احتفالية كبرى في باريس لإحياء الذكرى الخمسين لرحيل أم كلثوم برعاية الأوبرا

تحتفل دار الأوبرا المصرية بذكرى مرور خمسين عامًا على رحيل واحدة من أعظم أيقونات الفن العربي، كوكب الشرق أم كلثوم، من خلال تنظيم احتفالية ضخمة في مسرح فيلهارموني دي باريس الفرنسي.

 يأتي هذا الحدث الكبير في إطار تعزيز حضور الثقافة المصرية على الساحة الدولية، حيث يتم استحضار إرث أم كلثوم الفني الذي ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الموسيقى العربية. 

ومن خلال هذه الفعالية، تواصل مصر التأكيد على ريادتها الثقافية والفنية، حيث يشارك في الحفل أوركسترا الموسيقى العربية بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام، بالإضافة إلى نخبة من نجوم الأوبرا المصريين الذين سيؤدون أشهر أغاني أم كلثوم في ليلة ستظل في ذاكرة محبي الفن العربي حول العالم.

وقد أكدت الدكتورة لمياء زايد، رئيسة دار الأوبرا المصرية، أن هذا الحفل يعد بمثابة إحياء لذكرى أم كلثوم في قلب العاصمة الفرنسية، مما يعكس حضورها العالمي الذي يتجاوز الحدود المصرية والعربية. وأوضحت أن الحفل سيُقام في الثاني من فبراير 2025، بمشاركة أوركسترا الموسيقى العربية بقيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام، وسيشارك فيه أيضًا نجمتا الأوبرا رحاب عمر وإيمان عبد الغني اللتان ستقدمان مجموعة مختارة من أشهر وأجمل أغاني أم كلثوم التي تركت بصمة كبيرة في تاريخ الفن العربي.

وأضافت زايد أن بطاقات الحضور قد نفذت فور طرحها نتيجة للإقبال الجماهيري الكبير على الحفل، مشيرة إلى أن إدارة المسرح قررت بث الحفل مباشرة على موقعها الرسمي ليتمكن عدد أكبر من المشاهدين من متابعة الحدث عبر الإنترنت، مما يسهم في نشر الإرث الفني المصري على مستوى العالم. هذه الخطوة تأتي في إطار حرص دار الأوبرا المصرية على نقل الموسيقى والفن العربي إلى الجمهور الدولي، بما يعكس ثراء الثقافة المصرية وتاريخها الفني العريق.

ومن المعروف أن أم كلثوم كانت قد أحيت في الماضي حفلين أسطوريين على مسرح الأوليمبيا في باريس في نوفمبر 1967، وهما الحفلين اللذان شكلا حدثًا تاريخيًا في عالم الموسيقى العربية. حيث تبرعت أم كلثوم بعائدات الحفلين لصالح المجهود الحربي في تلك الفترة، وكان من بين الحضور الملك حسين بن طلال، ملك الأردن الراحل، وعدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية من عدة دول عربية وأوروبية. هذا الحدث التاريخي الذي لا يزال يذكره محبو الفن العربي يعد من أروع اللحظات التي عاشت فيها أم كلثوم بين جمهورها في الخارج.

تاريخ دار الأوبرا المصرية

تأسست دار الأوبرا المصرية، أو الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي، في عام 1988، وهي تُعتبر من أهم المعالم الثقافية في مصر. تم بناء هذه الدار الجديدة على الطراز الإسلامي، وذلك بعد أن قامت الحكومة اليابانية بتقديم منحة لإنشائها على أرض الجزيرة بالقاهرة. تعتبر دار الأوبرا المصرية الجديدة بديلاً لدار الأوبرا الخديوية التي تم إنشاؤها في عام 1869، والتي كانت تعتبر منارة ثقافية لعاصمة مصر طوال 102 عامًا قبل أن تحترق في 1971.

تاريخ الأوبرا المصرية يعود إلى عصر الخديوي إسماعيل، الذي أمر ببناء دار الأوبرا الخديوية بمناسبة افتتاح قناة السويس. كان الهدف من بناء هذه الدار استقطاب الملوك والملكات من مختلف أنحاء أوروبا للمشاركة في هذا الحدث الثقافي الكبير. وقد تم تصميم دار الأوبرا الخديوية على يد المهندسين الإيطاليين أفوسكانى وروس، وتم بناؤها في فترة قياسية لا تتجاوز الستة أشهر. وعلى الرغم من أن الخديوي كان يطمح إلى تقديم أوبرا مصرية في افتتاحها، وهي أوبرا "عايدة" التي وضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي، إلا أن الظروف لم تسمح بعرضها في الحفل، ليتم تقديم أوبرا "ريجوليتو" بدلاً منها، وهو الحدث الذي حضره عدد من الشخصيات الملكية البارزة، بما في ذلك الإمبراطورة أوجيني، زوجة نابليون الثالث، وملك النمسا، وولي عهد بروسيا.