الأحد، 07 ديسمبر 2025

12:32 ص

محمد إبراهيم دسوقي يكتب: سقوط رقابي يهز أمن الأطفال!

السبت، 06 ديسمبر 2025 11:27 م

محمد إبراهيم دسوقي

محمد إبراهيم دسوقي

في ذروة الغضب الشعبي الذي أشعلته قضية مدرسة «سيدز»، بقي سؤال واحد يعلو كل الأسئلة: كيف تسلّل هذا القدر من الانتهاك داخل مؤسسة تعليمية يُفترض أنها محصّنة بالرقابة؟ ما حدث لم يكن انحرافًا فرديًا، بل انهيارًا مدوّيًا لمنظومة رقابية كاملة داخل بيئة يُفترض أنها الأكثر أمانًا للصغار.

فالرقابة في كثير من المدارس الخاصة تحوّلت إلى طقس إداري رتيب: كاميرات، زيارات مجدولة، تقارير شكلية… أدوات سرعان ما تتهاوى عند أول اختبار حقيقي. وقد كشفت فاجعة «سيدز» أن الرقابة كانت مجرّد حضور ورقي لا يلامس الواقع؛ فكيف مرّت انتهاكات بهذا الحجم دون أن يلتفت إليها أحد؟ وأين غابت الإدارة عن مراقبة السلوكيات المؤشّرة للخطر؟

إن الرقابة التي تُكتب في الملفات ليست هي الرقابة التي تحمي الأطفال، وما جرى يؤكّد وجود خلل منهجي يبدأ من داخل المدرسة ويمتد إلى بنية الإشراف الرسمية نفسها.

في الواقع، وزارة التربية والتعليم ليست جهة بعيدة عن المشهد، بل الركيزة الأساسية لمنح التراخيص وضمان الالتزام بمعايير السلامة التربوية. ومع ذلك، كشفت قضية «سيدز» قصورًا واضحًا في الرقابة، وتحولت التفتيشات غالبًا لإجراءات شكلية، فيما غياب الزيارات المفاجئة وضعف أدوات المتابعة فتح ثغرات خطيرة، استغلها الانحراف الناتج عن سلسلة إخفاقات: غياب الفحوصات النفسية والسلوكية، عدم تتبع تحركات العاملين، انعدام قنوات الإبلاغ، وضعف التواصل بين المعلمين والإدارة.

وليعلم الجميع أن الرقابة الحقيقية ليست كاميرا مُعلّقة في الممر، بل ضمير إداري يقظ ومنظومة متابعة لا تهدأ، ولأن الفاجعة عرّت هشاشة الرقابة، فإن الإصلاح لم يعد خيارًا، بل ضرورة عاجلة، واستعادة الثقة بالمدارس الخاصة لن تتحقق إلا عبر إجراءات صارمة تعيد بناء درع حماية حقيقي للأبناء.
بعد الفاجعة التي كشفت انهيار الرقابة في المدارس الخاصة، أصبح واضحًا أن الأمر تجاوز الإخفاق الإداري ليصبح تهديدًا مباشرًا لأمن الأطفال، ما يستدعي إجراءات عاجلة وفورية من وزارة التربية والتعليم والجهات المشرفة.

أولًا، يجب إنشاء وحدة رقابية مستقلة تتبع الوزارة مباشرة، بصلاحيات تفتيش فوري وقيادة مختصين في الأمن التربوي وعلم النفس، قادرة على كشف كل ثغرة تتوارى عن الزيارات الشكلية التقليدية.

ثانيًا، فرض فحوصات نفسية وسلوكية إلزامية لكل العاملين، فلا أمن للأطفال دون ضمان سلامة واستقرار من يتعامل معهم يوميًا، والتعيين بلا فحص دقيق هو مقامرة بأمن الصغار.

ثالثًا: تطبيق منظومة مراقبة ذكية تعتمد الذكاء الاصطناعي وكاميرات عالية الدقة وأنظمة تتبع وتحليل سلوكي لرصد أي تصرف مشبوه فور حدوثه، إذ لم يعد الأمان مهمة بشرية بل يتطلب تقنية متقدمة.
رابعًا: تعيين أخصائي حماية الطفل كجهة مستقلة في كل مدرسة لتلقي البلاغات ورصد السلوكيات ورفع تقارير مباشرة للوزارة، مع نظام تتبع ذكي لحركة العاملين لضمان عدم وجود موظف منفرد مع الأطفال خارج الرقابة.
خامسًا، يجب تعزيز التواصل مع الأسر عبر خط ساخن، لتكون الأسرة شريكًا فعّالًا في حماية الأطفال، لا مجرد متلقٍ سلبي للرقابة.

وينبغي تشديد العقوبات على المدارس المخالفة، من توقيف الترخيص فورًا إلى فرض غرامات مالية ضخمة والإعلان صراحة عن المخالفين، فالردع العلني هو الخط الدفاعي الأخير لضمان سلامة الأطفال ومنع تكرار المأساة.
ونقولها صراحة، هذه ليست مجرد توصيات، بل مطالب عاجلة تفرضها المسؤولية الوطنية والأخلاقية على وزارة التربية والتعليم والجهات الرقابية. الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة.
----------------
[email protected]

الرابط المختصر

search