الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

01:25 م

مينا غالي يكتب: منتخب مصر والثامنة؟! ابقى قابلني في المغرب

الأربعاء، 17 ديسمبر 2025 11:43 ص

مينا غالى

الكاتب مينا غالى

الكاتب مينا غالى

أعجبني إعلان إحدى شركات الاتصالات عن كأس الأمم الأفريقية هذا العام، والذي ضمّ نخبة من نجوم مصر الذين شاركوا في آخر ثلاثة نسخ فازت بها مصر من البطولة بين أعوام 2006 و2010، حيث استعرضوا تغيُّر حياتهم حالياً؛ فمنهم من أصبح رجل أعمال، ومنهم من ازداد وزنه ثم عاد وفقده مرة أخرى، وآخر دخل في شراكة مع زميل له، ومنهم مَن أصبح جدّاً وله أحفاد، وبالرغم من تغيُّر نجوم المنتخب وأوضاعهم، إلا أن النجوم الموجودة على قميص المنتخب لم تتغير بعد.


وهنا نعود مجدداً للسؤال الذي نسأله كل عامَين.. هل منتخب مصر بقيادة محمد صلاح قادر على انتزاع النجمة الثامنة؟ هل تشكيلة لاعبي المنتخب الوطني قادرة على حمل الكأس التي حملها أسلافهم سبع مرّات؛ بينها ثلاث مرات متتالية؟ هل يمكن أن نرى منتخبنا مُخيفاً كما كان في السابق؟ وما المنتظر من أبناء الفراعنة في بطولة الكان بالمغرب التي ستنطلق في غضون أيام؟ جميعها أسئلة سنحاول الإجابة عنها هنا.


جميعنا تابع مباراة المنتخب أمس أمام نظيره النيجيري، في ختام استعداداته لبطولة كأس الأمم الأفريقية، والتي انتهت بفوز منتخبنا بهدفين مقابل هدف.. وأظن أنها كانت تجربة جيدة لحسام حسن ولاعبي المنتخب لاستكشاف بعضهم البعض، ومحاولة الوقوف على طريقة لعب واضحة وتشكيلة أقرب إلى الأساسية مع دخول صلاح ومرموش وتريزيجيه إليها، فضلاً عن تجربة أكبر عدد ممكن من اللاعبين.


الحقيقة أن منتخب مصر لعب المباراة بشكل جيد إلى حد كبير.. بالرغم من الاستحواذ التام للنيجيريين خلال الـ25 دقيقة الأولى، إلا أنه مع إحراز الهدف الأول استطعنا العودة للمباراة، بل والسيطرة التامة على الكرة ومنتصف الملعب أغلب الأوقات.. وهنا لي بعض الملحوظات الهامة:


أولها: عودة إمام عاشور لتشكيلة المنتخب المصري تمثل قوة كبيرة لوسط الملعب.. فهو بلا شك رمانة ميزان، وحلقة نقل هامة من الخلف إلى الأمام، مع زيادات هجومية ملحوظة وقدرة على التسديد وتسجيل الأهداف.


ثانياً: أخطاء محمد الشناوي مازالت مُخيفة.. فهذا الحارس لطالما قدّم الكثير لمنتخب مصر وكان حائط صدّ منيع في العديد من المباريات، لكن في الفترة الأخيرة تزايدت أخطاؤه الكارثية، واستقبلت شباكه باقة متنوعة من الأهداف الساذجة.. لذلك أتمنى أن يستعيد تركيزه باعتباره أحد قادة المنتخب، خاصةً وأن البطولة المقبلة لا تحتمل "الهزار" أو تلقي أهداف لا داعي لها، في ظل قوة مستوى المنتخبات المشاركة وصعوبة توقّع مسار البطولة.


ثالثاً: أعتقد أن الحالة النفسية التي يعيشها حالياً محمد صلاح وعمر مرموش بالنسبة لفريقيهما، وجلوسهما على دكة الاحتياط، كفيلة بأن تجعل منهما مقاتلَيْن يحاولان التعريف بنفسيهما من جديد.. فصلاح النجم الذي كسّر كل الحواجز والأرقام القياسية في تاريخ الدوري الإنجليزي، وأصبح صاحب دكّان الأرقام القياسية في هذه البطولة، بات حبيساً لدكة آرني سلوت بشكل غير مفهوم، وتعرّض لسيل من الهجوم العنيف غير المبرر، ومن ثم فالبطولة هي فرصة لصلاح ليقول لهم: "أنا الملك.. ومازلت".


ونفس الأمر بالنسبة لعُمر مرموش، الذي لا يفارق دكة جوارديولا في الفترة الأخيرة، بعدما كان متوهجاً في الدوري الألماني العام الماضي، لذا فقد قرر رفع راية التحدي إلى عنان السماء في حوار مع الموقع الرسمي لمانشستر سيتي قائلاً: "في كل مباراة ألعبها، أدخل بعقلية الفوز فقط، سنفوز بكأس أمم أفريقيا، وبعدها نحلم بكأس العالم، نحن لا نشارك لمجرد المشاركة، بل لإثبات من نحن".

هل نحن قادرون؟


نأتي للسؤال الذي سألناه في بداية المقال.. هل نحن قادرون على الفوز بأمم أفريقيا؟ أعتقد أن منتخب مصر حينما تُرفع عنه الضغوط يفاجئ الجميع بما لا يتوقعونه.. فمثلاً قبل كأس أمم أفريقيا 1998 مع الكابتن محمود الجوهري- رحمة الله عليه- كان جميع الشعب متشائماً وخرج الكابتن الجوهري ليقول: سنحقق المركز الـ13 في البطولة.. وانتقده الجميع لاصطحاب حسام حسن ضمن تشكيلته.. ليعود إلى مصر بكأس البطولة مع أداء وأهداف رائعة، بل ويحصد حسام حسن لقب الهدّاف.


وفي 2006.. البطولة التي استضافتها مصر، وبالرغم من كتيبة ممتازة من اللاعبين، إلا أن الشكوك كانت تحوم حول الكابتن حسن شحاتة، ووصلت التساؤلات إلى: ما هو تاريخه ليدرّب منتخب مصر؟ هل لأنه فاز في مباراتين مع المقاولون أمام الأهلي والزمالك يدرّب المنتخب؟! إلا أن الردّ جاء خارج التوقعات، وحصدنا لقب البطولة بأداء متميز تصاعدي لم يخلُ من الإثارة.


أما في 2010، فقد استبعد الجميع فوز المنتخب بالبطولة للمرة الثالثة، في ظل غياب أبوتريكة للإصابة، ومعه عمرو زكي، وبالطبع ميدو، وانتقد الجميع الكابتن حسن شحاتة لاصطحابه محمد ناجي جدو كبديل للعالمي.. ومع ذلك سافر المنتخب إلى أنجولا وعاد بالكأس بعدما دكّت صواريخه حصون المنافسين، وليس أي منافسين.. فبأداء رائع تصدرنا المجموعة بالعلامة الكاملة، ثم هزمنا الكاميرون، فالجزائر التي كانت مباراتنا معها (حياة أو موت) بعد أحداث أم درمان وبالأربعة، وأخيراً منتخب غانا في النهائي الذي وصل في نفس العام إلى ربع نهائي كأس العالم.. وهنا لا ننسى أن جدو البديل الذهبي الذي انتقد الجميع اصطحابه.. حلّ هدّافاً للبطولة.


ونأتي لبطولة 2017 في الجابون، التي كان منتخبنا فيها في طور البناء مع هيكتور كوبر، بأداء دفاعي بحت، وتأهُّل بعد غياب 3 بطولات.. إلا أننا وصلنا إلى النهائي بأداء تصاعدي وخسرنا في الدقائق الأخيرة بهدف من خطأ دفاعي ساذج أمام الكاميرون.. ونفس الأمر في بطولة 2021 تحت قيادة كيروش، مع طريق صعب محفوف بالمخاطر في أدغال أفريقيا.. بدأ بمواجهة نيجيريا في المجموعات والخسارة منها، ثم الفوز على كوت ديفوار المرشحة في دور الستة عشر، ثم المغرب الذي حلّ رابع العالم في العام التالي في ربع النهائي، فالكاميرون أصحاب الأرض في نصف النهائي.. لنخسر أمام السنغال المرشح الأبرز في النهائي بركلات الترجيح، بعد لعب 3 مباريات بـ120 دقيقة.


رغبت أن أطرح هذا السرد الطويل.. لأقول: نحن هنا.. ومنتخب مصر مهما مرّ بصعوبات يظل أحد أهم وأقوى منتخبات القارة.. وإذا كنا لا نرى في أنفسنا شيئاً جيداً.. فالجميع يخشانا ويخشى ملاقاتنا مهما تغيرت الأسماء.. فمنتخب مصر بالنسبة لأمم أفريقيا هو ريال مدريد بالنسبة لدوري أبطال أوروبا.. مهما تعرض للحظات ضعف وتراجع في المستوى، إلا أنه يبقى رقماً رئيساً في معادلة البطولة.


نقطة أخيرة.. الجميع يرى أن المغرب هي المرشح الأول للبطولة.. وبالطبع هذا أمر متوقع ولا جدال فيه، لكن هذا الجيل التاريخي للمغرب سيواجه ضغطاً نفسياً في تلك البطولة لم يعشه من قبل ولا حتى في كأس العالم الماضية.. فالمغرب مثل مصر.. كلما رفعت له سقف التوقعات، خذل جماهيره وعاد بخفيّ حنين.. لكن في الوقت ذاته حينما يتحرر من الضغوط تجده في أقوى مستوياته ليناطح كبار العالم.. لكن ومع كل ذلك هناك منتخبات قوية مرشحة للفوز بالبطولة.. أولها المغرب، فالسنغال، فكوت ديفوار، ثم الجزائر.. لكن كلّنا أمل أن تفعلها مصر وتضع النجمة الثامنة، لتغيّر شكل نجوم القميص، مثلما تغيرت أحوال النجوم التي حققتها.

الرابط المختصر

search