الأحد، 21 ديسمبر 2025

06:30 م

وفاء أنور تكتب: رسالة امتنان للدكتور “عبد الله المغازي”

الأحد، 21 ديسمبر 2025 05:03 م

وفاء أنور

وفاء أنور

كانت تعمل ضمن فريق عظيم يؤدي عمله في مهمة قومية، تنقلت حينها بين عدد من المحافظات المصرية، استهوتها فكرة المبادرة فآمنت بها، عملت على تحقيق أهدافها بكل طاقتها، حتى جاء يوم شاحب وجهه، إنه يوم ليس كباقي أيام حياتها، يوم بث كآبته وهو يطل عليها وعلى العالم أجمع حاملًا معه نبأ انتشار جائحة كورونا، حالت تلك الجائحة اللعينة بينها وبين استكمال حلمها الذي عاشت تفاصيله بكل كيانها وجوارحها، أصابها إحباط عظيم حينها، حاوطها قلق لا أول له ولا أخر، كالت لها الحيرة من مستنقعاتها ما شتتها، ما أغرقها في بحار من ألم ومن حزن طويل المدى.

نظرت بإمعان وترقبت مخرجًا لها، إذ كان لابد أن تجد من تهمه مثلها قضايا وطنه، تؤرقه أحلامه المؤجلة، بحثت كثيرًا ثم اهتدت إليه، اختارته من بين الجميع وطلبت منه أن يسمعها فوافق، حملت أثقالها وتفاصيل معاناتها وذهبت إليه بعد أن توقفت عن عملها الذي لم يعد متاحًا، بدأت شهور الحجر تدق أجراسها، تذكرها بمستحيلها، بعجزها وبقلة حيلتها، توجهت إليه يومها لعلها تجد لديه نصيحة صادقة تخفف من عذابها الجاثم فوق صدره.

اتجهت للكتابة لأول مرة وتركت لخيالها العنان بعد أن ظل أسيرًا خلف قضبان وظيفة لا تشبهها ولا تحقق ذاتها، على الرغم من أنها تفانت ونجحت في مشوار عملها إلا أنها قررت التمرد وخرجت من شرنقة عجزها لتعلن عن ميلادها، حطمت قيودها وبدأت أولى خطوات التغيير في حياتها. 

كتبت أول مقال لها، ثم أرسلته إليه ليبدي رأيه فيه ويشجعها، إنها نسيت حجم مسئولياته الجسام وكم انشغاله بقضايا عديدة أخرى، رأت فيه صورة الأخ، الصديق الذي لن يتأخر عن تقديم النصح لها ومن أجل نجاحها، أمسك بيدها وهى تخطو أولى خطواتها متجهة نحو رحاب سيدة الجلالة.

تمر الأيام وتنشر المقالات التي كان هو بالطبع أول قاريء لها، ويظل هذا الإنسان النبيل يعطي جزءًا من وقته لكاتبة لم تزل بعد مغمورة، كاتبة لا يقرأ لها إلا القليل من أهلها وأصدقائها، بعث الأمل فيها وراح  يناقشها بموضوعية فيما تتعرض له من قضايا، منحها من وقته الثمين قدرًا عظيمًا، منحها إحساسًا فياضًا بالطمأنينة، بث فيها برسائله الإيجابية روحًا تدعوها للاستمرارية وعدم التوقف عما فيه بدأت وسعت.

وجدت في الكتابة التي تفرغت لها سلواها وكل عزائها، عرفت طريقها وسارت فيه بنفس مطمئنة، تقدمت بخطوات ثابتة وبعلو همة، ارتضت أن توجه رسائلها المتتالية لمجتمعها بأكمله، فكان هذا تعويضًا لها عن ترك وظيفتها السابقة والتفرغ لهواياتها الكامنة، اكتفت بكلماتها المرسلة عبر كتاباتها والتي يصب أغلبها في صالح وطنها، رغبة منها في توعية أبنائه، وأملًا تراءى لها من بين ظلام تخبط أصابها يومًا لكنه لم يتمكن من الإيقاع بها.

شكرًا لكل من وقف إلى جوارنا، شكرًا لمن ربت على أيدينا في وقت شدتنا مشجعًا وداعمًا لنا، شكرًا لمن منحنا من وقته ما يكفي لإنارة الطريق أمامنا، شكرًا لكل من وهب نفسه لتحقيق حلم بلاده، شكرًا لكل إنسان نبيل قرر أن يحيا ليمنح ويعطي بكلتا يديه عطاءً مذهلًا وهائلًا، بقلبه، بروحه، بإنسانيته التي تؤكد على أن هذه الدنيا لم تزل بخير، وأن العيش فيها بسعادة متاح وممكن جدًا.

الرابط المختصر

search