دكتور مصطفى طاهر رضوان يكتب: القرآن روح الحضارة الإسلامية وركيزة نهضتها
الأربعاء، 24 ديسمبر 2025 11:16 ص
دكتور مصطفى طاهر رضوان
دكتور مصطفى طاهر رضوان
أولًا: التوحيد محور النهضة وركيزة البناء:
إن الحضارة الإسلامية، على الرغم من كونها حلقة في سلسلة الحضارات التي سبقتها، كانت فريدة في جوهرها، إذ قامت على التوحيد المطلق لله، وجعلت القرآن الكريم دستور حياتها ومفتاح نهضتها، ولم يكن القرآن مجرد نصوص تُتلى، بل كان نورًا يهدي النفوس، وميزانًا يقيم الموازين، ومنهجًا ينظّم حياة الفرد والمجتمع.
فيه قُدرت العلاقة بين العبد وربه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الحاكم والمحكوم، وصارت الأخلاق أساسًا للسياسة، والعدل هو المقياس لكل تعاملات الأمة، ولقد قضى الإسلام على الوثنية والشرك في الجزيرة العربية، وجمع بين قبائلها المتفرقة، وأرسى بينهم روابط المحبة والأخوة، فصاروا متآلفين، متماسكين، مستندين في حياتهم إلى قيم راسخة.
وهكذا كان القرآن سببًا في إشعال روح الانضباط الروحي والاجتماعي، فوحد القلوب ووجه الجهود نحو هدف واحد، وأشعل في النفوس شغف العمل الصالح، فجعل من الأمة قوة ضاربة في الفكر والخلق والعدل.
ثانيًا: الأخلاق والخلق في قلب الحضارة:
القرآن لم يقتصر على رسم العلاقات الإلهية فقط، بل امتد ليشكل مدرسة الروح والفكر والأخلاق؛ ففي القرآن تلتقي الحكمة بالخلق، والعدل بالرحمة، والمجتمع بالمبادئ، ليصبح الإنسان ليس مجرد فرد، بل حاملًا للرسالة ومربيًا للنفوس.
لقد أنشأ القرآن مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم التي هذبت النفوس، وخلق رجالًا كانوا في صدقهم وأمانتهم وعدلهم مثالًا يُحتذى به عبر القرون. من هذه الأخلاق: الصدق في القول والعمل، والرفق بالضعفاء، والتسامح مع المخالف، ومراعاة حقوق الإنسان في كل حال.
وهذه الأخلاق لم تكن مجرد شعارات، بل قوة دافعة للتغيير الاجتماعي والسياسي، فالمسلمون حملوا القرآن إلى ما وراء جزيرتهم، فانتشرت رسالته بالحكمة والموعظة الحسنة، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، متأثرين بنبل الخلق وسعة الصدر والرحمة التي تحلى بها الفاتحون.
ثالثًا: العدالة والرحمة في الفتح والحكم:
من أعظم خصائص الحضارة الإسلامية كان التوسط بين القوة والرحمة، والعدل والتسامح في الفتح والحكم، فقد فُتح العالم القديم برحمة، ولم يُكره أحد على اعتناق الدين، بل ترك للناس حرية الاختيار، مع مراعاة كرامتهم وحقوقهم، وحفظ أموالهم وأعراضهم.
لقد ترك العرب في فتوحاتهم أثرًا حضاريًا باقٍ، فقد أحاطوا الشعوب التي دخلت تحت سلطانهم بالرعاية والعدل، فانتشرت المبادئ الإسلامية، واعتنق الناس الدين عن قناعة لا إكراه، وصارت الحضارة الإسلامية مثالًا عالميًا للعدل السياسي والاجتماعي.
كما يقول غوستاف لوبون: «كان العدل بين الرعية دستور العرب السياسي، وقد ترك العرب الناس أحرارًا في أمور دينهم، وأظلوا أساقفة الروم ومكارنة اللاتين بحمايتهم فنال هؤلاء الدعة والطمأنينة».
وهذا يبين أن الحضارة الإسلامية لم تقم على الهيمنة أو القسر، بل على الرحمة والمساواة وحماية الحقوق الإنسانية، وهو ما منحها دوام الاستمرارية وقوة التأثير على مختلف الأمم.
رابعًا: القرآن دستور الحضارة وشموليته:
القرآن الكريم كان الأساس الراسخ الذي قامت عليه الحضارة الإسلامية، فهو يربط بين العبادة والمعاملة، بين الأخلاق والمبادئ، بين الفقه والسياسة، بين الفرد والمجتمع، إنه الشريعة والخلق والفكر في وحدة متكاملة، ومن خلاله رسخ المسلمون قيم العدالة والمساواة، وحفظوا التوازن بين الغنى والفقر، والسلطة والضعيف، وحموا حقوق الإنسان من الظلم والاستغلال.
ولم يكن القرآن مجرد نص يُتلى، بل مدرسة كلية تهذب النفوس، وتوجه المجتمعات، وتؤسس للعلاقات الإنسانية على أساس من التراحم والتكافل، وتحفظ للعالم توازنه، وتمنحه منهجًا يصلح للمستقبل كما صلح للأمم السابقة.
ومن هنا، يصبح القرآن روح الحضارة وعمودها الفقري، ومفتاح نهضتها في كل زمان ومكان، وما إن تُحفظ مبادئه وتُطبَّق تعاليمه، حتى تستقيم حياة الأفراد والمجتمعات، ويزدهر الفكر، وتزهر الإنسانية.
الرابط المختصر
آخبار تهمك
أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025
24 ديسمبر 2025 07:42 ص
الذهب عند أعلى مستوياته بعد قفزة عيار 21 اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025
24 ديسمبر 2025 07:22 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدي والبيض اليوم الأربعاء 24 ديسمبر
24 ديسمبر 2025 06:00 ص
ارتفاع أسعار النفط والذهب والفضة وانخفاض الغاز الطبيعي
23 ديسمبر 2025 10:20 م
تحليل: انتعاش قطاع التكنولوجيا والناتج المحلي الأمريكي ومؤشر أسعار المستهلكين الياباني
23 ديسمبر 2025 11:38 ص
تعرف على أسعار الفراخ البيضاء والبلدى والبيض اليوم الثلاثاء 23 ديسمبر
23 ديسمبر 2025 05:00 ص
الأكثر قراءة
أكثر الكلمات انتشاراً