمُ كيانَ المجتمعِ، اجعلوا الحُسنى في التعاملِ مع الخلقِ والتماسِ الأعذارِ عنوانَ حياتِكم، فمبدأُ "هلا شققتَ عن قلبِه" ليس قصةً تُحكى، بل هو منهجُ حياةٍ يبني الإنسانَ، فليكنْ كلُّ واحدٍ منكم سفيرًا لرحمةِ الإسلامِ وعدلِه، ونموذجًا حيًّا للقيمِ الإسلاميةِ النبيلةِ، وتتبعوا هذا المنهجَ النبويَّ الفريدَ «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ».
الخطبة الثانية
“خطورة الرشوة” ضمن مبادرة “صحح مفاهيمك”
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا رسولِ اللهِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، وبعدُ،،
فالرشوةُ داءٌ عضالٌ يفتكُ بجوهرِ الشريعةِ، ويقوِّضُ أسسَ المجتمعِ، فهي شهادةُ زورٍ يشتريها القويُّ ليسلبَ حقَّ الضعيفِ، وسمٌّ يلوِّثُ يدَ المسؤولِ ليقلبَ موازينَ العدلِ والإنصافِ، فهي البابُ الأعظمُ لأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ وإفسادِ الذممِ، وضياعِ الحقوقِ، فتدمِّرُ منظومةَ القيمِ، وتهدِّدُ العدالةَ وتكافؤَ الفرصِ، فتزرعُ الحقدَ وتجعلُ الإنسانَ بلا قيمةٍ، وتفتحُ أبوابَ الفسادِ على مصراعيها في كلِّ مؤسسةٍ، لذلك لم يكتفِ الشرعُ بتحريمِها، بل قرنَها بلعنةٍ تطاردُ دافعَها ومُرتشِيَها، فجاءَ واضحًا لا لبسَ فيه: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» أي: المعطي والمعطَى له.
سادتي الكرامُ: أليستِ الرشوةُ أكلًا لأموالِ الناسِ بالباطلِ وإعانةً صريحةً على الظلمِ؟ هل يطمئنُّ قلبٌ نبتَ لحمُه من سُحتٍ؟ كيف يرجو مجتمعٌ الخيرَ والبركةَ وقد حلَّ فيه دنسُ هذه الجريمةِ؟ أين ذهبَ الورعُ والخشيةُ من قلوبِ من ارتضَوا الرشوةَ ثمنًا لخدمتِهم أو وظيفتِهم؟ ألم يسمعْ هؤلاءِ هذا التحذيرَ الإلهيَّ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
عبادَ اللهِ، إنَّ مواجهةَ الرشوةِ ليست عملًا تطوعيًّا، بل هي فريضةٌ اجتماعيةٌ تقعُ على عاتقِ كلِّ من اؤتُمِنَ على مسؤوليةٍ، فكيف يمكنُ لأمةٍ أن تنهضَ إذا كان الموظفُ يعملُ بالمالِ الحرامِ ويتخلى عن نزاهتِه؟ إنَّ واجبَنا يقتضي منا أن نكونَ قَوَّامينَ بالقسطِ، نشهدُ بالحقِّ وننطقُ به، فلنربِّ أنفسَنا وأبناءَنا على أنَّ المالَ الحرامَ شرٌّ ووبالٌ، وأنَّ ما يأخذُه الموظفُ بغيرِ حقٍّ بعد راتبِه المشروعِ هو خيانةٌ وغلولٌ، فلنجعل مجتمعنا نظيفًا، ولنفتحْ أبوابَ الشفافيةِ والمحاسبةِ، ونستمدَّ العونَ من قوةِ إيمانِنا، ومن دعاةِ صدقٍ في محاربةِ الفسادِ، فالنزاهةُ هي أساسُ عزَّتِنا وكرامتِنا في الدنيا والآخرةِ.
اللهم اكفِنا بحلالِك عن حرامِك، وبطاعتِك عن معصيتِك، وبفضلِك وجودِك وكرمِك عمَّن سواكَ آمين.
اقرأ أيضا:
مفتي الجمهورية يدين الحادث الارهابي في اسلام أباد
مفتي الجمهورية: العلم في الإسلام ليس ترفًا فكريًا أو رفاهية
مفتي الجمهورية: قوة الشائعة تأتي من فراغ الوعي والتسرع في النقل والحديث بلا علم
الإفتاء: وجود الطبيب الثقة في تخصص أمراض النساء مطلوب شرعًا
الإفتاء توضح حكم إجراء عملية ازالة التجاعيد وشد الوجه للمرأة
خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف 14 نوفمبر 2025م ـ 23 جمادي الأولي 1447 هـ
خطبة الجمعة للشيخ خالد القط 14 نوفمبر 2025م ـ 23 جمادي الأولي 1447 هـ
الرابط المختصر
آخبار تهمك
سعر الذهب اليوم في الإمارات عيار 24 يسجل 509.25 درهمًا
13 نوفمبر 2025 01:30 م
استقرار سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025
13 نوفمبر 2025 10:29 ص
استقرار سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025
13 نوفمبر 2025 10:25 ص
ارتفاع أصول البنك المصري لتنمية الصادرات إلى 197.4 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2025
13 نوفمبر 2025 10:20 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي اليوم الخميس 13 نوفمبر
13 نوفمبر 2025 06:00 ص
سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري في ختام تعاملات الأربعاء 12 نوفمبر 2025
12 نوفمبر 2025 07:45 م
الأكثر قراءة
أكثر الكلمات انتشاراً